مصطفى حجازي: 30 يونيو يوم رد الأمانات لأهلها واسترداد الوطن تركيبة المجتمع المصري ترفض الحرب الأهلية لسنا في صراع سياسي بل صراع بين ماض قديم ومستقبل يتشكل دولة المماليك لن تعود والمصريون لا يقبلوا دولة الجباية أكد دكتور مصطفى حجازي الكاتب والمفكر الاستراتيجي أن في 30 يونيو القادم لسنا بصدد مماحكة أو كيد سياسي، بل في مقام العودة لأصل الأشياء، فما حدث ان هناك إرادة شعبية تم التدليس باسمها ولم تصان الأمانة التي أعطاها الشعب للسلطة سواء في تشكيل التأسيسية أو الدستور أو الانتخابات او غيره، والآن هو وقت رد الأمانات إلى أهلها والعودة إلى الحق واسترداد الوطن. ولفت إلى أن نجاح حركة تمرد جاء نتيجة ابتكارهم أساليب منجزة ووسائل جديدة، مشيراً إلى أن الحركة طبعت صفحات بيضاء لكن كتاب الغضب سطره جموع المصريين. قائلاً أن المصريين استفاقوا ولا يمكن ابتزازهم عن طريق الحديث عن مؤامرة، بل يمكن توحيدهم خلف هدف او حلم. جاء ذلك خلال ندوة عقدها حجازي مساء أمس واستضافها المعهد المصرى الديمقراطى حول " أزمة البلاد فى الوضع الراهن واستراتيجيات الخروج منها". وقال حجازي أن في 30 يونيو لا توجد إجابة نموذجية، فليس هناك ما يسمى بال"اوائل في ثورات الشعوب"، بل نحن بصدد لحظة انتقالية، قائلاً ان من يخشى الفراغ أجيبه بان هناك بيروقراطية تملأ هذا الفراغ حتى يتم اختيار بديل وهذه البيروقراطية هي القضاء، الجيش، البنك المركزي والزعامات الروحية التي تسير بها الدولة، قائلاً أننا بصدد لحظة مراجعة حقيقية تاريخية لا تحتمل المكابرة، من أجل مجتمع مصري خالي من المشاحنات والضغائن، مؤكداً أنه لا احد يستطيع الانتصار على شعب. وبسؤاله عن توقعه لحرب اهلية قال أنه لا يتوقع حدوثها لأن الشعب المصري بتركيبته يرفض هذا، ولفت إلى أنه من الأخطاء التي نرتكبها أننا إزاء لحظات فارقة مثل 30 يونيو نكون معنيين فقط باللحظة دون النظر لأبعد من ذلك، مشيراً إلى ان ذلك معضلة مصرية بامتياز لا علاقة لها بالثورة. وعدّد الخبير دولي فى كلٍ من مجال التطور المؤسسى، الإستشارات الاستراتيجية د.مصطفى حجازي مجموعة أخطاء نرتكبها حين نتعامل مع 30 يونيو، أول هذه الأخطاء هي أننا نتعامل مع الواقع باعتبار أننا أمام صراع سياسي وهذا ليس حقيقياً، الأصل لدينا وجود صراع مبدأي قيمي بين ماضي موجود ومستقبل يتشكل وهو صراع يؤكد حجازي حسمه لصالح المستقبل لأن هذا قدر، فالمستقبل لا يمكن بناءه على هياكل العصر القديم. وأكد الخبير الاستراتيجي أن أحد عوامل فشل حكم الإخوان على مدار عام ليس حداثتهم بالسياسة والحكم، بل لأنهم يحاولون استخدام سياسة قديمة ومحاولة تطبيقها على شعب جديد، ولأن جزء من تركيبتهم العقلية غير متجانسة مع الواقع الجديد. مشيراً إلى أن كل التقليدي قد انتهى عهده، ونحن نننتقل من زمن إلى آخر وليس من سلطة لأخرى. ووصف حجازي ما نعيشه في مصر الآن بأنه موجة غضب وثورة أخرى أو زلزال محتمل الحدوث، لافتاً إلى ان ما يفرق 30 يونيو عن 25 يناير 2011 هو أن الغضب الحالي انتاب قطاعات أوسع بكثير وغير مسيسة ولا تؤمن بما تقدمه الأحزاب من أسماء ورموز سياسية. ولفت إلى وجود محنتان خلال 25 يناير، زالت منهم محنة نسبياً وهي محنة الهوية فقد حسمت لصالح