د. أحمد فهمى أثناء تهدئة النواب فى جلسة أحداث المقطم فيما يعد خطوة جديدة نحو تقنين عمل الجمعيات الأهلية في مصر، لترتدي غطاء شرعياً يسمح لها بممارسة مهامها في الإطار الذي حدده الدستور الجديد، وافق مجلس الشوري من حيث المبدأ علي مشروع قانون منظمات العمل الأهلي الذي قدمه عدد من أعضاء لجنة تنمية القوي البشرية والإدارة المحلية بالشوري، انطلاقاً من أن بناء الدولة المصرية الجديدة يقع في الأساس علي عاتق الشعب المصري كله، وهذا البناء يقوم علي أسس تختلف عما كانت عليه الدولة في النظام السابق، فلابد من تعاون الحكومة والقطاع الخاص وكيانات المجتمع المدني، وفي القلب منها منظمات المجتمع الأهلي، باختلاف تنوعاتها ومجالات برامجها ومشروعاتها وأنشطتها. مشروع القانون الجديد أثار حالة من الجدل خلال مناقشته علي مدار الأسابيع القليلة الماضية، وبخاصة المادة (14) والمتعلقة بمصادر تمويل الجمعيات، وإخضاعها لرقابة الجهات الإدارية. وفي حين يعكف عدد من الأحزاب، أبرزها الوفد، والمصريين الأحرار، والمصري الديمقراطي، علي دراسة المشروع، للاتفاق علي رؤية واضحة، بشأن المواد محل الخلاف في المشروع، وأبرزها المادة (14) قال النائب إيهاب الخراط، عن حزب المصري الديمقراطي، إن مشروع القانون سيسمح جمعية الإخوان المسلمين بممارسة التوعية السياسية، ونشر برنامجها عن طريق فروعها بالمحافظات، لافتاً إلي أن حزب الحرية والعدالة "الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين" أضاف في المشروع توصيفا جديدا يحمل مسمي "الهيئة الجامعة"، حتي يندرج تحته التنظيم بعد إقرار القانون. في السياق ذاته، وخلال اجتماعات لجنة القوي البشرية وجه ممثلو الجمعيات، معظم انتقاداتهم إلي المادة 14 مؤكدين أن بها تشدداً بشأن الحصول علي المنح والدعم الخارجي، وانتقد حاتم فراج، نائب رئيس مجلس إدارة جمعية نور علي نور، مشروع القانون، وقال إن به صبغة سياسية، مشيراً إلي أن الجمعيات التي تعمل بالعمل العام يجب ألا تعمل بالسياسة، مطالباً بالاستعانة بالمسودة التي وضعتها وزارة الشئون الاجتماعية، حيث وضعها قانونيون وعاملون بالمجتمع المدني، ولذلك تخلو من الصبغة السياسية، وأشار فراج إلي أن هناك ما يقرب من 74 ألف جمعية، منها 04 ألف جمعية لا تعمل. وحذر عماد رمضان، رئيس إحدي الجمعيات الأهلية، من إسناد عدد كبير من الأمور الواردة بالقانون إلي اللائحة التنفيذية قائلاً: الشيطان يدخل فيها عند تركها للائحة، لافتاً إلي أنه لا يقصد سوء النية. وطالب حاتم خاطر، رئيس منظمة بنك الطعام، بأن تكون الإعفاءات الضريبية للتبرعات 30 بدلاً من 10 مضيفاً أنه من الصعوبة أن تنشر كل جمعية مصدر تبرعاتها علي الإنترنت كل شهر، ووصفه بالتعجيز. من جانبه دعا محمد أنور السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية، بوقف مساعي جماعة الإخوان لتوفيق أوضاعها، مؤقتاً حسب قانون الجمعيات الأهلية القائم، لحين الإسراع في إنهاء مشروع قانون الجمعيات الجديد، والذي تسعي فيه لتكون هيئة جامعة لا تخضع لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات في أنشطتها ومواردها المالية، موضحا أن الإخوان، في سبيل إيجاد مخرج قانوني لكيانها بعد قرار هيئة مفوضي الدولة، ستسعي لإنهاء مشروع قانون الجمعيات الأهلية الجديد، عبر مجلس الشوري القائم، حتي تهرب من رقابة المركزي للمحاسبات، وتحمي نفسها، بفرض ما يصب في مصلحتها، من خلال مشروع القانون الجديد، بقيوده ومواده المجحفة بشأن عمل الجمعيات المحلية والدولية. وأثارت مناقشة المشروع أزمة حول حق المجلس في اقتراح مشروعات قوانين من عدمه خاصة أن د. أحمد فهمي رئيس المجلس قد أعلن أن الحكومة بصدد إرسال مشروع قانون آخر عن العمل الأهلي خلال أيام وهو ما دفع عددا من أعضاء المجلس لإرجاء موافقتهم المبدئية علي المشروع المقترح من اللجنة حتي وصول مشروع الحكومة. وقال د.