اذا كانت الثورة هي التغيير الجذرى للمجتمع للأحسن فى كل الاتجاهات . فهذا يعنى ان اسقاط السلطة او الحكومة او ايقاف العمل بالدستور وحل المجالس النيابية ليس هو الثورة او ان هذا غاية المنال . ولكن هذا هو البداية والخطوة الاولى فى طريق التغيير الثورى . واذا كان الشعب المصرى العظيم على غير عادة التاريخ قد قام بموجتان ثوريتان فى اقل من ثلاثة اعوام واسقط مبارك وبعده مرسى لأنهما كانا مغيبين عن الشعب وبعيدين عن مشاكلة مستهينين بقدرته فاقدين لثقته غير قادرين على كسب مصداقيته باحثين عن مصالحهم الضيقة الذاتية والتظيمية . فأن الظروف الاستثنائية التى يعيشها الوطن والمشاكل المحيطة بالمواطن على مدار الساعة لا تحتمل التجريب المتواصل فالبدائل تقلصت واصبحت محدودة . نعم هناك فارق كبير بين الثورة والاصلاح . فالمجلس العسكرى طنطاوى _ عنان لم تكن له علاقة بالثورة واقصى ما كان يبتغيه هو عملية اصلاحية انتهت بأختطاف الاخوان للثورة وللوطن . نعم بأختيار رئيس المحكمة الدستورية العليا كرئيس مؤقت للبلاد فى المرحلة الانتقاليه فلا علاقة له بالسياسة ولا بالثورة وهذا يعنى ان النظرة الاصلاحية اكثر حضوراً لدية من الطريق الثورى . نعم ان رئيس الوزراء الدكتور الببلاوى بحكم تجربته العملية وعقيدته الاقتصادية فهو لا علاقة له بالثورة واقصى ما يكون لديه هو العملية الاصلاحية خاصة فى الجانب الاقتصادى بحكم تخصصة . نعم لا يوجد تنظيم ثورى ولا طلائع ثورية قادت المشهد الثورى بموجتيه من خلال برنامج ثورى محدد التوجهات معروف المراحل بقدر تلك الشعارات التى رفعت فى 25 يناير وما زالت حتى الان حيث ان الشعب العظيم هو الذى تصدى وتصدر واطلق هذه المشاهد الثورية الغير مسبوقة . نعم المشهد السياسى الحالى بعد اسقاط مرسى ومشروع الاخوان التاريخى والعالمى قد اصبح يخيم عليه استقطاب حاد غير مسبوق يلعب حتى الان بطريقة الانتصار الصفرى اى كل المكاسب او كل الخسائر . نعم المشهد السياسى يشمل كل هذا وكثير ايضا ولكن الاهم هو تلك الارادة الشعبية العظيمة والرائعة التى اصبحت تعبر عن نفسها بطريقة غير مسبوقة فى التاريخ كله . ولذا فهذه الارادة الشعبية الثورية هي الهادى والضامن لطريق الثورة وتحقيقها على أرض الواقع تحقيقاً لاَمال الجماهير العريضة فى الثورة . ولذا تصبح حكومة الببلاوى على موعد مع القدر لكى تحقق الخطوة الاولى فى طريق الثورة الشاملة . وهذه الخطوة تتمثل فى عدة مهام هامة وثورية لا تحتمل اى مساومة او تردد او تأخير . الاولى هي الامن ويتوازى معها المشكلة الاقتصادية . والان قد عادت الثقة مرة اخرى بين الشعب والشرطة وهذا شئ مطلوب ومهم . فقضية الامن منذ 28 يناير 2011 تمثل الخطر الاكبر على الامن والامان والاستقرار السياسى والاجتماعى والاقتصادى . وبلا شك فالشرطة منذ 30 يونيو قد مارست دورها بشكل ملموس . اما المشكلة الاقتصادية بالرغم من تفاقمها وتجذرها من حيث العجز فى الموازنة ومعدلات البطالة وتدهور الانتاج وتراكم الديون وفوائدها وانخفاض احتياطى النقد الاجنبى ولكن الان نحتاج الى حلول ثورية غير تقليدية فى الفكر والابداع والاداء . نحتاج ان تلمس الجماهير وتحس حلا سريعا لمشاكلها اليومية حتى تعود الثقة فى الثورة والوطن وتلتف حول الحكومة لمساندتها مؤجلين ملاحظاتنا عليها اشخاصاً او توجهات . اما اذا لم تقم الحكومة بهذا الانجاز فهنا يكون الخطر الحقيقى على الثورة برمتها . فالمواطن لا يعي السياسة بقدر احساسه بمشاكله . ولا يتعاطى الفكر بقدر ما ينتظر حل مشاكله . وحتى لا نعطى الفرصة للأخر حتى يخترق الجماهير المحتاجة بدغدغة عواطفها الدينية كعادته او بمساعدته الماديه التى تقدم بأسم الله وهم لا يبتغون غير مصلحتهم . الشعب أراد الثورة حتى تصبح مصر لكل المصريين وليس لجماعة تعتبر نفسها اكبر من الوطن واهم من الشعب . حفظ الله مصر وشعبها من كل سوء .