المصرية الجامعة خلال العامين الماضيين، وقد استعيد معنى الوطن، وهناك محنة أخرى نعيشها لم تنته بعد هي محنة الأهلية ويقصد بها الكفاءة وأن يوسد الأمر لأهله. وأكد حجازي ان طاقة الغضب طالت جموع المصريين، لافتاً إلى أن الفترة القادمة سيكون لمؤسسات الحكم المدني والأهلي دوراً مهماً في تقديم حلول وبدائل. قائلاً إذا تولى الحكم أحد رموز التيار المدني كان سيثير الغضب أيضاً، لأن المشكلة في كيفية الإدارة وليس من يحكم، مؤكداً ان الانتقال في 30 يونيو سيكون من التقليدي إلى غير التقليدي، لذلك من يعرف كيف يطور آلياته ويبتكر حلول جديدة هو من سيقود مصر أما من سيرسخ للتقليدي سينتهي. وأكد على أنه لن تقوم دولة مماليك في مصر، ويقصد بها أن يخدم أصحاب الكفاءة طبقة معينة فقط هي طبقة الحكم مثلما كان يفعل مبارك، فالمصريون يرفضون دولة الجباية بل ستقوم معايير القيادة على الكفاءة، ولفت إلى انه بعد طوي صفحة الماضي - بشكل لا يقصد به إزاحة تيار أو فصيل بل يقصد به إعادة التمركز في المجتمع - سيرحب المجتمع بهذا الفصيل إذا اندمج في المجتمع بشروط المستقبل على حد قوله. وبسؤاله عن إذا كان الوقت يتسع لتقديم الرئيس مرسي لمبادرات او تنازلات من سبيل إقالة الحكومة أو غيرها، قال أن هذا غير مجدي وغير مقبول فقد سقط الرئيس منذ الإعلان الدستوري، وعلى فصيل الرئيس ومن يؤيده مراجعة حديث النبي صل اله عليه وسلم أن من وسد الأمر لغير أهه فقد خان الله ورسوله. مطلوب من المصريين أن يستفيقوا، وأن يعودوا إلى الوطن، كما يقول الخبير الاستراتيجي، مذكراً بما قاله في 5 يونيو 2012 بأن هذا هو وقت حل تنظيم الإخوان، لأن عقلية التنظيم تفرض أن كل من خارجه هو عدو، وبالتالي فكل مؤسسات الدولة هي عدو للنظام من وجهة نظر الإخوان، لافتاً إلى ان التنظيمات حين تفسد تعادي شعبها ومؤسساتها. وطالب حجازي بأن تنزع اللسياسة عن مصر لمدة عام، ليس بمعنى إغلاق الأحزاب بل أن يكون معيار الأهلية والكفاءة هو المقدم على أية اعتبارات أخرى، بصرف النظر عن الانتماءات السياسية. ولفت إلى أنه واهم من يفترض انه بإمكانه مفاوضة الزلزال او توجيهه أو معرفة إلى أين سيذهب، فالحكمة تفترض ان نتقي شر الزلزال وننتظر حتى ينتهي ثم نتعامل مع الواقع الذي خلّفه، لذلك كل من في قمم السلطة حالياً عليهم الانتظار لمعرفة ما الذي يقرره الزلزال ومن ضمن اشتراطات الزلزال أنه لا يمكن البناء على ركام، بل سيملي علينا اشتراطات تتجاوز كافة السياسيين لأن الواقع تجاوزهم بالفعل، ليس هذا من باب إقصاء الساسة على حد قوله بل من باب إفساح المجال للكفاءة والأهلية. واعتبر أن مصر بصدد تبديل نسق معرفي بآخر، قائلاً: أتحدث عن إنشاء مؤسسة سياسية جديدة بأفكارها وأدائها قائمة على ملفات تهم الناس وحياتهم، لافتاً إلى ان الحديث تجاوز الشرعية، لأن الشرعية هي الإرادة الشعبية، مؤكداً ان معايير القيادة بعد 30 يونيو لن تكون الانتماء الأيديولوجي. واعتبر أن الحديث عن أن بديل نظام الإخوان هو عودة نظام مبارك، أو فكرة "الفلول يتحدون" هراء، قائلاً نحن أكثر أنواع البيروقراطيات جحوداً فحين يأتي رئيس يمحو آثار من قبله، لذلك لن يقبل أحد بعودة النظام القديم، ومن تقلد الحكم لن يقبل أن يعود مرؤوساً من جديد.