عصام العريان رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الحرية والعدالة أن المجلس له حق اقتراح مشروعات القوانين ولا يجوز لأي جهة أن تعرقله حتي إن كانت السلطة التنفيذية، متسائلا ما معني أن الدستور منح مجلس الشوري حق التشريع. من جانبه أرجأ النائب صفوت عبد الغني رئيس الهيئة البرلمانية لحزب البناء والتنمية الموافقة قائلا »لما يبقي عندنا قانون أبقي أبدي رأيي ولذلك أرجئ موافقتي علي مشروع القانون«. وقال النائب ممدوح رمزي "معين": "نريد مشروع قانون مقدما من الحكومة حتي لا يدخل مجلس الشوري في القيل والقال". ورد النائب صبحي صالح عن حزب الحرية والعدالة وعضو اللجنة التشريعية بالمجلس، قائلا: عندما أوضح المستشار عمر الشريف ممثل وزارة العدل أن المجلس ليس له تقديم مقترح بمشروع قانون طرح رأيه بصيغة القلق بشأن هذه المعلومة، ولكن المستقر أنه إذا افترضنا أن مجلس الشوري سيظل يعمل في ظل الحكومة سيطرح فرضية مرفوضة دستوريا وهو أن السلطة التشريعية تعمل تحت السلطة التنفيذية. وأضاف أن ممثل وزارة العدل طرح رأيه من باب الاحتياط، لذلك أري أن ننصرف إلي عملنا وإذا الحكومة امتنعت سنمارس اختصاصنا وعلي المتضرر اللجوء للقضاء. ومن جانبه قال المستشار عمر الشريف نائب وزير العدل لشئون التشريع أن قانون العمل الأهلي من القوانين الهامة، وأن الحكومة من بعد ثورة 25 يناير بدأن العمل في هذا القانون بعد قضية التمويل الأجنبي لبعض منظمات المجتمع المدني، والتي استرعت انتباهنا بعد أن شكلنا لجنة تقصي حقائق وثبت أن القانون الحالي لا يتناسب مع وقائع كثيرة. وأضاف الشريف أن الحكومة بصدد إعداد مشروع قانون يتناسب مع العمل الأهلي ودعمه خاصة أنه قطاع لا يقل أهمية عن دور الحكومة، ووزارة العدل استمعت إلي 7 مشاريع قوانين من منظمات المجتمع المدني والمجلس القومي لحقوق الإنسان ومنظمات دولية كثيرة بالتنسيق مع وزارتي الشئون الاجتماعية والخارجية وأشار المستشار عمر الشريف إلي أن العمل الأهلي لا يحتاج إلي تنظيم من جديد ولكن نحاول من خلال المشروع الذي سنتقدم به خلال أيام أن يتوافق مع الدستور وأن يتم تفعيل هذا القطاع المهم. من جانبه قال د.عبدالعظيم محمود رئيس اللجنة إننا استندنا إلي الدستور ولا يحق للحكومة عرقلة عمل المجلس مشيرا إلي أن مشروع القانون المقترح من اللجنة مازال مطروحا للحوار المجتمعي. وكانت لجنة القوي البشرية والإدارة المحلية بمجلس الشوري وافقت في حلقة النقاش الخامسة حول قانون الجمعيات الأهلية علي تغيير اسم القانون من قانون منظمات العمل الأهلي إلي قانون العمل الأهلي وحذف كلمة منظمات. كما شهدت اللجنة جدلاً كبيراً واختلافاً بين الحكومة والجمعيات الأهلية غير الحكومية حول طلب الحكومة لحذف كلمة غير الحكومية من المادة الأولي لباب الأحكام العامة من أجل أن تدخل الجمعيات الأهلية الحكومية تحت مظلة هذا القانون، وهو ما اعترضت عليه الجمعيات غير الحكومية، إلا أن المستشار محمد الدمرداش أكد أن هناك جمعيات حكومية تعمل في المجال الأهلي وتقوم بدور إنساني لماذا يتم حذفها من مظلة هذا القانون، وهو مااقتنعت به الجمعيات غير الحكومية وتم حذف كلمة غير الحكومية من المادة الأولي ليدخل بذلك جميع الجمعيات الأهلية الحكومية وغير الحكومية تحت طائلة هذا القانون. وأصبح نص المادة الأولي: "منظمات العمل الأهلي هي كل مؤسسة أو جماعة تهدف تحقيق الصالح العام ولا تهدف إلي ربح يمارسه أشخاص اعتبارية تتشكل بإرادة طوعية حرة بغرض تحقيق أهداف إنسانية وتنموية اقتصادية واجتماعية وحقوقية وإغاثية".