اعلن رئيس حكومة المعارضة السورية غسان هيتو بعد ساعات على انتخابه الثلاثاء في اسطنبول رفضه لاي حوار مع نظام الرئيس بشار الاسد، في وقت اتهمت دمشق مسلحي المعارضة باستخدام سلاح كيميائي في شمال البلاد. وفيما بدأ “رئيس الحكومة الموقتة” الذي كان حتى قبل يومين شبه مجهول من شريحة كبرى من المجتمع السوري، اتصالاته لبدء تشكيل حكومته، ندد لبنان بالغارة السورية على ارضه الاثنين، ما دفع دمشق الى نفي اقدامها على اي قصف للاراضي اللبنانية. و بحسب فرانس برس قال غسان هيتو، خبير تكنولوجيا الاتصالات والناشط السوري الذي امضى قسما كبيرا من حياته في الولاياتالمتحدة، في اول خطاب علني له “لا يمكن لاي قوة في العالم ان تفرض على شعبنا خيارات لا يرتضيها (…) ونؤكد لشعبنا السوري العظيم ان لا حوار مع النظام الاسدي”. وانتخب هيتو فجر الثلاثاء في اجتماع الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية المنعقد في اسطنبول رئيسا لحكومة موقتة تستقر في الاراضي الخاضعة لسيطرة مقاتلي المعارضة. وردا على سؤال لوكالة فرانس برس عما اذا كان اعلان هيتو رفض الحوار يعني سقوط مبادرة رئيس الائتلاف المعارض احمد معاذ الخطيب في شأن التحاور مع ممثلين عن النظام، قال الخطيب لوكالة فرانس برس ان “النظام هو من انهى المبادرة قبل ان يكون هناك رئيس حكومة”. وكان هيتو صرح ليلا لصحافيين انه “سيعلن قريبا برنامج حكومته الجديدة” التي سيبدأ مشاورات لاختيار اعضائها على ان يعرض التشكيلة على الائتلاف لاقرارها. وولد هيتو في 1963، وكان حتى العام الماضي مديرا تنفيذيا لمدة 11 عاما في شركة “اينوفار” الاميركية لتكنولوجيا الاتصالات في تكساس. في نوفمبر 2012، ترك منصبه فجأة “لينضم الى الثورة السورية”، على حد قوله. وعلى الرغم من تقديمه على انه “رجل التوافق” الذي يحظى باحترام الاسلاميين وقبول من الليبراليين، فان هيتو لم يحصل على اجماع اعضاء الائتلاف. والدليل ان عددا من هؤلاء غادروا قاعة الاجتماع لدء بدء التصويت. ونال هيتو 35 صوتا من اصوات 49 شخصا شاركوا في عملية الاقتراع. وقال البعض ان سبب رفضهم لهيتو هو انه “مفروض من جماعة الاخوان المسلمين”. وقال عضو الائتلاف كمال اللبواني لوكالة فرانس برس “لا نريد ان يتكرر في سوريا ما حصل في مصر. لقد حولوا الثورة عن مسارها”. على الارض، سجل الاثنين تطور بارز تمثل باتهام دمشق لمسلحي المعارضة باطلاق صاروخ يحمل مواد كيميائية في ريف حلب، وباعلان موسكو انها تملك معلومات عن استخدام مسلحي المعارضة اسلحة كيميائية. وجاء في بيان لوزارة الخارجية الروسية “طبقا لمعلومات حصلنا عليها من دمشق، في وقت مبكر من صباح 19 مارس في محافظة حلب استخدمت المعارضة السورية اسلحة كيميائية”، مضيفة انها تشعر “بقلق بالغ” بهذا الشان. واورد الاعلام الرسمي السوري ان “ارهابيين اطلقوا صاروخا يحتوي مواد كيماوية في منطقة خان العسل الواقعة في ريف حلب”، ما تسبب بمقتل 25 شخصا واصابة 110 آخرين بجروح. واكد المرصد السوري لحقوق الانسان استهداف “صاروخ ارض ارض لتجمع للقوات النظامية في خان العسل”، من دون ان يكون في امكانه تحديد ما اذا كان يحمل مواد كيميائية ام لا. واعتبر وزير الاعلام السوري عمران الزعبي “استخدام السلاح المحرم دوليا تحولا خطيرا في ما يجري في سوريا على الصعيدين الامني والعسكري”. وقال ان “هذا السلاح القادم من خارج سوريا عبر حدود بعض الدول المجاورة يعني في ما يعنيه ان كل المزاعم وكل الكذب الذي تبديه بعض الدول، وفي مقدمتها فرنسا وبريطانيا وقطر وتركيا واخرين حول دعم المجموعات الارهابية المسلحة باسلحة غير فتاكة او بدعم لوجستي غير عسكري، هو مجرد كلام اعلامي”. وبث التلفزيون السوري صورا ظهرت فيها سيارات اسعاف تابعة لمنظمة الهلال الاحمر العربي السوري وهي تسعف الجرحى، وقد وضع المسعفون على وجوههم اقنعة قماشية. وقال احد الاطباء للتلفزيون ان الصاروخ “يحتوي مواد سامة فوسفورية تسبب اعراضا حادة مثل الغثيان وحالات غيبوية”. ونفى متحدث باسم الجيش السوري الحر لؤي مقداد من اسطنبول استخدام هذا الجيش لاي سلاح كيميائي. وقال “لا نملك صاروخا بعيد المدى ولا سلاحا كيميائيا”. على الجبهة اللبنانية، اعتبر الرئيس اللبناني ميشال سليمان ان القصف الجوي السوري على ارض لبنانية الاثنين “انتهاك مرفوض للسيادة اللبنانية”، بحسب ما جاء في بيان صادر عن مكتبه الاعلامي الثلاثاء. وقال البيان الصادر من لاغوس حيث يقوم سليمان بزيارة رسمية ان رئيس الجمهورية “كلف وزير الخارجية والمغتربين عدنان منصور توجيه رسالة احتجاج الى الجانب السوري بهدف عدم تكرار مثل هذه العمليات”. ويعتبر هذا اول تأكيد رسمي لبناني لحصول الغارة التي استهدفت منطقة جرود عرسال في شرق لبنان الحدودية مع سوريا والتي قال سكان انها استهدفت منطقة زراعية، فيما قالت وسائل اعلام قريبة من النظام السوري انها استهدفت “تجمعات مسلحين”. الا ان مصدرا مسؤولا في وزارة الخارجية السورية نفى الثلاثاء “جملة وتفصيلا ما تردد عن القاء طائرات حربية سورية قنابل داخل الاراضي اللبنانية”. وجاءت الغارة بعد ايام على توجيه دمشق رسالة الى وزارة الخارجية اللبنانية تهدد فيها بقصف “تجمعات مسلحين” داخل الاراضي اللبنانية في حال استمر تسلل هؤلاء الى الاراضي السورية. واعتبرت وزارة الخارجية الاميركية ان القصف السوري “يمثل تصعيدا كبيرا في الانتهاكات لسيادة الاراضي اللبنانية تتحمل سوريا مسؤوليته”. كما دانت فرنسا قصف الطيران السوري على الحدود اللبنانية، منددة ب”تصعيد” و”انتهاك جديد وخطير لسيادة لبنان”.