شهد التعديل الوزاري الجديد لحكومة الدكتور هشام قنديل، مفاجأة من العيار الثقيل بتولي المستشار حاتم بجاتو حقيبة الشئون القانونية والنيابية، خلفًا للقائم بأعمالها المستشار الدكتور عمر الشريف مساعد وزير العدل للتشريع. ويأتي اختيار المستشار حاتم بجاتو رئيس هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا والمنتدب إليها من محكمة استئناف القاهرة عقب أيام قليلة من الطلب المقدم لمحكمة جنح مستأنف الإسماعيلية لسماع أقواله في قضية الهروب الكبير من سجن وادي النطرون، للتعرف على كيفية قبول لجنة الانتخابات الرئاسية أوراق ترشح الدكتور محمد مرسي رغم هروبه من سجن وادي النطرون في 29 يناير 2013. كما يأتي اختيار "بجاتو" لحقيبة وزارية مخالفًا لكل التوقعات، باعتباره العدو اللدود ل"الإخوان المسلمين" في المؤتمرات الصحفية للجنة الرئاسية التي أمسكت بصلاحيات واسعة من المجلس العسكري، كما اتهم "الإخوان" بتلقي تمويل من الخارج للدعاية لمرشحها في الانتخابات الرئاسية، التي أسفرت عن فوز الرئيس محمد مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة السابق. وعرج "بجاتو" إلى اتهامهم ضمنيًّا بالتورط في واقعة تسريب بطاقات إبداء الرأي من المطبعة الأميرية، وهي القضية التي أطاحت بالنائب العام السابق المستشار عبد المجيد محمود عندما همَّ بالتحقيق فيها، من خلال إحالتها لقاضي تحقيق منتدب من محكمة استئناف القاهرة. وانتقد نائب رئيس حزب الحرية والعدالة الدكتور عصام العريان علنًا في إحدى قنوات تليفزيون الدولة آنذاك، إقدام النائب العام السابق فتح تحقيق فيما يسمى ب"تزوير الانتخابات الرئاسية" لصالح الرئيس مرسي، على حد وصفه. والأخطر طبقًا لمسئول سابق بديوان وزارة العدل، مشاركة المستشار "بجاتو" في صياغة تعديل المادة 76 في دستور 1971 لصالح تمرير مشروع التوريث لنجل الرئيس المخلوع جمال مبارك في مجلس الشعب، من خلال قربه من دوائر صنع القرار، والتي كانت أطول مادة في دساتير العالم فلم يسبق لها مثيل ولاقت اعتراضًا من جميع القوى السياسية بالبلاد، وكانت أحد الأسباب الجوهرية لاندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير والإطاحة بحكم آل مبارك. كما أكدت مصادر قضائية بالهيئات القضائية اشتراك بجاتو في صياغة الإعلانات الدستورية للمجلس العسكري، وتعطيل العمل بالتعديلات المستفتى عليها شعبيًّا في دستور 1971، لأنها تضمن تولي منصب الرئيس مؤقتًا لرئيس المحكمة الدستورية العليا لحين انتخاب رئيس جديد للبلاد، وهو ما لم يقبل به المجلس العسكري آنذاك. وحظي المستشار "بجاتو" بترقيته لدرجة نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا من خلال تعديل على قانون المحكمة وافق عليه المجلس العسكري، بأن تكون الأولوية للانضمام لهيئة المحكمة لرؤساء هيئات المفوضين بالمحكمة، إلا أنه لم يهنأ بهذا المنصب بمجرد موافقة الشعب على الدستور الجديد الذي أطاح بالمستشارة تهاني الجبالي النائبة السابقة لرئيس المحكمة الدستورية، وحصر قضاة المحكمة في أحد عشر قاضيا، وعاد "بجاتو" مرة أخرى إلى درجة رئيس هيئة المفوضين بشكل مؤقت، على قوة محكمة استئناف القاهرة، بدلا من قوة المحكمة الدستورية. وشهدت الأيام الماضية محاولات من المستشار "بجاتو" لرأب الصدع بين النظام الحاكم وبين المحكمة الدستورية العليا، أكدتها زياراته العديدة لديوان رئاسة الجمهورية وديوان وزارة العدل، أرجعتها مصادر قضائية إلى تمهيده لمنصب رفيع المستوى. حصل "بجاتو" على ليسانس حقوق الإسكندرية سنة 1982، ودبلوم في القانون العام سنة 1989، والتحق بالنيابة العامة سنة 1983، وندب مستشارًا بهيئة مفوضي المحكمة الدستورية العليا في 31 ديسمبر سنة 2005، وعمل مستشارًا بمحكمة النقض في 22 من يونيو سنة 2005 ولم يعين بها، وعاد للعمل مستشارًا بمحاكم الاستئناف في 16 يونيو 2002، وندب بعض الوقت للعمل مستشارًا فنيًّا لوزير العدل الأسبق ممدوح مرعي، وهو نجل قائد قوات الدفاع الجوي الأسبق اللواء حمد بجاتو.