بعد الإعلان عن المستبعدين من سباق الانتخابات الرئاسية الإيرانية وإعلان الأسماء المرشحة تدخل إيران مرحلة جديدة مع المصادقة على الترشيحات إلى استحقاق 14 حزيران/يونيو، في عملية انتخابية تحمل تحديات كبيرة للنظام بعد أربع سنوات على إعادة الانتخاب المثيرة للجدل لمحمود احمدي نجاد. يأتي ذلك بعد تأييد مجلس صيانة الدستور وفقاً للائحة غير رسمية أهلية 8 مرشحين للانتخابات الرئاسية المقبلة، لم تشمل أسماء نسائية ولا اسمي رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني، ومستشار الرئيس أسفنديار رحيم مشائي . ويشكل المرشحان الرئيسيان، الرئيس السابق المعتدل اكبر هاشمي رفسنجاني واسفنديار رحيم مشائي المقرب من احمدي نجاد، الهدف الرئيسي للمحافظين المتشددين الذين يطالبون بإقصائهما عن المعركة. وذكرت وكالة أنباء «مهر» الإيرانية أن المرشحين الثمانية الذين تم تأييد أهليتهم لخوض الانتخابات الرئاسية في هذه اللائحة هم: غلام علي حداد عادل، وسعيد جليلي، ومحسن رضائي، وحسن روحاني، ومحمد رضا عارف، ومحمد باقر قاليباف، وعلي اكبر ولايتي، ومحمد غرضي. ولم يعلن مجلس صيانة الدستور عن هذه القائمة بشكل رسمي. احتجاجات وأثار استبعاد رفسنجاني وحليف الرئيس الحالي مشائي موجة احتجاجات واسعة. فالرئيس محمود أحمدي نجاد ندد بقرار مجلس صيانة الدستور وأكد أنه سيسعى إلى إعادة مرشحه إلى السباق من خلال رفع الموضوع إلى المرشد علي خامنئي. ورغم إعلان المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور عباس علي كدخدائي أن قرارات المجلس نهائية ولا مجال للاعتراض، وجهت زهراء مصطفوي ابنة الإمام الخميني رسالة إلى المرشد علي خامنئي حذرته من مخاطر إقصاء رفسنجاني وطالبته بالتدخل لإعادته الى السباق. وفيما لم يصدر أي احتجاج عن رفسنجاني الذي سلم بإقصائه عن السباق الرئاسي، تعرض مناصروه لحملة اعتقالات واسعة طالت فؤاد صادقي الذي كشف المفاوضات السرية بين طهران وواشنطن في موقع "آينده نيوز"، الذي تم حظره. وبينما تستمر مكاتب المرشح المستبعد اسفنديار رحيم مشائي بالعمل على حملته الانتخابية، أكد الرئيس المنتهية ولايته محمود أحمدي نجاد أنه سيطرح مسألة رفض طلب ترشح حليفه مع المرشد الأعلى مبدياً تفاؤله بعودة مشائي إلى السباق. ونقلت وكالات أنباء تابعة للحرس الثوري تصريحات لخامنئي يؤيد فيها قرارات مجلس صيانة الدستور، وسط تبريرات جاء في سياق أن استبعاد رفسنجاني جاء لإنقاذ إيران من الوقوع في شرك العمالة الأمريكية وأن استبعاد مشائي يمثل إبعاداً لتيار وصف ممثل خامنئي بالمنحرف الذي يسعى لتهميش سلطة رجال الدين. وكانت هناك دعوات برلمانية لمنع ترشيح مشائي ورفسنجاني للانتخابات الرئاسية حيث طالب نحو مائة عضو في البرلمان الإيراني، بمنع المرشحين المستقلين رفسنجاني ومشائي، من خوض الانتخابات الرئاسية. عواقب خطيرة وينظر إلى رفسجاني الذي كان رئيسا لإيران ما بين 1989 و1997 بوصفه انه كان مرشحا قادرا على كسب أصوات الإصلاحيين الذين يخضع زعيماهم للإقامة الجبرية. وحسبما جاء بهيئة الاذاعة البريطانية ال «بي بي سي» يرى مراقبون أن هناك عواقب خطيرة لاستبعاد رفسنجاني على دولة إيران الإسلامية نفسها أكثر من أي شيء آخر، فمن