سيظل المصريرن لغزا بالنسبة لعدد كبير من حكومات وقيادات العالم ،وما يثير حيرة هؤلاء ان هذا الشعب يستحيل ان يضمن ،أي?، كان حركته أو رد فعله ،أو يتوهم انه يمكنه بوسائل شتي? ،كالمؤامرات أو التمويل، ان يحقق هدفه .. ومما يثير دهشة ،بل ذهول الكثير من المراقبين والمحللين ،"لغز" جمال عبد الناصر وثورة يوليو ،فالتساؤلات تغزو وسائل الإعلام الأجنبية : لماذا تظهر صور عبد الناصر في كل ميادين مصر ،خلال أيام ثورة يناير ،ثم تعود لتُرفع من جديد وبكثافة ،في ثورة يونيو التي لم يعد يشكك في أصالتها و عظمتها سوي جماعة الاخوان ،إذ حتي من ساندوا هذه الجماعة باتوا يسلمون ،بأن يونيو هي ثورة ،بنت ثورة،وليست انقلابا بأي حال من الأحوال ،والأمر الجدير بالتأمل ان صورة أخري، ولأول مرة منذ فبراير عام 2011 ،أخذت مكانا لها بجوار صورة زعيم ثورة يوليو وقائدها جمال عبد الناصر، هي صورة الفريق أول عبد الفتاح السيسي ،والذي امتد بينه وبين جماهير الثورة ،جسر مستقيم ،من القلب الي القلب ،من العقل الي العقل ،من الوجدان الي الوجدان ويمكن ايجازه في تلك العبارة التي صكتها الثورة الأم :الجيش والشعب إيد واحدة .. الشعب يختار من يعبر عنه وقد صدق حدس هذا الشعب المستعصي علي مساعي من يريدون خداعه ،فهو الذي انتظر زعامته ،ومن ثم اختارها واعلن عن اختياره بأجلي صورة وبما لا يدع مجالا لشك أو تشكيك و قد،سقطت الشعارات الزائفة المنحطة ،واخطرها ،"يسقط حكم العسكر" والذي اتضح تماما ان مقصده كان هدم الجيش المصري ،الذي يشكل العامود الفقري لوطن ،كان بدوره في مرمي الأعداء وقد رفعوا كافة معاول الهدم في وجه كل مؤسساته ،من شرطة لقضاء ،للأزهر الشريف ،للإعلام والثقافة ،باختصار لتجريد مصر من أسباب قوتها ،تمهيدا لتقزيمها حتي تتقلص الي دُويلة في دولة الخلافة ،التي كان مخطط لها علي ما يبدو ،وما كشفت عنه مواقف وتصريحات واشنطن وانقرة ومن لف لفهما. وسوف نتذكر علي مدي السنوات وحتي القرون القادمة ،أن رئيسا كان لدينا ،خدعنا طويلا وكذب علينا كثيرا ، قال في حواره مع الفريق السيسي ،وبدون أدني خجل ،أن أمريكا لن تتركههم اذا ما أطيح به !! وبالطبع غاب عن محمد مرسي ان واشنطن قد وضعته في قائمة الراسبين ،بجدارة ،في تنفيذ مهمته لمخططها . وكما سبق و أشرت أسقط الشعب بثورته التي اندلعت باكبر حشد بشري في تاريخ الانسانية ،كل المخططات المعادية ،مشروع الشرق الأوسط الجديد وحتي إحياء الخلافة العثمانية وهو اسم الدلع للاحتلال التركي،وعانت مصر في ظله أسوأ معاناة وقد نست الجماعة بيت الشعر الشهير ،إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد ان يستجيب القدر ! فما بالك بقوي لا تعرف غير التآمر والخداع وهي خصال الجبناء السيسي من ابناء ثورة يوليو التي أكد قائدها ان من لا يملك قوت يومه لا يملك حرية قراره ،وعاتب الذين يستأثرون بكل شئ متسترين بالدين ، بيقولوا ان الفقراء لهم نصيب في الاخرة ،في الجنة ، طيب ما ينفعش يبقي للفقراء نصيب ولو صغيرا في الدنيا ،ينفعكم انتم في الآخرة؟. العدالة الاجتماعية هي اذن الركيزة الاساسية لفلسفة يوليو ،وقد صبر شعب مصر طويلا وهو لا يجد من يحنو عليه كما شعر بذلك السيسي ،فهب يدافع عن حلمه النبيل ،وعلي اعتبار ان المسار قد يتعثر أو ان يأتي من ينحرف عنه ،ولكن التفريط في مكتسبات يوليو أمر مستحيل ،وهو ما اكدته ثورتا يناير ويونيو ،اللتان عبرتا بوضوح انهما خرجتا من رحم الثورة الأم فقالتا بأعلي صوت :عيش حرية عدالة اجتماعية .. لو قرأت جماعات اليمين الديني المتطرف خريطة مصر الوطن والشعب لأدركت ان إرهابها سيسقط ويتحطم علي الصخرة المنيعة ،أي وحدة الجيش والشعب ،وان الاستبداد متسترا بالدين بات مستحيلا وان عداءهم للعدالة الاجتماعية واستمرارهم في الحكم "دونت ميكس"ولدي يقين بان مصر سوف تنفض عنها ما تبقي من غبار الكابوس لتحلق بأجيالها الواعية الي أعلي درجات الرفعة والمجد وعاشت مصر حرة كريمة