أعلن رئيس اتحاد الكتاب الأديب محمد سلماوي عن اعتزام اتحاد الكتاب ضم الكاتب المستشار أشرف العشماوي إلى عضويته، مؤكداً أن العشماوي يستحق عن جدارة لقب "كاتب" وهو أعظم الألقاب، فالكاتب هو ضمير الأمة الذي يصوغ وجدانها ويعبر عن آمالها وطموحاتها، مؤكداً أنه سيبدأ قراءة "تويا" من الليلة. جاء ذلك في حفل توقيع طبعة جديدة لرواية "تويا" للروائي الكبير والمستشار أشرف العشماوي، الذي أقامته الدار المصرية اللبنانية مساء أمس، احتفالاً بوصول الرواية للقائمة الطويلة لجائزة البوكر العالمية للرواية العربية لعام 2013. وتُعد "تويا" هي العمل الأدبي الثالث للمستشار أشرف العشماويحيث سبقها برواية "زمن الضباع" وكتاب "سرقات مشروعة".
أدار حفل التوقيع الروائي الكبير إبراهيم عبد المجيد الذي أكد أن إفريقيا ميدان جديد ومثير وهي قارة الأساطير، قارة بكر بها كل الثنائيات والتناقضات، القهر والحرية، الغابات والشلالات، قارة كل الرذائل وكل الفضائل، قارة تجارة العبيد وعبادة الطبيعة!، هي قارة الأسرار.
تحكي الرواية عن الطبيب يوسف كمال نجيب الباحث عن ذاته وانتمائه بين أبيه المصري وأمه الإنجليزية، والحائر بين رغبة أمه في البقاء في إنجلترا، وحلم أبيه بأن يحوّل مهنته إلى رسالة؛ خادما بذلك أبناء وطنه مصر ووطنه الأكبر إفريقيا.
واعتبر عبدالمجيد أن مقدمة الرواية طويلة، تعرفنا بنشأة الطبيب يوسف، بلغة الراوي العليم التي يحبها القراء، واعتبر الروائي الكبير أن الرواية أصبحت اكثر إمتاعاً عندما سافر الطبيب يوسف إلى كينيا، حيث المناظر الطبيعية الخلابة، وتسلك الرواية طريقين الأول هو طريق الطبيعة، والثاني هو طريق العصابات التي تتاجر في الأعضاء. رسم الكاتب شخصياته بدقة، وبرع في وصف براءة الشخصيات الإفريقية التي تبهرها الكاميرا حيث تراها لأول مرة.
وامتدح عبدالمجيد المؤلف الذي لم يزر كينيا ومع ذلك برع في وصف الطبيعة هناك، وبرع كذلك في رسم شخصيات روايته بعدالة وتوازن، فأينما تظهر "تويا" تظهر معها البهجة، وحين يطل رئيس عصابة تجارة الأعضاء تطل معه رائحة الموت والجبروت والقسوة، بينما الشقاوة والمرح تظهر مع ظهور الطفل الإفريقي. مؤكداً سعادته حين يكتب قاضياً في الأدب لأن هذا يذكره بمصر في الماضي حين كان يقودها القضاة.
ويتابع قائلاً أن الرواية تلخص الصراع المحتدم بين البشر الأبرياء وبين قوة الشر، ورغم أن السرد بدا بطيئاً إلا أنه كان مغرياً للاستكمال.
من جانبه برر المؤلف المستشار أشرف العشماوي صاحب العشماوي الاستغراق في التفاصيل وبطء السرد برغبته في كتابة شئ بعيد عن أحداث الثورة، وإبعاد القارئ عن أحداث السياسة وعن الأحداث في مصر.
وأكد العشماوي في كلمته أنه كرجل قضاء عمل بالنيابة لمدة 18 عام، يرى أن النجاح الحقيقي يكمن في محبة الناس، وليس فقط في وصول الرواية للبوكر؛ لافتاً إلى أنه لم يعتاد إلقاء كلمة امام جمع كبير سوى أثناء عمله كوكيل نيابة، قائلاً كنت ألقي أدلة اتهامي أمام ثلاثة أطراف رئيسة وبالطبع لم أكن أحظى بحبهم؛ هم المتهم، والمحامين والقاضي.
ولفت العشماوي إلى أنه بدأ كتابة "تويا" في فبراير 2011 بعد تنحي مبارك بإسبوع، وبعد الثورة التي هي أشبه بعملية جراحية حتمية لكن بالتأكيد لها أعراض جانبية بعضها قاتل، لذلك كتب "تويا" لتكون شيئاً آخر بعيداً عن الثورة، على حد قوله.
وأكد الكاتب أن إفريقيا ابتعدت عن مصر أدبياً مثلما بعدت سياسياً، لذلك حاول كتابة عمل يبعد القارئ عما هو موجود، فقد كان من الصعب الكتابة عن الثورة فالأنسب لها برأيه هو المقال وليس الرواية.
يواصل: أنهيت الرواية عام 2012 واجتهدت في وصف الطبيعة في نيروبي، فالرواية تضم جانب رومانسي واجتماعي وكذلك تتحدث عن الهوية.
ورداً على سؤال دكتور أشرف رضا حول إلمام المؤلف بالتفاصيل الدقيقية لطبيعة كينيا رغم أنه لم يزرها، أوضح عشماوي أنه استعان بسفارة كينيا في مصر، لافتاً إلى أنه اطّلع على صور الفندق التي دارت به الأحداث.
