لم تلبس أزمة السولار أن تنتهي, فسرعان ما عادت من جديد لتجر في أذيالها طوابير على محطات الوقود، مشاجرات بين السائقين ، تكدس في الطرقات ، ازدحام مروري ، ارتفاع في تكاليف النقل ، وتكون حصيلة هذه المشاكل معا هو ارتفاع في أسعار المنتجات والسلع التي يشتريها المواطنون . وصرح الدكتور حسام عرفات، رئيس شعبة المواد البترولية بالإتحاد العام للغرفة التجارية ، أن الشارع المصري يحتضر بسبب أزمة السولار التي لم تنته منذ 150 يوما ، فعلى الرغم من الهدوء النسبي الذي ساد أجواء القاهرة إلا أن المشكلة كانت موجودة في المحافظات والوضع سيء ، قائلأ : " رغم تصريحات وزير البترول الجديد فور توليه الوزارة بأنه لن يكون هناك طوابير على محطات الوقود والوعود بالقضاء على أزمة السولار إلا أن الوضع أصبح أكثر سوءا ولم يتحقق أي من هذه الوعود ". وأشار عرفات إلى أن نقص المعروض والآليات الخاطئة للحكومة أدت إلى خلق السوق السوداء ، موضحا أن مشروع كوبونات دعم البنزين الذي أعلنت عنه الحكومة مؤخرا لن يتحقق لأن المشكلة تكمن في أن المنتج نفسه به نقص في كمية المعروض . وأوضح أنه لا يوجد أرقام حكومية معلنة عن حجم الاستيراد أو الإنتاج المحلي للسولار ، وإنما مجرد تكهنات تؤكد أن حجم الاستيراد تخطى حاجز ال 50% على الرغم من أنه كان يتردد من قبل أن حجم إنتاجنا 75% والاستيراد 25% فقط ، مطالبا المسئولين بالإعلان عن الأطروحة الحقيقية من السولار والمستهدف لكل محافظة ، لافتا إلى أن السعر بمحطات الوقود لا يمكن أن يزيد عن 110 قرش ولا يمكن التلاعب فيه ، إلا أن الأسعار بالسوق السوداء لا يمكن تحديدها لأنها عرض وطلب . وتوقع عرفات أن الحكومة إن لم تتخذ إجراءات احترازية وتدابير للوصول إلى حل يرضي جميع الأطراف فستظل الأزمة مستمرة حتى بعد عيد الفطر ، بل ستتفاقم وتتزايد في الأسبوع الأخير من شهر رمضان ، موضحا أننا حاليا في نهاية سنة مالية وبالتالي لا توجد مخصصات مالية ، وبالنسبة لمبلغ ال 200 مليون دولار الذي أعلن عنهم الدكتور هشام قنديل ، رئيس مجلس الوزراء ، الأسبوع الماضي للمنتجات البترولية لا يعرف أحد حتى الآن هل سيتم تخصيصهم للمازوت لحل مشكلة الكهرباء أم سيتم تخصيصهم للسولار لتسيير الحركة بالشوارع. وأكد أن الحكومة بالتأكيد ستولي اهتماما أكبر للكهرباء بسبب موسم الصيف ، كما أن المخصصات المالية الجديدة التي سيتم طرحها في أول يوليو القادم ستأخذ وقت حتى تدخل في حيز التنفيذ وبمجرد دخول شهر رمضان ستزيد الأحمال وستكون النتيجة النهائية أن مشكلة الكهرباء ستأخذ أيضا اهتماما أكبر في أولويات الحكومة وسيأتي ذلك على حساب السولار مرة أخرى ، وبهذا يمكن القول أنه طالما يود مشكلة في الكهرباء لن تحل مشكلة السولار . وألمح أن الحكومة يجب أن تتخذ حزمة من الإجراءات تتمثل في التنسيق مع الجهات المعنية المختلفة المتمثلة في شعبة المواد البترولية لما لديهم من خبرة واسعة في هذا القطاع