بعد فشل محاولات سابقة، نجح الائتلاف الوطني المعارض مؤخراً في التوافق على اختيار "غسان هيتو" رئيساً لأول «حكومة إنتقالية معارضة»، وهو ما اعتبره البعض بانها خطوة مؤقتة تندرج ضمن سلسلة من الخطوات قبل موعد القمة العربية المقبلة، لأجل تسليم مقعد "سوريا" إلى هذه الجهة. ومن ثم تثار التساؤلات حول مدى قبول الجامعة بحجز المعارضة مقعد "سوريا"، وتمثيل السوريين في الجامعة، وبخاصة بعد كونها أحد المطالب السابقة التي طالب بها الأمين العام لجامعة الدول العربية، فأوصى بضرورة توحد المعارضة، وبعدها لن تتأخر الجامعة في تحقيق مصالح الشعب السوري .
تتويجاً للضغوط: ويأتي اختيار "هيتو" رئيساً لأول «حكومة انتقالية معارضة» - وهو مؤسس ونائب رئيس التحالف من أجل سوريا الحرة - تتويجاً لمجموعة من الضغوط التي مارستها الدول الغربية والعربية على المعارضة.
وكان الاتفاق على رئيس للحكومة الانتقالية المعارضة، شرطاً أساسياً لتعزيز الدول الغربية من دعمها العسكري للمعارضة، ولتسليم الائتلاف مقعد "سوريا" في جامعة الدول العربية.
وحصل "هيتو" على 35 صوتاً بعد قرار الإخوان المسلمين والتيارات الإسلامية دعمه (في أعقاب مناقشات ساخنة بين أعضاء الائتلاف)؛ الأمر الذي أدى إلى تأخر الاجتماع المقرر للانتخاب لساعات؛ لمنح المداولات مزيداً من الوقت، وخصوصاً بعدما دار الحديث عن هيئة تنفيذية.
ويفترض "بهيتو" - المنحدر من أصول كردية والمقيم في "أمريكا" - أن يعمل على اختيار أعضاء حكومته ليعرضها على الائتلاف لإقرارها، قبل أن تستقر الحكومة في الأراضي الخاضعة لسيطرة مقاتلي المعارضة.
عنف وقتل : ففي الوقت الذي تعلن فيه المعارضة السورية في "إسطنبول"، عن اختيار رئيس حكومة تتولى إدارة المناطق التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة في "سوريا"،
أعلن النظام السوري استمراره لأعمال العنف، حيث نفذ الطيران الحربي السوري أول غارة له على منطقة حدودية لبنانية، كما تواصلت المعارك في أنحاء مختلفة من "سوريا"، وتكثفت الغارات الجوية التي استهدفت خصوصاً حي "بابا عمرو" في مدينة "حمص" (وسط)، ومدينة "القصير" في ريف "حمص"، حيث قتل تسعة أشخاص في الغارات، كما استهدف بالغارات مطار "تفتناز" العسكري الواقع تحت سيطرة مقاتلي المعارضة في ريف "أدلب" (شمال غرب)، ومدينتي الطبقة والرقة اللتين سيطر عليهما أخيراً المعارضون في الشمال، وهو ما أدى إلى قتل عدد كبير من المواطنين السوريين، حيث قُتل 22 شخصاً في قصف على بلدات وقرى في ريف العاصمة، بحسب المرصد السوري.
ويبدو أن التصعيد على مستوى المعارضة يقابله هو الآخر تصعيد من قبل نظام "بشار الأسد".
سيناريوهات مطروحة ومن ناحية أخرى يوجد سؤال هام يشغل ذهن عدد من الباحثين والمحللين، وهو: هل توافق الجامعة على حجز مقعد لتمثيل الشعب السوري؟
ويتضمن ذلك الموضوع العديد من السيناريوهات، حيث يتوقع الكثيرون موافقة الجامعة على إعطاء المعارضة بشكلها الجديد مقعداً فى الجامعة بشكل كامل، وما يدل على ذلك هو مساندة الدول الكبرى في الجامعة العربية (مصر وقطر والسعودية) لهذا المطلب ودعم هذا التوجه، وبالتالي في حالة عرضها على الجامعة ستحظى المعارضة على معظم الأصوات، ويكون لها حق التمثيل في الجامعة مع الاختلاف حول درجات التمثيل .
في حين يشير عدد من المحللين إلى إمكانية رفض الجامعة لتمثيل المعارضة لأسباب هيكلية، ومنها: شرط الإجماع في الجامعة لقبول تمثيل المعارضة، كما قد يتم الاختلاف حول مضمون درجات التمثيل نفسها ( تمثيل جزئي ، شامل ) للمعارضة .
وهناك اتجاه وسط بين الرفض والقبول، يتمثل في إبقاء الحال كما هو عليه لبعض الوقت؛ بسبب احتمالية عودة الانشقاقات بين المعارضة في حالة عدم الاتفاق على تشكيل الحكومة المعارضة، وبالتالي يتوقع هذا الاتجاه تأجل القضية لبعض الوقت لحين ترتب المعارضة أوضاعها، وتشكل حكومة معبرة عن أطياف المعارضة الحقيقية دون تهميش، ويعد ذلك النقطة الجوهرية الفاصلة في سبيل تحقيق إما السيناريو الأول الخاص بقبول الجامعة المعارضة كعضو بها، أو السيناريو الثاني وهو عدم قبول الجامعة بحجز مقعد للمعارضة.