«السائقون»: ضاق بنا الحال.. و«جركن السولار» وصل 40 جنيهًا د. عادل عامر: تسببت بشل قطاعات النقل والمخابز.. و3 مليارات دولار لاستيراد السولار «الغرفة التجارية»: نسبة العجز تصل إلى 35%.. ونحتاج 40 مليون لتر يوميًّا لحل الأزمة د. أحمد السيد النجار: ضرورة إلغاء الدعم المقدم للشركات الأجنبية فى مصر تتواصل أزمة نقص السولار فى السوق منذ أكثر من شهر؛ فقد شهدت محطات تموين السيارات زحاما شديدا بعد أن أعلنت غالبيتها عن عدم توافر السولار، وامتدت طوابير السيارات على مسافات طويلة تخطت كيلو مترين؛ الأمر الذى تسبب بأزمة مرورية بالشوارع ورواج ل«السوق السوداء»، وأثر فى عمل المخابز بعد نقص كميات السولار المخصصة لتشغيلها. وتأتى أزمة السولار قبل شهر تقريبا من بداية موسم حصاد القمح فى نهاية مارس المقبل، الذى يتضاعف خلاله الطلب على السولار، فى وقت أعلنت فيه وزارة البترول عن بدء تطبيق نظام «كروت الوقود» فى أقرب وقت؛ للحد من الأزمة. التقت «الشعب» سائقين عبروا عن غضبهم ومعاناتهم الكبيرة بسبب الأزمة، مطالبين الحكومة بسرعة حلها، كما استُطلعت آراء خبراء الاقتصاد والمهتمين بالشأن البترولى حول الأسباب الحقيقية لظهور الأزمة واختفائها من حين إلى آخر؛ إذ أرجعوها إلى نقص العملة الصعبة لاستيراد السولار، وإلى انتشار ظاهرة السوق السوداء وعدم وجود رقابة فعالة على توريد الوقود إلى المحطات. فى البداية، قال رمضان العربى (سائق بالجيزة) إنه لم ير مثل هذه الأزمة الطاحنة من قبل؛ لأنها طالت وأصبحت مملة، ويستولى البلطجية على السولار والبنزين عنوة من داخل المحطات وتحت مرأى الجميع. ويصل الأمر فى بعض الأوقات إلى قتل بعضهم بعضا، مشيرا إلى أن «جركن السولار» تخطى ثمنه 30 جنيها، مخلوطا بالمياه؛ ما يتلف السيارات. وعبر إيهاب على (سائق آخر) عن غضبه الشديد من الأزمة، متسائلا: «كيف يصل (جركن السولار) إلى 40 جنيها ونحن ندفع أيضا أرضية 5 جنيهات للموقف؛ فهذا لا يرضى أحد، ولا أمن فى محطات البنزين، فتحدث عمليات الضرب بين البلطجية؛ مما يضطر صاحب محطة البنزين إلى التمويل لمن يقومون بعمليات البلطجة؛ لأنهم يرفعون الأسلحة البيضاء والمطاوى عليهم». قال محمد (سواق ميكروباص): «اتخنقنا من نقص السولار، ولا ضابط شرطة يؤمن المحطات، فنظل يوما كاملا من أجل الحصول على دورنا فى الصف الذى يمتد إلى عدة كيلومترات»، مشيرا إلى أنه ذهب إلى أكثر من محطة بداية من المقطم إلى عين الصيرة ولم يجد بها السولار، مضيفا: «نريد أن يخرج مسئول ليقول لنا الأسباب؛ ففى السابق كانوا يقولون إن السولار كان يُلقى فى الصحراء. أما الآن فما السبب؟!». تطوير النقل النهرى وعلق د. عادل عامر الخبير الاقتصادى ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية، قائلا إن أزمة السولار ترجع إلى رواج السوق السوداء؛ حيث يخزن بعض التجار هذه المواد وينتظرون حتى يرتفع ثمنها ثم يبيعونها؛ إذ يتوجه هؤلاء التجار إلى محطات البنزين لشراء كميات أكثر من احتياجاتهم. وأشار «عامر» إلى أن الأزمة تتصاعد يوما بعد آخر؛ فقد وصل «جركن السولار» إلى 40 جنيها بالسوق السوداء فى بعض الأماكن، مؤكدا وجود تراخى من الحكومة، خاصة ضعف رقابة مباحث التموين، بالإضافة إلى التناقض فى كلام المسئولين عن الأزمة؛ فبعضهم يشير إلى تضاعف كميات الاستهلاك، وبعضهم أفادوا بأن فى السولار عجزا، فيحدث تزاحم ومشادات بين السائقين. وألمح الخبير الاقتصادى إلى أن الأزمة تسببت بشل قطاعات النقل والمخابز وغيرها، وأهدرت آلاف ساعات الإنتاج وملايين الجنيهات على الاقتصاد المصرى؛ إذ تعطل العمال ساعات كثيرة فى الوقوف فى الطوابير انتظارا للحصول على الوقود. وقال «عامر» إن هناك عدة سبل للخروج من الأزمة؛ أهمها تطوير النقل النهرى ليوفر أكثر من مليونى طن سولار فى السنة، مشيرا إلى أن هذه العملية تحتاج 900 مليون جنيه، فيما تدفع خزانة الدولة فى استيراد السولار سنويا 3 مليارات دولار، فضلا على ذلك يمكن استخدام السكة الحديدية للكهرباء، وجميع وسائل المواصلات للغاز الطبيعى؛ ما يوفر أكثر من 8 ملايين طن سولار سنويا. 