أثار مشروع قانون عمل الجمعيات الأهلية الجديد في مصر حالةً من الجدل خلال مناقشته على مدار الأسابيع القليلة الماضية، وعلى الرغم من اعتبار البعض بأنه خطوة جديدة نحو تقنين عمل الجمعيات الأهلية، لترتدي غطاءً شرعياً يسمح لها بممارسة مهامها في الإطار الذي حدده الدستور الجديد، غير أن هناك من يعارضه بشدة لأنه يهدف إلى تقديم غطاء سياسي غير محبذ لبعض القوى السياسية الحالية وبالتحديد جماعة الإخوان المسلمين. وتوالت عدة اعتراضات بعد تقديم عدد من أعضاء لجنة تنمية القوي البشرية والإدارة المحلية بمجلس الشورى مشروع قانون منظمات العمل الأهلي، وبخاصة حول المادة 14 منه والخاصة بتمويل الجمعيات والدور السياسي لها؛ الأمر الذي أدى إلى تضارب وجهات النظر حول القانون وانقسام الآراء مابين التأييد والمعارضة.
تعقيبات سلبية: وعقب مناقشة هذا المشروع ظهرت عدة تعقيبات وصف معظمها بالسلبية إزاء هذا القانون إما لارتباطه بعوامل سياسية على حد قول البعض أو لأنه مكبل للمجتمع المدني.
وفي إطار ذلك، انتقد النائب إيهاب الخراط، عن حزب المصري الديمقراطي، مشروع القانون لما سيسمح به لجماعة الإخوان المسلمين بممارسة التوعية السياسية.
وفي نفس السياق قال محمد أنور السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية، أن هذا القانون يعني أن تكون جماعة الإخوان هيئة جامعة لا تخضع لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات في أنشطتها ومواردها المالية، وتعمل على إيجاد مخرج قانوني لكيانها بعد قرار هيئة مفوضي الدولة.
واعتبرت داليا زيادة، المدير التنفيذي لمركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، أن قانون الجمعيات الأهلية الجديد يمثل تهديداً لحلم الديمقراطية وهو بمثابة مصيدة لمنظمات المجتمع المدني.
ولم يقف صداها عند الشأن الداخلي فقط بل لقى صداه خارجياً أيضاً، وذكرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية قلق إدارة الرئيس أوباما والحكومات الغربية من مشروع قانون الجمعيات الأهلية الجديد، والذي قالت إن من شأنه أن يصيب الديمقراطية الوليدة في مصر بالشلل.
وشنت منظمة «هيومان رايتس ووتش» هجوما حاداً على مشروع القانون الجديد للجمعيات الأهلية الموجود داخل مجلس الشورى، ووصفته بال «قمعي» والمخالف للمعايير الدولية في مجال تنظيم عمل المنظمات والجمعيات الأهلية.
إعداد المشروع: ومن جانبه أشار عصام العريان رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الحرية والعدالة إلى أن المجلس له حق اقتراح مشروعات القوانين وفقاً للدستور، وأكد المستشار عمر الشريف نائب وزير العدل لشئون التشريع أنه من القوانين المهمة، وأن الحكومة (بعد ثورة 25 يناير) بدأت العمل في هذا القانون عقب قضية التمويل الأجنبي لبعض منظمات المجتمع المدني.
وأضاف الشريف أن الحكومة بصدد إعداد مشروع قانون يتناسب مع العمل الأهلي ودعمه خاصة أنه قطاع لا يقل أهمية عن دور الحكومة، منوهاً إلى استماع وزارة العدل إلى سبعة مشاريع قوانين من منظمات المجتمع المدني والمجلس القومي لحقوق الإنسان ومنظمات دولية كثيرة بالتنسيق مع وزارتي الشئون الاجتماعية والخارجية.
توقعات واحتمالات: ويتوقع البعض بعد هذا الضغط الهائل من الداخل والخارج بأن يتم التراجع بشأن بعض مواد هذا المشروع حقناً للمزيد من الخلافات السياسية التي طالت مصر في الفترة الأخيرة،في حين يتصور آخرون بأن يتم تمرير مشروع القانون في مجلس الشورى لضمان وجود وحضور متميز لجماعة الإخوان المسلمين كجمعية جديدة في إطار قانون الجمعيات الأهلية.
وخلاصة القول؛ أصبح من الضروري إقامة حوار مع جميع منظمات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية، لمناقشة بنود هذا القانون حتى لا تتفاقم الأزمة.