ناحية، يعني هذا أن الفصيل الوسطي بقيادة رافنسجاني البالغ من العمر 78 عاما قد تم دفعه خارج التركيبة السياسية. فكل الذين كانوا يشعرون أنه يمثلهم في هذه الانتخابات سوف يخرجون على الأرجح من العملية السياسية ويقاطعونها. ويشمل هذا الفصيل العديد من المجموعات الإجتماعية المهمة، مثل قطاعات من الطبقة الوسطى، وطبقة الطبقة التجارية، ورجال الدين التقليدين. كما يُظهر استبعاد رفسنجاني أيضا إيران كمؤسسة سياسية أكثر ضعفا وغضبا، وعلى استعداد أن تقتلع جذورها بنفسها، كما تقف الجمهورية الإسلامية الآن في موقف أكثر عرضة للمخاطر، وهو ما يحتم عليها أن تنشئ آليات دفاعية أكثر وحشية لحماية نفسها من الفئات الاجتماعية التي رفضتها. ويعد رفسنجاني أحد الأعضاء المؤسسين للجمهورية الإسلامية، وهو الرجل الذي أدار ثم أنهى الحرب مع العراق والتي استمرت ثماني سنوات في فترة الثمانينيات، وأدت بعد ذلك إلى البدء في برنامج إعادة الإعمار. ولكن بعد أكثر من نصف قرن قضاها رفسنجاني في السياسة الثورية، أصبح الرجل سياسيا معتدلا، وعلى مدار السنوات الأربع الماضية كان ينادي بالإعتدال في الداخل وفي السياسة الخارجية، بالإضافة إلى مناداته بمجتمع أكثر انفتاحا وتسامحا. لكن الفصيل المحافظ والجناح اليميني لم يتمكنا من التسامح مع هذا التغيير الذي طرأ على رفسنجاني، وكانا يدفعانه خارج دائرة سلطاته شيئا فشيئا، حتى أن أبنائه تعرضوا للسجن بسبب ما يقول الكثيرون إنها "اتهامات ملفقة". والآن ومع استبعاد رفسنجاني، قد يتجه إئتلاف الإصلاحيين الوسطيين إلى التخلي عنه بحكم الأمر الواقع، وربما يحيلونه للتقاعد. الجنس الناعم ممنوع كما لم تشمل قائمة المرشحين أي إمرأة، حيث أعلن محمد يزدي العضو البارز في مجلس صيانة الدستور الإيراني من قبل إنه لا يمكن للمرأة الترشح في الانتخابات الرئاسية للبلاد ، وبذلك قضى على آمال نحو 30 سيدة تقدمن للترشح لهذا المنصب في الانتخابات الرئاسية القادمة. وقال يزدي: "إن القانون الإيراني لا يقبل إطلاقا بتولي امرأة أرفع مناصب البلاد، ولن يتم السماح بهذا مطلقا". وكان 686 مرشحا قد تقدموا بطلبات الترشح لمنصب رئاسة الجمهورية الاسلامية، محل الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، الذي لا يستطيع الترشح لفترة رئاسية ثالثة. فيما اكدت فاطمة إليا العضو في البرلمان الايراني ان دستور البلاد لم يمنع المرأةَ من الترشح إلى أي منصب. أما التركيز على الرجل فيأتي فقط بسبب عدم قدرة المرأة على التفرغ لمثل هذه الأعباء بسبب ارتباطاتها الأسرية. وكان المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي قد أكد أن هدف الشعب الإيراني يتمثل في انتخاب الشخص الأكثر أهلية ليمضي بالبلاد قدما إلى الأمام. وشدد الزعيم الإيراني على أن المعيار الرئيسي لاختيار رئيس الجمهورية هو انتخاب أشخاص يتركز عزمهم على صيانة عزة البلاد وحركتها في مسار الثورة. وقال خامنئي إن الدول الأوروبية، التي تدير الحملات ضد إيران على حد تعبيره، يخرج مواطنوها يوميا احتجاجا على سياساتها ومشاكلها. وبغض النظر عن من تم قبولهم أو رفضهم فإن إيران على موعد يوم 14 يونيو/حزيران المقبل، مع حدث يحظى بأهمية مضاعفة وتحولت إلى حدث دولي مهم.