لندن: وجه الكاتب البريطاني المعروف روبرت فيسك انتقادا لاذعا لخطاب الرئيس الأمريكي باراك اوباما امام الجمعية العامة للامم المتحدة واعتبره مثيرا للشفقة. وقال فيسك في مقال ، نشرته صحيفة "ذي انديبندنت" اليوم السبت، إنه بالنسبة للرئيس الامريكي الذي دعا الى انهاء الاحتلال الاسرائيلي للاراضي العربية وانهاء عمليات الاستيلاء على الاراضي العربية في الضفة الغربية – وعلى حد وصفه فانها "مستوطنات" اسرائيلية – وقيام دولة فلسطينية بحلول العام 2011، فان اداء اوباما كان "يدعو للشفقة". وكما هي العادة، فان حنان عشراوي، الصوت الفلسطيني الوحيد البليغ في نيويورك هذا الاسبوع، وضعت الامور في نصابها الصحيح. اذ قالت لصحيفة "هآرتس" الاسرائيلية "لا اصدق ما اسمعه. فذلك يوحي كما لو كان الفلسطينيون هم الذين يحتلون اسرائيل ولم ينبس بكلمة واحدة من التعاطف مع الفلسطينيين، تحدث عن المشاكل الاسرائيلية فحسب"، وهي صادقة في كلامها.
وأضاف فيسك وكما هي العادة ايضا، فان اكثر الصحفييين الاسرائيليين عقلانية في تنديدهم باوباما، اكدوا ان امراء الصحافة الامريكية كانوا جبناء. وكتب يائيل ستيرنهيل يقول ان "خطاب الرئيس الامريكي باراك اوباما الرخو والخالي من الافكار امام الاممالمتحدة، انما يعكس مدى عجز الرئيس الامريكي في مواجهة حقائق الشرق الاوسط". وتسائل فيسك كيف يمكن لسفير الولاياتالمتحدة في اسرائيل دان شابيرو ان يسافر من تل ابيب الى نيويورك لحضور مناقشة قيام الدولة في طائرة رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو؟ وكيف يمكن ان يكون نتنياهو مشغولا في الحديث مع الرئيس الكولومبي لدرجة عدم الاستماع الى خطاب اوباما؟ واستطرد فيسك ان كل ما فعله نتنياهوهو انه القى نظرة خاطفة على المقطع المتعلق بالفلسطينيين من الخطاب عندما جلس وجها لوجه مع الرئيس الامريكي . اكد فيسك ان هذه ليست "وقاحة"، وانما اهانة واضحة وجلية واوباما يستحق ذلك فبعد بعد ان امتدح الربيع - الصيف -الخريف العربي – ايا كان التعبير المناسب، يقوم باعمال فردية من تنشجيع للتونسيين والمصريين العرب كما لو كان يقف مساندا للنهضة العربية طوال الوقت، لكنه لم يجرؤ على منح الفلسطينيين 10 دقائق من وقته، ولم يتأخر عن توجيه لطمة لهم في الوجه لانهم تجرأوا على المطالبة بدولة من الاممالمتحدة. بل ان اوباما، وهذا هو اكثر المقاطع سخرية في خطابه المثير للشفقة امام الاممالمتحدة، ساوى بين الفلسطينيين والاسرائيليين باعتبار انهما "طرفان متساويان" في الصراع. وقد يظن احد سكان المريخ الذي استمع الى هذا الخطاب، مثلما ذكرت عشراوي، ان الفلسطينيين كانوا هم الذين يحتلون اسرائيل وليس العكس,فلم يرد اي ذكر للاحتلال الاسرائيلي، ولا لقضية اللاجئين او حق العودة او استيلاء حكومة اسرائيل على اراض فلسطينية عربية مخالفة بذلك جميع القوانين الدولية. وكان هناك الكثير من المراثي للشعب الاسرائيلي المحاصر ولاطلاق الصواريخ على بيوتهم والتفجيرات الانتحارية – كل ذلك خطايا فلسطينية طبعا ولكن من دون اي اشارة الى العدوان على غزة، وعدد القتلى الفلسطينيين، اضافة الى الاضطهاد التاريخي للشعب اليهودي وللمحرقة. اضاف فيسك ان ذلك الاضطهاد هو حقيقة تاريخية وكذلك شراسة المحرقة لكن الفلسطينيين لم يرتكبوا هذه الافعال. بل انهم الاوروبيون الذين يسعى الان اوباما ان يحصل على تأييدهم لرفض الدولة الفلسطينية، والذين ارتكبوا جريمة الجرائم.وهذا يعيدنا الى "الطرفين المتساويين"، كما لو ان المحتلين الاسرائيليين والفلسطينيين تحت الاحتلال كانوا في قاعة العاب. وفى نهاية مقاله قال الكاتب ان "وزيرة الخارجية الامريكية السابقة" مادلين اولبرايت اعتادت على ترديد هذه الكذبة المؤلمة "المسألة تعود في حلها الى الطرفين نفسيهما"، وتغسل يديها من القضية عندما هددت اسرائيل باللجوء الى انصارها في امريكا. والله يعلم ما الذي سيشتمل عليه خطاب محمود عباس اليوم في الاممالمتحدة، وفي كل الاحوال فاننا سندرك من هم الذين يسترضون العدو على حساب المبادئ الاخلاقية.