ولفت المؤلف إلى أن هناك معلومات معرفية بالرواية لم يستطع تغييرها، مثل التعريف بمرض الجذام، كذلك المعلومات الخاصة بجغرافية المكان في كينيا. وأشار العشماوي إلى أن العنوان الذي يحمل اسم "تويا" الفتاة الإفريقية يعد اسماً فرعونياً، واكتشفت فيما بعد – يواصل – أنها تعني باللغة الساحلية الكينية زهرة لها أربع ورقات تجلب الحظ.
الناشر محمد رشاد صاحب المصرية اللبنانية أثنى على المؤلف مؤكداً أن قضاة مصر عظام يتمتعون بثقافة عالية ولغة رصينة أكثر من الأدباء أنفسهم.
مع الرواية..
الرواية عن طبيب يبحث عن نفسه، أبوه مصري وأمه إنجليزية، الرواية منذ البداية تضعنا أمام هذا الاختيار، الأب الذاهل لرحيل عبد الناصر، والابن الحالم بالثراء .
منذ الإهداء نجد أنفسنا أمام هذه الثنائية: "..إلى من يظن أنه يتخذ جميع قراراته بعقله فقط، تأكد أن قلبك يخطو الخطوة الأولى في أحيان كثيرة" فتكامل ثنائية العقل والقلب وليس انفصالها، ينسحب على مجمل رؤيته في هذه الرواية.
سيل من التحديات يواجه بطل الرواية يوسف كمال نجيب، أول هذه التحديات هو طموحه الشخصي ورغبته في النجاح المادي ثم العلمي ، يحلم بإنشاء امبراطورية طبيةً تعالج الأغنياء من دول الخليج وبعض ثراة قومه .
يقابل يوسف بروفيسير إنجليزي يهب حياته لمقاومة مرض الجذام في إفريقيا فينشيء مؤسسة للأبحاث لاكتشاف علاج للمرض، أمه التي رتبت لقاءه مع البروفيسير كانت تحاول ربط جذوره بوطنه الثاني إنجلترا، وهي إنجليزية الأصل ، فينتهي به الأمر مخلصًا لأفريقيا التي قضى فيها عامين في نيروبي في كينيا، وينجح هو المصري في اكتشاف العلاج لمرض الجذام، لأن البروفيسير الإنجليزي اكتشف أن الخلطة الحضارية ليوسف كمال نجيب المصري الإفريقي الإنجليزي قادرة على الإبداع، يصفه قائلاً:
"هذا الفتى عنيد ويكره القيود .. حسبما أخبرتني والدته ، ولكن فيه شيئًا غامضًا ، لديه لمعة في عينيه تشعر معها بأنه يريد أن يحقق ذاته في أمر ما ، لكنه لا يعرفه حتى الآن ، لديه بركان خفي يموج بداخله ويستعد للفوران ، ولكنه لم يكتمل بعد .. دائمًا ما يخفت بركانه قبل لحظة الفوران .. وكأن أوانه لم يحن" .
في كينيا يقاب هذه النماذج؛ سكورت مثال للمواطن "الترس" الأوروبي الذي لا يعرف إلَّا العمل ، ليضمن تقاعدًا مريحًا ، و"نيفيل" المستغل المجرم الذي يتاجر في أعضاء الأطفال والفتيان ويشحنها إلى إنجلترا ، جزء من مافيا عالمية تنهب خيرات القارة دون ضميرأ ورحمة ، سكورت صديق ليوسف، ونيفيل عدوه .
المرأة في حياة يوسف تتمثل في خطيبة يوسف "كاترين" التافهة التي لا ترى في العالم شيئًا مهمًا غير نزواتها وطموحها في الزواج من يوسف بعد أن يستقر في لندن، ووالدته السيدة "براون" التي تلتقي رغباتها مع رغبات كاترين ، أي استقرار يوسف بجوارها في لندن ، حتى أنهما تتفقان مع "نيفيل" للقضاء على أحلام يوسف في "نيروبي"، و"تويا" الفتاة الإفريقية الجميلة التي يقتلها "نيفيل" و"إيراي" لأنها عرفت سرهما، وهي سر تمسك يوسف ببقائه في نيروبي لاكتشاف مصل لعلاج مرض الجذام الذي يكسب "نيفيل" من انتشاره بين قبائل إفريقيا الملايين .
ثم يرغب يوسف في القضاء على العصابة الإجرامية المكونة من "نيفيل"، و"إيراي" و"مينجو"، فيصل إلى اكتشافه ، ويبلغ الشرطة عن هذه العصابة، فيدفع بذلك ثمنا باهظًا وهو قتل حبيته "تويا" على يد هذه العصابة بعد أن تضع له طفلة جميلة سوف يصطحبها معه إلى بلده مصر آخر الأمر، وهي ما يصله بجذوره الإفريقية ، في دلالة رمزية على انتماء مصر الإفريقي .
ومن الرواية نقرأ:
"تويا أنت مختلفة عن الجميع .. أفكارك وطريقتك في الحياة مختلفة ، تصرين دائمًا على الإصلاح ، تشعرين بالمسئولية تجاه قبيلتك ، تحبين الأطفال وترعينهم ، تساعدين الأجانب القريبين منا ، والوافدين إلينا ، أنت لا ترين الحياة مأكلًا ومشربًا فقط ، بل تبحثين دائمًا عن الكمال ، وكأنك راهبة في محراب مقدس .. أنت يا تويا مثل اسمك زهرة برية ذات أربع ورقات .. نبات طبيعي في الأحراش" .