رأت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية أن مصر باتت بين شقي رحى الحاجة إلى الدعم الدولي، والحاجة إلى رعاية الفقراء.. بينما الوقت يمضي. وقالت الصحيفة على موقعها الإلكتروني أن مصر في حاجة ماسة إلى أموال صندوق النقد الدولي حتى لا تغرق، ولكن أموال الصندوق تتطلب اتخاذ تدابير قاسية من قبل حكومة مضطربة منذ البداية، بحسب الصحيفة.
ولفتت إلى صعوبة التوقيت الذي تمر به مصر، مشيرة إلى إذعان الحكومة - تحت وطأة الحاجة الماسة إلى الأموال- حيث رفعت الدعم عن مواد يعتمد عليها المواطن العادي في معيشته؛ كرغيف الخبز ووقود الطهي والجازولين.
ونوهت "ساينس مونيتور" عن عدم اقتناع الكثيرين بجدوى الخطة التي أعلنت عنها الحكومة المصرية مؤخرا حول ترشيد الدعم الحكومي لرغيف الخبز، قائلين إنها لن ترفع سعر الرغيف الذي لا يتعدى ربع أو خمس تكلفته الأصلية.
وأعادت الصحيفة الأمريكية إلى الأذهان تبعات القرار الذي كانت حكومة الرئيس محمد مرسي قد أعلنت عنه من قبل برفع الدعم؛ حيث لم تكد تمضي ساعات معدودة حتى خرج عمال الموانئ في منطقة القنال والإسكندرية والمصانع في الدلتا، مهاجمين رموز النظام في كل مكان احتجاجا على الارتفاع المفاجئ في أسعار السلع الأساسية اليومية.
كما نوهت عما شهده ميدان التحرير في المناسبة نفسها من مواجهات بين المتظاهرين من الشباب ووحدات مكافحة الشغب والتي تمخضت عن سقوط 80 قتيلا في أسوأ مواجهات شهدتها البلاد على مدار جيل كامل، حتى تراجعت الحكومة المصرية عن قرارها برفع الدعم.
وعادت الصحيفة إلى الوراء ثلاثة عقود من الزمان متحدثة عن أعمال الشغب التي شهدتها البلاد عام 1977 إبان حكم الرئيس الراحل أنور السادات التي كادت أن تعصف بالحكومة، قائلة إنه يتعين على الرئيس محمد مرسي أن يضع هذا التاريخ نصب عينيه في هذه المرحلة عند اتخاذ قرارات في وقت تواجه فيه البلاد أزمة اقتصادية تتضاءل إلى جانبها الأزمة التي واجهها الرئيس السادات قبل 35 عاما.
واعتبرت "ساينس مونيتور" أن النظام في مصر بات يواجه خيارات أكثر صعوبة بخلاف رغيف العيش تتمثل في أن مساحة المناورة أمام هذا النظام أخذت في التآكل بعد أن أدى الاضطراب السياسي إلى تجميد عملية اتخاذ القرار، في ظل تراجع قيمة الجنيه المصري وارتياب الدائنين الأجانب.
ورأت الصحيفة الأمريكية أن مصر تعيش الآن حالة من الفوضى لم تشهد لها مثيلا في العقود الأخيرة، مشيرة إلى أن الولاياتالمتحدة لم تعد تنظر إلى جماعة الإخوان المسلمين كشريك يعتمد عليه وسط نداءات من بعض أعضاء الكونجرس بترشيد الدعم والإقراض الموجهين لمصر، مشيرة كذلك إلى موقف صندوق النقد الدولي الذي أحجم عن تقديم الأموال دونما مشاهدة تغير ملموس -قصير المدى- في كيفية الإنفاق الحكومي لهذه الأموال.
وقالت إن الرئيس مرسي في وضع لا يحسد عليه، متهمة إياه وأنصاره بتوجيه معظم اهتماماتهم إلى تعزيز أركان سلطتهم بدلا من العمل على تلبية احتياجات غالبية المصريين، على الرغم من أن نيران الثورة لم تنطفئ بعد، على حد تعبير الصحيفة.
ورأت أن اشتعال المشهد السياسي ينذر بسحب البساط من تحت أقدام جماعة "الإخوان المسلمين" التي لم يسبق لها أن تعرضت لاختبار على هذا النحو من الصعوبة على مدار تاريخها الذي يقترب من الثمانين عاما.
ورأت في ختام تعليقها أن سقوط الصورة التي رسمتها جماعة الإخوان لمستقبل البلاد، والتي فاز على أساسها مرشحهم الرئاسي في الصيف الماضي، يفتح الباب أمام السياسات ذات التوجه العلماني.