في مرحلة من أهم وأخطر المراحل في تاريخ الكويت، أنهت كافة قطاعات الامانة العامة لمجلس الامة الكويتى استعداداتها لجلسة الافتتاح والتي ستعقد الساعة العاشرة من صباح غد الأحد. ويعلق الكويتيون جميعا على هذه المرحلة آمالهم على تلك الروح الجديدة، روح التعاون والرغبة في العمل والبناء والإنجاز، بعد سنوات عديدة ساد فيها الاحتقان السياسي. ومرت الكويت بفترة من التوتر والتجاذب بين أعضاء مجلس الامة 2012 المبطل ودعوته الى مقاطعة الانتخابات ترشحا وتصويتا، وقرارات اصدرها امير الكويت بغية اصلاح خلل اصاب آلية الانتخابات .
إنهاء الأزمة وبدأت هذه المرحلة منذ تشكيل الحكومة الجديدة يوم الاربعاء الماضى، لتنهي بذلك فترة من التجاذب مع السلطة التشريعية، ولتكون كما قال امير الكويت فى الكلمة التي وجهها الى الحكومة عقب أدائها اليمين الدستورية: "إننا نتطلع بكل ثقة وأمل إلى تعاون إيجابي وبناء ومثمر بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ، يسوده الود والتفاهم والحرص المشترك للتصدي ومعالجة كافة القضايا ، وتلبية تطلعات المواطنين نحو تحقيق المزيد مما ينشده الوطن من رقي وبناء وازدهار".
ومن جانبه أكد رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك أن حكومته ستمد يد التعاون إلى مجلس الأمة وأن السلطتين ستترجمان النص الدستوري الذي يؤكد تعاونهما مع احترام كل سلطة منهما لصلاحيات واختصاصات الأخرى الى خطط وبرامج اصلاحية تعيد الكويت مجددا الى مكانها اللائق.
وحول جلسة الغد، ستشهد استقبال امير الكويت الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح، من قبل لجنة الاستقبال برئاسة رئيس السن صلاح العتيقى، ثم يتم تلاوة مرسوم الدعوة ثم والخطاب الاميري، يعقبها كلمة رئيس السن ثم كلمة رئيس مجلس الوزراء ترفع بعدها الجلسة على أن تعقد الجلسة الاولى للنظر في بنود جدول الاعمال.
ابتعاد الحكومة وحسمت الحكومة أمرها وقررت ترك حرية التصويت وفق قناعات الوزراء في انتخابات رئيس مجلس الامة ونائبه وبقية مناصب مكتب المجلس.
وذكر مصدر وزاري مطلع لصحيفة "الأنباء" الكويتية أن تضامن الحكومة مع مرشح ضد آخر يحرجها ويكشف اوراقها وهي في غنى عن هذا كله لانه يفترض انها تقف على مسافة واحدة من المرشحين.
وأضاف المصدر أن امتناع الحكومة عن التصويت طواعية اختيار سلبي يجعلها تتنازل عن حق دستوري أصيل لها في موضوع استراتيجي كاختيار رئيس المجلس أو نائبه، أما اتخاذ قرار بالتصويت الحر وفق قناعات كل وزير فيؤهل للشفافية ويؤسس أولى خطوات التعاون الحقيقي في إيصال أشخاص بناء على قناعات حقيقية وليس مسيرة أو موجهة.
كتلة الاستقرار
من جانبها، رجحت مصادر نيابية ان تفرز المشاورات الجارية بين عدد من النواب كتلاً نيابية جديدة، مشيرة الى ان هناك مشاورات بين 5 نواب لتشكيل كتلة تهدف الى الدفع باتجاه الاستقرار السياسي وتحقيق انجازات ملموسة خلال المرحلة المقبلة.
وأوضحت أن هذه الكتلة ما زالت قيد التشاور من حيث اعضائها وتحديد اهدافها، كما عقد اجتماع ضم 13 نائبا قالت عنه مصادر برلمانية انه تمهيد لإعلان تشكيل كتلة نيابية جديدة قد يصل عدد أعضائها إلى 18 نائبا.
