وجه الدكتور يوسف زيدان الكاتب والمؤرخ في تدوينة مطولة بعنوان الرسالة الأخيرة للرئيس محمد مرسي جاء فيها :"لطالما قال الأوائلُ " رَحِم الله مَن أهدى إلينا عيوبنا " مؤكّدين المعنى العميق لعبارة الخليفة عُمر ، فما بالك تقلب بأحوالك القول فتجعله " رَحِم الله مَن صفّق لنا ، و هلّل " . . اعلمْ أن المهلّلين لك لن يجعلوا الباطل حقاً و لن يقلبوا الأوهام صِدقاً ، مهما صفّقوا لك و تهتّكوا فى مغازلتك على الملأ . و قد امتلأ قلبُ مصر مرارةً ، و ما عاد يُجدى مع تدهور الأحوال إلا الجادُّ من النوايا و الأقوال و الأفعال . وأضاف زيدان: نعم ، لكَ بعضُ الأعمال الجيدة التى تمّت خلال العام المنصرم ، لكنها قليلةٌ جداً ، و مجروحةُ النتائج بآثار بأخطائك الفادحة التى ذكرتها على هونٍ ، للتهوين من شأنها العظيم . فقد ذكرتَ " فقط " أنك أخطأتَ فى تولية الأمور لإخوانك الإخوان المؤهّلين للولاية ، كى تعوّضهم عن الظلم الذى لقيهم قبل ثورة يناير . . فاعلم أنهم فى حقيقة الحال ليسوا مؤهّلين ، و أن تعويضهم بتوزيع المناصب عليهم ليس العلاج ، و أن أخطاءهم فى تسيير الأمور تُحاسب أنت عليها مثلما يُحاسبون . و قد رُحتَ فى خطابك الأخير تُجرّح المجروحين ، و تهاجم المجهولين ، كأنك بذلك تُعفى نفسك من المحاسبة و تستبقى السلطة فى يدك إلى حين . و ما ذاك بالنهج السليم . ثم ارتجلتَ فتجاوزتَ ، و تبسّطتَ فتسطّحتَ ، و تلاطفتَ فتساخفتَ . و هذا كله غير مقبول ممن كان فى موقعك . . فدعكَ من معسول الكلام ، و مهول التهديد ، فهذا العسلُ مُرٌّ و ذاك التهديدُ ما عاد يفيد . وتابع:" نصيحتى الأخيرة لك ، فى رسالتى الأخيرة إليك : عليكَ اليوم ، و ليس غداً ، إسكاتُ أصوات الإرهابيين المهدّدين مخالفيك و معارضيك ، و كفُّ نعيق التافهين الناطقين نيابةً عنك و المدافعين عنك بالحق و بالباطل . فالإرهابُ مكرٌ يتمُّ أثرُه المخزى فى الظلام و الليالى الحالكة ، و لا تأثير له إذا استعلن فى وضح النهار إلا انهيار ناطقيه ، مهما هدّدوا الناس بالويلات أملاً فى رضوخهم و الانصياع . . فقد مضى زمانُ هذا التهويل ، و هذه الخسّة فى الخطاب. و عليكَ اليوم ، و ليس غداً ، إبعاد الفاشلين من وزرائك و محافظيك و معاونيك الإخوان و المتأخونين ، فقد ظهر واضحاً أنهم عاجزون عن تسيير الأمور ، و أن تنصيبهم على الرقاب كان أصلاً من فادح الأخطاء . وثق بأن الناسَ فى مصر لن تقبلهم ، و لن تقبلك إذا استمسكت بحبالهم الواهية . . و قد مضى زمانُ العناد ، و عرف المعاندون بؤسَ المصير الذى ينتظرهم . و عليكَ اليوم ، و ليس غداً ، إدراك أن الخراب إذا وقع ” لا قدّر الله ” فسوف يُلحق الحاكمُ بالمحكومين ، و يحرق بناره الجميع من أسافل و عالين . فلا تبيع الآجل لتشترى العاجل ، و دَعْ عنك التعلُّل بأعداء الثورة لتبرير الأخطاء و الخلل ، و اسرعْ إلى العمل الصائب بتقليل سلطة عشيرتك الأقربين ، و توسيع رقعة القبول لمعارضيك . . فهؤلاء المعارضون معظمهم مخلصٌ فى سعيه ، و هم مثلك مصريون ، و يستحقون تقديرك لا انتقامك . و أخيراً . . قد قلتُ مراراً إننى لا أحبك و لا أكرهك ، و إننى لا أنتظرُ منك خيراً و لا شرّاً ، و إننى لن أهلّلُ لك يوماً و لن أهابك . لكننى ، و مهما كنتُ أعافُ أسلوبك فى إدارة الأمور ، فإن الواجب علىّ أن أتحدّث إليك و أنصحك لوجه الله و الوطن ، لعلك تستجيب . . و قد فعلتُ .