مصر انقلبت على النظام السياسي الذي استمر في الحكم لمدة عام كامل لتبدأ مرحلة جديدة بإرادة شعبية حرة يتولى فيها رئيس الجمهورية الجديدة الحكم خلال المرحل الانتقالية فئ ظل معاناة الاقتصاد الوطني من تراجع مؤشراته. فخلال العام الماضي واجه الاقتصاد العديد من التحديات والتي أثقلت كاهله منها تراجع عائدات قناة السويس والسياحة وانخفاض الاحتياطي النقدي وارتفاع عجز الموازنة والدين المحلى والخارجي وزيادة معدلات الفقر والبطالة. وقال العديد من خبراء الاقتصاد، "إنه في ظل تحقيق الاستقرار السياسي والأمني والتوافق الوطني سيكون من السهل على الاقتصاد المصري الخروج من عنق الزجاجة"، مشيرون إلى إمكانية حصول مصر الآن على قرض صندوق النقد والبالغ 4,8 مليار دولار والذي يعتبر بمثابة شهادة لها بأن اقتصادها الوطني أصبح متعافيا. ويرى الدكتور أشرف العربي، وزير التخطيط والتعاون الدولي السابق أن الوضع الاقتصادي المصري خلال المرحلة الجديدة يتطلب رسم خارطة طريق واضحة للاستثمار في ظل الاستقرار السياسي الحالي والذي سيساعد على عمل برنامج إصلاح اقتصادي محدد يتضمن توافق جميع الأطراف السياسية عليه. وأوضح العربي أن البرنامج لابد أن يكون محدد المعالم لمعرفة كيفية التعامل مع التحديدات الاقتصادية الموجود حاليا للتصدي لمشكلة عجز الموازنة والعمل على رفع الاحتياطي النقدي الأجنبي والقضاء على ارتفاع معدلات البطالة والفقر. وأشار إلى أن النظام السياسي الجديد سيستفيد من التجارب في الفترة الماضية وسيشجع العمل على زيادة الاستثمارات المحلية والخارجية فى جميع القطاعات وعلى رأسها السياحة والصناعة والتشييد والبناء وذلك لدفع عجلة الإنتاج. ومن جانبه، رأى الدكتور ماجد عثمان وزير الاتصالات الأسبق أنه عقب الاستقرار السياسي وعودة الوضع الأمني إلى الشارع المصري سيتحسن الوضع الاقتصادي على المستوى المحلى وسيعود الاستثمار وسيتم فتح العديد من المصانع الجديدة. وأشار إلى وجود تحدى أمام مصر الآن في رؤية العالم الخارجي للثورة المصرية على اعتبار أنها انقلاب عسكري وأنها ضد الشرعية والذي سيصبح عائقا أمام المعونات والمنح الخارجية. وأشار إلى ضرورة قيام رئيس الجمهورية على طمأنة الدول الخارجية أن الثورة المصرية جاءت نتيجة واستجابة للإرادة الشعبية وليست انقلاب عسكري مع تشكيل حكومة ممثلة من جميع أطياف المجتمع دون استقصاء لأحد و إرساء مبادئ الديمقراطية. ولفت إلى إمكانية حصول مصر على قرض الصندوق النقد الأجنبي إذا أظهرت الحكومة أداء جيدا في تحديد رؤية اقتصادية واضحة خلال المرحلة المقبلة. ومن جانبه، أوضح الدكتور رشاد عبده رئيس منتدى البحوث الإستراتيجية والاقتصادية إن حصاد عام من تولى الرئيس محمد مرسي هو ارتفاع عجز الموازنة العام للدولة إلى 220 مليار جنيه بزيادة 50 مليار جنيه عن العام الماضي وزيادة الدين المحلى بمقدار 259 مليار جنيه ليصل إلى 1408 مليار جنيه، وارتفع الدين الخارجي إلى 45 مليار دولار بزيادة بلغت قدرها 