عاد الهدوء لشوارع العاصمة الإريترية أسمرا، وعاد التلفزيون الحكومي للبث بعد انقطاعه لعدة ساعات، إثر محاصرة نحو 200 جندي لوزارة الإعلام وبث بيان يطالب بالإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين، وأعلنت شخصيات تقول إنها تمثل المعارضة أن هناك انتفاضة مسلحة بالبلاد. وأظهرت صور من التلفزة الإريترية بثا مسجلا لبرامج عادية دون إشارة لأي أحداث استثنائية في البلاد، وقد حاولت قناة "الجزيرة" الإخبارية الحصول على تعليق السلطات الإريترية أو ممثليها في الخارج لكنها لم تحصل على أي رد منهم.
من جهته، قال مسئول العلاقات العامة لمنسقية القوى الوطنية الديمقراطية الإريترية عبد الرحمن السيد ل "الجزيرة" من لندن: "إن الذي جرى يمكن وصفه بأنه حركة محدودة قامت بها قوى عسكرية حاصرت مبنى وزارة الإعلام وأجبرت مدير التلفزيون الحكومي على المطالبة بالإفراج عن جميع السجناء السياسيين".
غير أنه أضاف أن انقطاع الإرسال التلفزيوني بعد بث البيان يدل على أن السيطرة على الإعلام لم تكن بالطريقة الكاملة.
وردا على سؤال عن مصير الذين نفذوا هذه العملية قال: "إنه وفقا للثقافة العسكرية فإما أن تكون منتصرا أو تقتل، ولذلك فإن الذين قاموا بالعملية قد يتعرضون لعقاب قاس إذا لم تتحرك القوى الوطنية لإنقاذهم".
وكانت أنباء أشارت إلى أن نحو 200 جندي إريتري حاصروا في العاشرة من صباح الاثنين، مبنى وزارة الإعلام ترافقهم مدرعات ودبابتان، وأشارت معلومات أخرى إلى محاصرة مجموعة أخرى لمطار العاصمة أسمرا.
وقد بث مدير التلفزيون القومي بيانا طالب فيه العسكريون بإطلاق المعتقلين السياسيين وفقا لمصدر إريتري.
وقال المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه: "إن صراعا بين أربعة جنرالات بدأ يطفو على السطح في غياب كامل للمؤسسة العسكرية لحسمه".
وتعاني إريتريا أزمة اقتصادية طاحنة أدت إلى فشل الدولة في الإيفاء بالتزامها نحو موردي المواد البترولية إلى جانب فشلها في توفير مرتبات العاملين بالدولة والقوات المسلحة لأربعة أشهر.
وأشار المصدر إلى أن هناك تذمرا وسط المؤسسة العسكرية بسبب خطوة الرئاسة بتكوين ما أسماها مليشيات جديدة موازية للقوات المسلحة.
وتحدث بشير إسحق من التحالف الديمقراطي الإريتري ل "الجزيرة" عن انشقاقات داخل الجيش، ومطالبات بإطلاق معتقلين سياسيين وإطلاق عملية إصلاح دستوري. وأعرب عن اعتقاده بأن ما يجري هو محاولة انقلاب على الرئيس أسياس أفورقي، مشيرا إلى تدهور اقتصادي وتذمر داخل الجيش منذ فترة طويلة.
كما قال عمانوئيل غيرماي، وهو صحفي في راديو أرينا المحطة الإريترية التي تتخذ من باريس مقرا لها، إن نحو 100 جندي اقتحموا وزارة الإعلام التي تبث منها كل وسائل الإعلام العامة الوحيدة المرخص لها في إريتريا، وأضاف لوكالة الصحافة الفرنسية "لا نعلم من يقود حركة التمرد الجارية".
وتفيد تقديرات الأممالمتحدة العام الماضي بأن ما بين 5000 و10000 سجين سياسي محتجزون في إريتريا، التي تتهمها جماعات معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان بممارسة التعذيب والإعدام دون محاكمة. كما لا توجد وسائل إعلام مستقلة في إريتريا.
يشار إلى أن الرئيس أسياس أفورقي يحكم إريتريا -كما تقول وكالة الصحافة الفرنسية- بيد من حديد منذ إعلان استقلالها في العام 1993 بعد حرب استمرت 30 عاما ضد الحكومة الإثيوبية.
ويذكر أن التلفزيون الإريتري كان قد تعرض في عام 2007 للتشويش، حيث اتهمت الحكومة الإريترية إثيوبيا بالتسبب في ذلك. وقال معارضون لأفورقي إن حياة القلق والترقب التي عاشتها العاصمة أسمرة طوال الأسابيع الماضية يبدو أنها بلغت أخيرا ساعات الحسم. ولفت هؤلاء إلى أنه قبل انقطاع بث الفضائية الإريترية انتشرت قوات من الجيش والقطع الآلية العسكرية الثقيلة من مدرعات وناقلات جنود وحفر الخنادق حول النقاط الحيوية بالعاصمة، مما أدى إلى انسحاب الناس من الشوارع والبقاء داخل المنازل حتى تنجلي الأمور.