جاء اختيار المستشار "حاتم بجاتو" وزيراً للمجالس النيابية والشئون القانونية، بمثابة المفاجأة للكثير من المتابعين للمشهد السياسي الحالي، وهو الأمر الذي أثار العديد من علامات الاستفهام، بسبب تصريحاته التي تصنف على أنها معادية للإخوان في أحيان كثيرة، فسبق ل"بجاتو" أن هاجم رموز الجماعة أثناء عضويته في اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية. فكيف يتحول رجل وصفه الإخوان المسلمون أثناء الانتخابات الرئاسية ب"ترزي القوانين التي تعارض الثورة"، وأنه ممن دعَّموا نظام «مبارك» ضد تيار استقلال القضاء، ومن المقربين للمستشار "ممدوح مرعي" آخر وزير عدل في النظام السابق، إلى أن يكون في منصب وزير الدولة للشئون النيابية في عهد الدكتور "محمد مرسي" المرشح على حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمين؟ ردود فعل وقد تباينت ردود الفعل على تعيين "بجاتو" وزيراً للمجالس النيابية بين التيارات الليبرالية والإسلامية. فالأولى وصفت القرار باللعبة القذرة من جانب الرئيس والإخوان، ورأت في تعيينه رغبة قوية من جانب الإخوان في تمرير القوانين ودستوريتها عبر علاقات "بجاتو" المتشعبة برجال المحكمة الدستورية العليا الحاليين. بينما اعتبرته العديد من التيارات الإسلامية، قراراً صادماً، واعتبره الدكتور "باسم خفاجي" (رئيس حزب التغيير والتنمية) ذريعة لفتح الباب أمام تصديق من كان يتحدث عن صفقات قذرة تمت، وخاصة فيما يتعلق بقضية تزوير الانتخابات الرئاسية، كما شن "ممدوح إسماعيل" - أحد قيادات التيار الإسلامي - حملة على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" لإسقاط "بجاتو". إخفاقات قانونية وحول الأسباب الدافعة للقرار، يرجع كثير من المحللون هذا الاختيار إلى عده تفسيرات، فيشير التفسير الأول إلى أن اختيار "بجاتو" يأتي كمحاولة لرأب الصدع والشقاق الواقع بين مؤسستي الرئاسة وحزب الحرية والعدالة من جهة، والسلطة القضائية من جهة أخرى. وهناك من يشير إلى أن المنطق القانوني والواقعي لتسمية "بجاتو" وزيراً يأتي في ظل الترديات والإخفاقات القانونية والدستورية والتشريعية، التي سقطت فيها مؤسسة الرئاسة المصرية، فضلاً عن حزب الحرية والعدالة، وثبوت الفقر القانوني، وقلة حيلة الكوادر القانونية لجماعة الإخوان المسلمين مقارنة بسائر مؤسسات الدولة التي تراقب مشروعية القرارات في "مصر" – المحاكم الإدارية – ودستورية التشريعات والقوانين واللوائح – المحكمة الدستورية العليا –، وهو ما تجلى بحق في الآونة الأخيرة. كما يأتي (أي اختياره) في ظل إصدار العديد من القوانين المهمة التي أحدثت فرقة في المجتمع المصري، ومنها قانون تعديل السلطة القضائية، والانتخابات البرلمانية، والتظاهر، وغيرها من القوانين. إجراء احترازي: وهناك تفسير ثالث يؤكد على أن وجود المستشار "بجاتو"، يعد إجراءاً احترازياً من جانب الرئاسة، لتجنب السقطات المرتقبة لمؤسسة الرئاسة، خاصة في ظل العقيدة الراسخة لدى الرئيس والجماعة بأن القضاء يتربص ويقتنص ثغرات التشريعات والقوانين واللوائح البرلمانية، بل والرئاسية أيضاً. ومن جانبه أكد "عصام العريان" - نائب رئيس حزب الحرية والعدالة - أن اختيار "بجاتو" سيفيد مجلس الشورى فيما يختص بالتشريعات، وذلك بعد ما طرح لأكثر من مرة أن بعض نصوص التشريعات التي تناقش في مجلس الشورى قد يصيبها عوار دستوري، وأبرزها قانون الانتخابات، ومجلس النواب، فهو شخصية لها كفاءة في فهم الدساتير القديمة والحديثة، وله خبرة أكاديمية وعملية بعكس السابقين. وهنا تفسير رابع يؤكد على أن هذا الاختيار يأتي كمكافأة للمستشار عن أعمال، هو وهم أدرى بها على حد وصفهم، فقالوا: إن «بجاتو» مطلوب للشهادة فى قضيتين هامتين للإخوان علاقة مباشرة بهما، أولاهما قضية اقتحام السجون يوم 29 يناير 2011، وفتحها وتهريب مساجين منهم "محمد مرسي" و"عصام العريان" و"سعد الكتاتني" وغيرهم، وثانية القضيتين هي قضية تزوير بطاقات الانتخابات الرئاسية لصالح الرئيس "مرسي"، وربما كان اختياره للمنصب مكافأة حتى لا يشهد في القضيتين. يذكر أن المستشار "حاتم بجاتو" حاصل على ليسانس حقوق من جامعة "الإسكندرية" عام 1982، والتحق بالنيابة العامة سنة 1983، وندب مستشارًا بهيئة مفوضي المحكمة الدستورية العليا في 31 ديسمبر سنة 2005، وعمل مستشارًا بمحكمة النقض في 22 من يونيو سنة 2005 ولم يعين بها، وعمل مستشارًا بمحاكم الاستئناف في 16 يونيو 2002، وندب بعض الوقت للعمل مستشارًا فنياً لوزير العدل الأسبق "ممدوح مرعي"، وهو نجل قائد قوات الدفاع الجوي الأسبق اللواء "حمد بجاتو". وكان المستشار "حاتم بجاتو"، نائب رئيس المحكمة الدستورية، ورئيس لجنة المفوضين بها، وأمين عام اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية التي أعلنت فوز الدكتور«مرسى» برئاسة الجمهورية في يونيو الماضي.