كتب الشاعر المصري عمر حاذق قصيدة يقول بمطلعها : أغسطسُ قل لي متى سوف تأتي/ أريدُكَ في كل شهرٍ/ وفي كل يومٍ/ لأنّ زهورك شمّتْ غرامي وغنّتْ بصوتي/ أغسطسُ قل لي إذا ارتبكَ الليلُ فيكَ/ لأنّ حبيبينِ تاها بأغنيةٍ/ واستراحا على موجةٍ، هل يتوهُ الزمانُ؟/ وهل يوقفُ الوقتُ دورتَهُ أم يمرّ بصمتِ؟ "محيط" حاور الشاعر صاحب ديوان "أصدق شمس الشتاء" والذي حصد جوائز عدة منها جائزة مهرجان "الحب والسلام"، "باشراحيل" للقصيدة فرع الشباب، وجوائز جزائرية وإماراتية ، كما شارك بتأسيس جماعة "نوتا" لشعراء أورومتوسطيين. يقول الشاعر : الجوائز تشعرك بأن أحدا ما يربّت على كتفك ويشجعك على مزيد من الانطلاق، لكن يبقى في النهاية أن الإبداع في ذاته لذة لا حدود لها. ويرى حاذق أن الفن من طبيعته التعبير عن الكل في واحد فتجد حزنه أو فرحه تعبيرا عن الإنسان بشكل عام، وأن يخرج ذلك بشكل فيه إختزال، فترى الكلمات محملة بالدلالات والأسئلة التي تحتاج لجمل طويلة في خارج السياق الفني. ويعتقد الشاعر أن الانخراط في السياسة يضر كثيرا بالشاعر، لأنه يمنحه جملة أفكار عن الحياة، ينبغي عليه - باعتباره سياسيا – أن يتبناها ويدافع عنها. وقد حضرت قبل الثورة أحد اجتماعات الجمعية الوطنية للتغيير بالإسكندرية في فبراير 2010، وقررت بوضوح أن العمل السياسي في ذلك الإطار أمر لا معنى له، حتى أنني تركت الاجتماع في منتصفه، واكتفيت بكتابة قصائد تعبر عن حالة القهر التي أعيشها ونعيشها، وكنت أرفض تماما كتابة المقالات إخلاصا لفكرة كتابة الشعر فحسب، واكتفيتُ بنشر شعري الذي يحمل هذا الهم المصري الأليم. ومنذ استشهاد خالد سعيد بالطريقة الوحشية التي نعرفها، بدأت أتورط في المواظبة على أي مظاهرة مناهضة للنظام، مع الحرص على عدم الارتباط بأي فصيل سياسي، وتركت شعر الحب إلى كتابة أخرى تنحاز للألم والقهر الإنساني. ومنذ ثورة تونس بدأت أعيش حالة غليان وترقب، حتى جاء 25 يناير، فلم أصدق نفسي لأنني كنت يائسا من المصريين، لكنهم فاجأوني حقا. وبعد الثورة وتداعياتها، رأيتُ أنه ينبغي ترك الشعر مؤقتا والاعتناء بالكتابة الصحفية لحين عبور هذه الفترة الحرجة، لأن التفاعل المباشر مع الناس في هذه اللحظة مهم، وهكذا انتظمت في كتابة الرأي بجريدة "الدستور" الأصلي. سألناه عن سبب جملته "الشعب في القفص منذ الثورة" فقال حاذق أنه كتب ذلك قبل أول يوم لمحاكمة مبارك، حيث رأى وقتها أن الشعب المصري ينجرف مع موجة التهليل والابتهاج المزيف، غافلا عن أهمية الضغط السلمي على المجلس العسكري لتحقيق مطالب الثورة بدلا من هذا الانحدار المريع الذي نستمر فيه منذ عهد مبارك. لذا قال الشاعر أن الشعب هو المسجون في القفص وليس مبارك، قفص كبير من التضليل والكذب والتسلق باسم الثورة، مازال هذا رأيي الآن حتى إشعار آخر. وعن جديد حاذق الذي ينتظره القراء فهو مجموعة قصائد حب، وقد ترك هذا اللون قبل الثورة وانصرف للشعر الثوري ، ولهذا فإن القصائد الجديدة محاولة شعرية لإخراج المكبوت النفسي.
ويهدي حاذق "محيط" قصيدة من ديوانه الجديد يقول فيها : أحِسُّ بحبكِ كحقلٍ صغيرٍ أحسّ بحبكِ يكبرُ فيّ وتنبتُ أوراقُهُ حول حزني تُطوّقُه وتظللُهُ من هجيرِ الجراحْ
إذا اشتبكتْ إصبعي في أصابع كفكِ، تنمو الجذورُ وتمسكُ حقلي لئلا تبعثرَهُ دمدماتُ السيول وعصفُ الرياحْ