تعيش العاصمة الإريترية أسمرة حالة من الغموض بعد تضارب الأنباء عن وقوع انقلاب عسكري ضد نظام حكم الرئيس الإريتري أسياس أفورقي. من جانبه قال مسئول دبلوماسي عربي في أسمرة :"إن الوضع يكتنفه الغموض وسط انتشار لبعض الوحدات العسكرية التابعة للجيش لتأمين المرافق الحيوية في العاصمة".
سماع دون شواهد
وذكر المسئول الذي اشترط عدم تعريفه ، "نسمع عن قصة الانقلاب العسكري، لكن لا شواهد له على الأرض، هناك قوات للجيش بالفعل في بعض المناطق الحيوية ولكن تم إبلاغنا أنها تستهدف فقط تأمين المرافق والمنشآت الحيوية".
وقال المسئول الذي تحدث عبر الهاتف أمس:"الوضع هادئ تماما والناس عادت للظهور في الشوارع، المحلات والمقاهي مفتوحة ولا نرى أي أمور غير عادية".
وأضاف: "تمت إعادة فتح مطار أسمرة بعد ساعتين من إغلاقه، وهناك رحلات ستغادر قريبا وطائرات أخرى في طريقها للوصول ما يعني أنه لم يتم إغلاق المجال الجوي لإريتريا".
وأوضح السفير: "نحن أيضا لم نفهم حقيقة أو مغزى ما يجري، السلطات الإريترية لم تقدم أي تفسيرات رسمية، وما زال بث التلفزيون والراديو مقطوعين حتى هذه اللحظة".
وضع طبيعي ولفت إلى أن تقارير من شوارع أسمرة رصدها دبلوماسيون عرب لا تميل إلى تأكيد صحة وقوع انقلاب عسكري في العاصمة الإريترية، مضيفا: "المحلات مفتوحة والمقاهي أيضا والحركة عادية بوسط المدينة، صحيح أنها كانت قليلة نسبيا فور انقطاع البث التلفزيوني لكنها عادت لاحقا".
ورفض وزير في الحكومة الإريترية التعليق على محاصرة قوات عسكرية من الجيش لمقر وزارة الإعلام حيث أجبرت مدير التلفزيون الحكومي على المطالبة في بث مباشر بالإفراج عن جميع السجناء السياسيين، علما بأن تقديرات الأممالمتحدة العام الماضي تؤكد وجود ما بين خمسة وعشرة آلاف سجين سياسي محتجزين في إريتريا التي تتهمها جماعات معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان بممارسة التعذيب والإعدام من دون محاكمة.
واكتفى الوزير الذي طلب عدم الإشارة إلى هويته بالقول: "سنصدر لاحقا بيانا رسميا لتوضيح حقيقة ما يجري".
ونقلت وكالة "رويترز" عن مصدر كبير في المخابرات الإريترية قوله، إن الجنود أجبروا مسئول التلفزيون الحكومي على الحديث ليقول إن على الحكومة الإريترية الإفراج عن جميع السجناء السياسيين.
وذكرت مصادر اخبارية إريترية معارضة إن المذيع المعروف في الفضائية الإريترية أسملاش إبرا تلا بيانا عن إطلاق سراح المعتقلين السياسيين انقطع على إثره بث القناة الفضائية والإذاعة.
وقالت تقارير واردة من أسمرة :"إن مائتين جندي من الجيش الإريتري يحاصرون مبنى وزارة الإعلام مستقلين دبابتين، بينما تزعم المعارضة الإريترية أن محاولة انقلابية تم تنفيذها ضد الرئيس أفورقي الذي تتحدث مصادر غير مؤكدة عن وجود ابنته داخل المقر المحاصر".
انقلاب عسكري ونقل موقع "إريتريا اليوم" عن مصادر في وزارة الإعلام الاريترية قولها: "تم جمع كل الصحفيين العاملين في التليفزيون وقرأ عليهم الانقلابين ما يشبه البيان موضحين أنهم قاموا بهذه العملية من أجل إصلاح البلاد وإعادة الدستور".
