كتب الروائي الدكتور يوسف زيدان على صفحته بوقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" تحت عنوان "الرسالة الأخيرة إلى الرئيس مرسى" معلقاً على الخطاب الذي ألقاه الرئيس محمد مرسي مساء أمس جاء فيها: لطالما قال الأوائلُ "رَحِم الله مَن أهدى إلينا عيوبنا " مؤكّدين المعنى العميق لعبارة الخليفة عُمر ، فما بالك تقلب بأحوالك القول فتجعله " رَحِم الله مَن صفّق لنا، و هلّل " . . اعلمْ أن المهلّلين لك لن يجعلوا الباطل حقاً و لن يقلبوا الأوهام صِدقاً، مهما صفّقوا لك و تهتّكوا فى مغازلتك على الملأ . و قد امتلأ قلبُ مصر مرارةً، و ما عاد يُجدى مع تدهور الأحوال إلا الجادُّ من النوايا و الأقوال و الأفعال . يخاطب زيدان الرئيس قائلاً: نعم ، لكَ بعضُ الأعمال الجيدة التى تمّت خلال العام المنصرم ، لكنها قليلةٌ جداً ، و مجروحةُ النتائج بآثار بأخطائك الفادحة التى ذكرتها على هونٍ ، للتهوين من شأنها العظيم . فقد ذكرتَ " فقط " أنك أخطأتَ فى تولية الأمور لإخوانك الإخوان المؤهّلين للولاية ، كى تعوّضهم عن الظلم الذى لقيهم قبل ثورة يناير . . فاعلم أنهم فى حقيقة الحال ليسوا مؤهّلين، و أن تعويضهم بتوزيع المناصب عليهم ليس العلاج، و أن أخطاءهم فى تسيير الأمور تُحاسب أنت عليها مثلما يُحاسبون. يواصل: رُحتَ فى خطابك الأخير تُجرّح المجروحين، و تهاجم المجهولين، كأنك بذلك تُعفى نفسك من المحاسبة و تستبقى السلطة فى يدك إلى حين . و ما ذاك بالنهج السليم . ثم ارتجلتَ فتجاوزتَ ، و تبسّطتَ فتسطّحتَ، و تلاطفتَ فتساخفتَ. و هذا كله غير مقبول ممن كان فى موقعك . . فدعكَ من معسول الكلام ، و مهول التهديد ، فهذا العسلُ مُرٌّ و ذاك التهديدُ ما عاد يفيد . و نصيحتى الأخيرة لك ، فى رسالتى الأخيرة إليك - يواصل زيدان - عليكَ اليوم ، و ليس غداً ، إسكاتُ أصوات الإرهابيين المهدّدين مخالفيك و معارضيك ، و كفُّ نعيق التافهين الناطقين نيابةً عنك و المدافعين عنك بالحق و بالباطل . فالإرهابُ مكرٌ يتمُّ أثرُه المخزى فى الظلام و الليالى الحالكة، و لا تأثير له إذا استعلن فى وضح النهار إلا انهيار ناطقيه، مهما هدّدوا الناس بالويلات أملاً فى رضوخهم و الانصياع . . فقد مضى زمانُ هذا التهويل، و هذه الخسّة فى الخطاب. وعليكَ اليوم ، و ليس غداً ، إبعاد الفاشلين من وزرائك و محافظيك و معاونيك الإخوان و المتأخونين، فقد ظهر واضحاً أنهم عاجزون عن تسيير الأمور، و أن تنصيبهم على الرقاب كان أصلاً من فادح الأخطاء . وثق بأن الناسَ فى مصر لن تقبلهم ، و لن تقبلك إذا استمسكت بحبالهم الواهية . . و قد مضى زمانُ العناد ، و عرف المعاندون بؤسَ المصير الذى ينتظرهم . و عليكَ اليوم ، و ليس غداً ، إدراك أن الخراب إذا وقع " لا قدّر الله " فسوف يُلحق الحاكمُ بالمحكومين ، و يحرق بناره الجميع من أسافل و عالين . فلا تبيع الآجل لتشترى العاجل ، و دَعْ عنك التعلُّل بأعداء الثورة لتبرير الأخطاء و الخلل ، و اسرعْ إلى العمل الصائب بتقليل سلطة عشيرتك الأقربين ، و توسيع رقعة القبول لمعارضيك . . فهؤلاء المعارضون معظمهم مخلصٌ فى سعيه ، و هم مثلك مصريون ، و يستحقون تقديرك لا انتقامك . و أخيراً . . قد قلتُ مراراً إننى لا أحبك و لا أكرهك ، و إننى لا أنتظرُ منك خيراً و لا شرّاً ، و إننى لن أهلّلُ لك يوماً و لن أهابك . لكننى ، و مهما كنتُ أعافُ أسلوبك فى إدارة الأمور ، فإن الواجب علىّ أن أتحدّث إليك و أنصحك لوجه الله و الوطن ، لعلك تستجيب . . و قد فعلتُ .