ويمكنهم مساعدة الحكومة في إيجاد حلول للأزمة والتكاتف معا من أجل الوصول إلى حل سريع وفعال ، كذلك يجب على الحكومة تحديد أولوياتها وترتيبها بكل شفافية وموضوعية ومصداقية. ومن جانبه قال أحمد الزيني ، رئيس شعبة مواد البناء وشركات النقل الثقيل بالاتحاد العام للغرف التجارية ، إن الحكومة قد وعدت من قبل وعدت بحل أزمة السولار ولكنه لم يحدث شئ ، وللأسف يلجأ سائقو النقل للحصول على السولار من السوق السوداء بمبلغ أكبر من الذي يباع به في محطة الوقود لدرجة تصل إلى الضعف ، حتى لا يتوقفون عن العمل ، مما ينعكس على أسعار السلع النهائية التي تصل إلى المستهلك . ومن ناحية أخرى كشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في تقرير أصدره شهر مايو الماضي أن أزمة السولار التي تواجدت خلال الفترة الماضية أثرت بدورها على ارتفاع أسعار نقل البضائع المختلفة، ما أدى إلى زيادة أسعار الخضراوات بنسبة 4.8%، والحبوب بنسبة 9.1%، والأسماك بما نسبته 8.2%، واللحوم 1.1% . وأشار إلى زيادة أسعار الطعام والشراب خلال أبريل الماضي بنسبة 8.2% مقارنة بشهر مارس لتسجل 9.152 نقطة ، كما ارتفع معدلها على أساس سنوي ليصل 7.9% مقارنة بأبريل 2012. وفي تقرير اقتصادي صادر عن الغرفة التجارية بالجيزة لشهر أبريل أكد أن نقص السولار وما تبعه من احتجاجات ومشاجرات في محطات التموين و ارتفاع تكاليف النقل كان من أهم العوامل التي أدت إلى ارتفاع أسعار السلع ، فعلى سبيل المثال مازالت أسعار اللحوم مرتفعة عند مستويات الأشهر الماضية حيث تباع اللحوم الحمراء الطازجة بسعر يتراوح ما بين 62 -65 جنية للكيلو في غالبية المناطق الشعبية وتصل لحوالي 75 جنيه للكيلو في المناطق الراقية أو المميزة . كما شهدت أسعار الدواجن الحية خلال الفترة الأخيرة عدة ارتفاعات متتالية في أسعارها ، حيث وصل سعر الدواجن البيضاء الحية ل 19 جنية للكيلو للمستهلك النهائي وبلغ سعر الكيلو في المزارع حوالي 15 جنية . كذلك واصلت أسعار الأسماك ارتفاعها خلال شهر ابريل 2013 حيث ارتفع سعر السمك البلطي ما بين 16 -18 جنية لأفضل الأنواع . جدير بالذكر أنه قد أعلن مؤخرا شريف هدارة ، وزير البترول ، أن مصر ستبدأ العمل بالبطاقات الذكية (الكوبونات) للبنزين والسولار على مرحلتين منفصلتين، في اتجاه لترشيد دعم الطاقة ، موضحا أن المرحلة الأولى ستبدأ في شهر يوليو المقبل ، وسوف تقتصر على محطات البنزين والمستودعات ،أما المرحلة الثانية ستتضمن توزيع الكوبونات على مالكي السيارات، وذلك عقب إنشاء قاعدة بيانات لكل السيارات الموجودة في مصر . وأشار وزير البترول إلى إن بيع الوقود خارج البطاقة الذكية سيكون بسعر التكلفة وليس بالسعر الحر ، موضحا أن دعم المواد البترولية في الموازنة العامة الجديدة للدولة ، والمعروضة على مجلس الشورى حاليا تمهيدا لإقرارها تصل نحو 100 مليار جنيه ، من أصل نحو 200 مليار مخصصة لبند الدعم والمزايا الاجتماعية .