وتحدثت أنباء غير مؤكدة عن حصار الرئيس أفورقي في مباني رئاسة الحزب الحاكم "الجبهة الشعبية للعدالة والديمقراطية" وهو الحزب السياسي القانوني الوحيد في البلاد التي بها 5.8 مليون نسمة. وانقطع البث التلفزيوني بصورة مفاجئة على القمرين الصناعي المصري نايل سات وعربسات.
يذكر أن التليفزيون الإريتري كان قد تعرض في عام 2007 للتشويش حيث اتهمت الحكومة الإريترية إثيوبيا بالتسبب في ذلك.
ساعة الحسم وقال معارضون لأفورقي إن حياة القلق والترقب التي عاشتها العاصمة أسمرة طوال الأسابيع الماضية يبدو أنها بلغت أخيرا ساعات الحسم. ولفت هؤلاء إلى أنه قبل انقطاع بث الفضائية الإريترية انتشرت قوات من الجيش والقطع الآلية العسكرية الثقيلة من مدرعات وناقلات جنود وحفر الخنادق حول النقاط الحيوية بالعاصمة، مما أدى إلى انسحاب الناس من الشوارع والبقاء داخل المنازل حتى تنجلي الأمور.
يشار إلى أن أفورقي يعتلي السلطة في بلاده منذ عام 1993 عندما حظيت باستقلالها من إثيوبيا، علما بأنه قاد ترأس جبهة تحرير شعب إريتريا منذ عام 1975.
الحوثيون في إريتريا وتأتي تلك الاحداث بعد أن أعلنت مصادر سياسية ودبلوماسية يمنية أول أمس الأحد أن إيران تدرب أعدادا كبيرة من الحوثيين في دولة إريتريا المجاورة لليمن على الساحل الأفريقي للبحر الأحمر.
ونقلت صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية عن المصادر أن لدى اليمن ما يثبت تهريب إيران لأسلحة عبر سفن مهربة إلى جزر تتبع إريتريا، ثم يتم نقل هذه الأسلحة عبر شحنات صغيرة إلى الحوثيين في محافظة صعده التي يسيطرون عليها شمال البلاد.
وفي المقابل نفى السفير الاريتري في الرياض محمد عمر محمود قيام الحرس الثوري الإيراني بتدريب عناصر من الحوثيين في اريتريا.
وكانت صحيفة الشرق الأوسط قد نشرت أمس خبر بعنوان "مصادر يمنية: الحرس الثوري الإيراني يدرب الحوثيين في اريتريا".
وقال السفير في رده على الصحيفة: " يؤسفنا أن تتهم دولة وممن مصادر غير معروفة وتفرد له هذه المساحة. لذلك نطلب، إذا كانت مصادر يمنية ومسئولة، أن تطرح أسماءهم ومناصبهم حتى نخاطب الجهات المعنية في اليمن لأن العلاقة بيننا وبين اليمن علاقة طيبة، وإذا كانت أجهزة وعناصر استخبارية هدفها تشوية دولة اريتريا، فنحن نطالب بأن تكون المسئولة في تأكيد هذه المعلومات، وتحديد الجزر والأماكن التي يتواجد فيها الحرس الثوري الإيراني.
وأضاف: "نحن شعب ودولة تحترم نفسها ولها القدرة في الدفاع عن أراضيها في البر والبحر والجو، ولسنا في حاجة إلى إعطاء أراضينا وجزرنا للآخرين، لأننا دفعنا ثمنا غاليا لتحرير بلدنا بالتضحيات التي قدمناها، وبالتالي الأرض ليست مطروحة للبيع أو التأجير، وقد ملّينا من التشويهات، ومن أجهزة وعناصر استخبارية معروفة".
وتابع: "نحن قلنا ومازلنا نقول: إذا كانت أي جهة يمكن أن تزور إريتريا وتبحث عن الجزر أو القواعد التي تحدثوا عنها، وليس هذا طلب لشهادة حسن سيرة وسلوك".