11 مليار دولار. وأضاف عبده أن الاحتياطي النقدي وصل إلى 15,5 مليار دولار منهم 11,5 مليار دولار ودائع ممثلة في 3 مليارات دولار سندات و4 مليارات دولار ودائع قطرية و2 مليار دولار وديعة ليبية و2 مليار دولار وديعة سعودية وتركية ونصف مليار دولار من بنك التنمية الإسلامي. وأشار إلى أن معدلات البطالة ارتفعت بنسبة 3% لتصل إلى 13,6% كما ارتفعت أسعار صرف الدولار أمام الجنيه المصري من 6,06 جنيه إلى 7,04 جنيه فضلا عن تخفيض التصنيف الائتماني لمصر 4 مرات لتصل إلى "سى" والذي يشير إلى أننا دولة على وشك الإفلاس بجانب خروج استثمارات أجنبيه من مصر تقدر ب14 مليار دولار و زيادة أسعار جميع السلع والخدمات. ونوه إلى تراجع تصنيف مصر في مؤشر الشفافية من المركز 98 إلى 121 عالميا والذي يشير إلى زيادة الفساد فضلا عن استعانة الحكومة السابقة بكوادر اقتصادية في بعض الوزارات ليست لديها كفاءة وتفتقد إلى الخبرة في مجال عملها. ورأى الدكتور رشاد عبده رئيس منتدى البحوث الإستراتجية والاقتصادية انه لابد أن تكون المجموعة الوزارية الاقتصادية في الحكومة الجديدة قوية تتضمن خبراء في المجالات الاقتصاد مع العمل على تغير السياسات المالية والاقتصادية القديمة ورسم خطط قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى والعمل على وضع تشريعات قانونية واقتصادية لتهيئة المناخ الاستثماري وجذب الاستثمار إلى السوق المصري وتدعيم المستثمرين. ولفت إلى ضرورة بث رسائل من الرئيس الجديد وأعضاء الحكومة للمستثمرين بان ما حدث بمصر هو نتائج لإرادة ومطالب شعبية وليس انقلابا عسكريا مع وقف الصراعات بين الأحزاب المختلفة وتذكيرهم ان الوطن عبارة عن كيان واحد، مشيرا إلى ضرورة عقد جلسات مع اتحاد العمال والنقابات لوقف المظاهرات والمطالب الفئوية لمدة عام على الأقل وذلك لزيادة الإنتاج. وأعرب رئيس منتدى البحوث الاقتصادية عن تفاؤله بإمكانية قيام صندوق النقد الدولي بإعطاء مصر القرض والبالغ قيمته 4,8 مليار دولار خلال المرحلة الجديدة في ظل استقرار الأوضاع السياسية ووجود توافق بين الأحزاب، موضحا أن الصندوق الآن في فترة أجازة حتى شهر سبتمبر المقبل وخلال تلك الفترة تستطيع الحكومة المصرية العمل على رفع مؤشراتها الاقتصادية ووضع خطة اقتصادية قوية. وأشار الدكتور هشام إبراهيم أستاذ التمويل بكلية التجارة جامعة القاهرة إلى انه أصبح أمام مصر فرصة سانحة في ظل الاستقرار السياسي بتشكيل ملف اقتصادي قوى يتضمن رؤية وذلك من خلال عقد مؤتمر اقتصادي يشارك فيه جميع أطياف المجتمع دون استقصاء أية فئة أو فصيل سياسي يتم تحديد جميع المشكلات وكيفية العمل على حلها للخروج من المرحلة الراهنة. وأشار إلى ضرورة النظر إلى الملفات الاقتصادية التي بدأتها الحكومة السابقة والبناء على النقاط الايجابية التي تركتها وليس العودة إلى نقطة الصفر مشيرا إلى وجود بعض الملفات الجيدة التي من الأفضل استكمالها كملفات دعم الطاقة والقمح والكهرباء والصناعة.