على طريقة ثورات الربيع العربي، وجهت أحزاب وحركات معارضة في العاصمة الأنجولية "لواندا"، نداءات مكثفة لدعوة المواطنين بالنزول إلى الشارع، وتنظيم المظاهرات المناوئة لحكم الرئيس "جوزيه إدواردو دوس سانتوس" الذي يحكم البلاد منذ (33) عاماً، وكان ذلك عبر شبكة المعلومات الدولية، من خلال إنشاء عدد من المواقع الإلكترونية، لإعطاء معلومات عن أماكن التظاهرات ومواعيدها. يأتي ذلك بعد ما قامت السلطات الأمنية الأنجولية بإلقاء القبض على (18) ناشطاً سياسياً، بعد دعوتهم إلى مظاهرات في العاصمة "لواندا" في الأوقات الراهنة.
كذبة سياسية وحصل حزب الرئيس الحاكم على أغلبية مقاعد البرلمان الأنجولي في الانتخابات الأخيرة بنسبة (72%)، كخطوة لتمديد ولاية الرئيس الحالي لفترة جديدة مدتها خمس سنوات، الأمر الذي وصفه العديد من النشطاء السياسيين والحقوقيين "بالكذبة السياسية"، التي تواصل الحكومة ممارستها لمحاولة إضفاء شكلي لجهود الإصلاح في البلاد.
ويتبرر هذا الموقف المناهض للحكومة، استناداً إلى تدهور الوضع نتيجة سوء إدارة الاحتياطيات النفطية في البلاد، فضلاً عن قمع حقوق الإنسان، وعدم بذل ما يكفي من جهود للقضاء على الفساد والفقر.
وتحت عنوان: "الحق لمن يفكرون بطريقة مختلفة في الحياة والحرية"، أرفقت حركة الشباب المعارضة إعلاناً على "الإنترنت" في إطار دعوتها للمظاهرة، التي أقيمت بجانب مركز للشرطة في العاصمة الأنجولية، منددين بعمليات القمع التي تمارسها قوات الأمن التابعة للنظام الحاكم.
خروقات مستمرة وتشير تقارير العديد من المنظمات الحقوقية المحلية والدولية، أن السلطة الحاكمة في البلاد تمارس العديد من الخروقات المستمرة، فهي تفرض القيود الدائمة على حرية الاجتماع والتظاهر والتعبير عن الرأي، من خلال استخدام العنف والقوة المفرطة، فضلاً عن تكثيف عمليات القبض والاعتقال بصورة تعسفية، بالإضافة إلى توجيه تهم جنائية.
وفي مجال تقييد حرية الرأي والتعبير من جانب الحكومة، يرى المراقبون أن الصحفيين يواجهون قيوداً متزايدة، فسبق أن حُوكم صحفيان بعد إدانتهما بتهمة التشهير بسبب كتابة مقالات تهاجم الحكومة.
ونُفذ مزيد من أعمال الإخلاء القسري، ولم تحترم الحكومة وعودها بإعادة تسكين (450) عائلة كانت قد أُجليت من مساكنها، واستمرت انتهاكات حقوق الإنسان ضد مواطني "جمهورية الكونغو الديمقراطية" الذين أُبعدوا من "أنجولا".
رفض واضح وعبرت العديد من المنظمات الحقوقية في الداخل والخارج، عن رفضها الواضح لما تقوم به الحكومة من التعسف في التعامل مع ملف حقوق الإنسان في البلاد.
ففي الداخل، شجبت منظمة حقوقية أنجولية غير حكومية ما سمته عنف الشرطة تجاه الشبان المحتجين، وحيل الحكومة لمنع المظاهرات، وقال رئيسها "جوزي باترسيانو": "من المحزن أن نرى الشرطة تتورط في مثل هذا العنف ضد شبان متظاهرين بطريقة سلمية، في ممارسة لحق يضمنه الدستور".
وفي الخارج، كشف تقرير لمنظمة العفو الدولية عن حالة حقوق الإنسان في "أنجولا"، حيث قال: "فُرضت قيود على حرية الاجتماع في شتى أنحاء البلاد، واستخدمت الشرطة القوة المفرطة في بعض الحالات لتفريق المظاهرات، والقبض بصورة تعسفية على متظاهرين وصحفيين".
يذكر أن المواطنين الأنجولين يواجهون العديد من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية منذ انتهاء الحرب الأهلية في عام 2002، وقد استوطن معظمهم في مقاطعات نائية، ولحق بها دمار شديد، مما يستنزف الموارد المحلية، كما تشكل الألغام غير المنفجرة المتبقية من الحرب تهديداً خطيراً لحياتهم، وتحول دون تجدد الزراعة في بعض مناطق البلاد.
والغريب أن القارة السمراء التي عرفت طريقها للتغيير عن طريق مسلسل الانقلابات العسكرية في معظم أجزائها الوسطى والغربية، بدأت تواجه سيناريوهات أخرى في التغيير، كما شهدت بذلك بوادر الربيع العربي في شمال القارة في كل من "تونس" و"مصر"، إلا أن "أنجولا" - الواقعة على الساحل الغربي للقارة - قد تشهد التغيير على هذه الطريقة التي نجحت في أقطار الشمال، فهل حقاً سيكون هذا هو السيناريو المتوقع خلال الأيام القادمة؟