25% استيرادًا أكد حسام عرفات رئيس شعبة المواد البترولية باتحاد الغرف التجارية، أن الأزمة مستمرة منذ شهر ونصف، والمشكلة فى نقص الكميات الموجودة بالمحطات؛ فهى لا تكفى الاحتياجات المطلوبة. وترجع أسباب نقص الكمية المعروضة بالأسواق إلى نقص المخصصات المالية بعد ارتفاع سعر الدولار، بالإضافة إلى تزايد عمليات التهريب إلى خارج البلاد، وإلى الداخل برواج السوق السوداء مع ضعف رقابة مباحث التموين، ومن ثم كل هذه الأشياء مجتمعة أفضت إلى هذه تفاقم الأزمة. وأشار «عرفات» إلى أن نسبة العجز فى السولار بالسوق تصل إلى 35% على مستوى الجمهورية، تتزايد فى محافظات الوجه القبلى والصعيد، وأن الدولة تستورد كميات كبيرة من السولار تصل إلى 25%، مشيرا إلى أن وزارة التموين ليست طرفا فى الأزمة؛ لأن المسئول عنها هو وزارة البترول والهيئة العامة للبترول؛ فهى المنوط بها توفير المنتج. أما وزارة التموين فتختص بالرقابة على المنتج فقط. واستبعد رئيس شعبة المواد البترولية أن تكون الأزمة يفتعلها بعض الجهات كما قال البعض، متسائلا: «إن كانت مفتعلة فلماذا لم يحلها المسئولون؟! وأين ذهبت ال36 مليون لتر من السولار التى أعلنت وزارة التموين عن ضبطها خلال يومين؟!»، لافتا إلى أن على الحكومة أن تعترف بالمشكلات التى يعانى منها قطاع البترول، وأن السوق فى حاجة إلى 40 مليون لتر يوميا لسد العجز. الحل فى الدعم وشدد د. أحمد السيد النجار الخبير لاقتصادى بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاقتصادية، على أن أزمة السولار والبنزين التى تشهدها البلاد بين الحين والآخر، ترجع إلى سوء توزيع الدعم؛ إذ إن الدعم المقدم من هيئة هو دعم غير حقيقى، عبارة عن الفارق بين أسعار منتجات النفط فى السوق الدولية وأسعار بيعها للمستهلكين فى مصر، وهو حساب غير علمى، ولا علاقة له بتعريف الدعم، باستثناء كميات المنتجات النفطية التى يتم استيرادها من الخارج بالأسعار العالمية. وطالب «النجار» بإلغاء دعم الطاقة المقدم لشركات الأسمنت والأسمدة والحديد والألمونيوم فى صورة دعم للغاز والمازوت والسولار والكهرباء التى تستهلكها تلك الشركات، مشيرا إلى أن هذه الشركات التى تحصل على الدعم، هى شركات فرنسية وأمريكية ومكسيكية، وتباع منتجاتهم بالأسعار العالمية؛ لذلك ليس من حقهم الحصول على الدعم، خاصة أن مخصصات دعم الطاقة تصل إلى 95 مليار جنيه فى موازنة 2011/2012، ويذهب نحو 20 مليار جنيه فقط من هذا الدعم إلى الفقراء والطبقة الوسطى. الاعتمادات قال المهندس خالد الوجيه رئيس لجنة الطاقة بجمعية شباب الأعمال سابقا، إن نقص الاعتمادات هو السبب فى الأزمة التى تشهدها البلاد، سواء من قبل الهيئة أو الوزارة، نافيا أن يكون سبب الأزمة هو زيادة عمليات التهريب، وإلا لماذا لم تأخذ محطات الكهرباء حصتها من التموين؟! واستنكر «الوجيه» أسلوب الحكومة فى حل الأزمة، أنها لا تزال تعمل فى إطار النظام القديم، وإنها لم تقدم على تنفيذ وعودها بحل مشكلات الطاقة بمصر، مشيرا فى الوقت ذاته إلى أن الظروف الاقتصادية التى تمر بها البلاد تلعب دورا كبيرا فى هذا الشأن نتيجة غياب السيولة المقررة لشراء الفارق بين العرض والطلب فى السولار.