"الصوت الواحد" من ناحية اخرى، يبحث مجلس الوزراء فى جلسته الاستثنائية اليوم، سبل تنفيذ أجندة التنمية التي أعلنت عن بعض ملامحها بشكل مسبق من خلال تصريحات بعض الوزراء أو ما ورد في كلمة رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك بعد أداء القسم أمام الأمير، والتى تتركز أولوياتها على الجانب الاقتصادي والتنموي.
وأعلن مصدر وزاري أن الحكومة أحالت لمجلس الامة جميع المراسيم التي صدرت خلال غياب المجلس وفقا لمقتضيات الضرورة، لعرضها في أولى الجلسات العملية للمجلس والتصويت عليها بالموافقة أو الرفض.
وأكد المصدر لصحيفة "الوطن" أن من بين هذه المراسيم مرسوم "الصوت الواحد" والذي يملك المجلس اعداد قانون بديل عنه ليحل محله اذا صوت عليه بالرفض ، لافتاالى وجوب عرض المرسوم والاقتراح الجديد معا حرصا على عدم حدوث فراغ تشريعي ولذلكلابد من اعتماد المرسوم أو القانون البديل.
وأضاف أن رفض مرسوم الصوت الواحد اذا وجد البديل عنه لا يخل بالوضع الدستوري لأعضاء مجلس الامة لأن إجراءات إصدار المرسوم صحيحة وفقا لصريح نصوص الدستور، ومن باب التعاون فإن الحكومة تدرس عدم المشاركة في التصويت على المراسيم أو الامتناع وسيتقرر ذلك قبل انعقاد الجلسة التي ستطرح على جدولها المراسيم والقوانين.
تكتيك المعارضة ومن جانب المعارضة، فقد كشفت عن تكتيك جديد سوف تسلكه خلال جلسات مجلس الامة المقبلة بعد ان تكون انتهت من تنفيذ ترتيباتها لمواجهة الجلسة الافتتاحية بالتجمهر أمام مبنى المجلس، اذ تهدف بالتكتيك الجديد إلى التسبب بحالة من الاحراج المتواصل للمجلس وفي كل جلسة بما يؤدي الى منع الجمهور أصلا من حضور الجلسات.
ويقوم التكتيك الجديد لشباب المعارضة على مواظبة مجاميع منهم على حضور الجلسات المفتوحة للجمهور، وخلال الجلسات يقومون برفع شعارات احتجاجية والصراخ بالصوت العالي ضد المجلس من داخل القاعة الامر الذي سيؤدي الى تعطيل الجلسة وبالتالي إخلاء القاعة، وهذا لا يعنى عدم دخول الجمهور إلى الجلسة التالية، في الوقت الذي سوف لن يتمكن فيه حرس المجلس من التعرف الى المعارضين من غيرهم خصوصا مع استمراريتهم في تغيير المجاميع التي تحضر الجلسات، بما يتيح تكرار هذا العمل مع كل جلسة وعندها يكون المجلس امام خيار منع دخول الجمهور نهائيا وهو ما ترى جموع المعارضين أنه سوف ينعكس سلبا على سمعة المجلس.
تحديات الحكومة ومع بدء هذه المرحلة فوضع المراقبون عدة تحديات تواجه الحكومة الجديدة ومنها أن يعود مجلس الوزراء الجهة المهيمنة على مصالح الدولة ، يرسم السياسة العامة ويتابع تنفيذها، ويشرف على سير العمل في الادارات الحكومية، واداء الحكومة الذي يقاس بقدرتها على تنفيذ برنامجها، وهناك أمل في أن تكون قادرة على النهوض بمتطلبات التنمية التي تحتاج إليها الكويت بشدة، ومعالجة المشاكل المتراكمة.
ولعل التحدى الاكبر يكمن فى كيفية تعامل الحكومة مع المجلس الجديد الذى كشر بعض نوابه عن انيابهم ، رغم ان المجلس الحالي اعتمد نوابه في الوصول الى قبة البرلمان على انتقاد سياسة الاغلبية السابقة ورفض التأزيم والاستجوابات ، فإن بعض اعضائه قبل ادائهم القسم الدستوري اتبعوا الاسلوب نفسه الذي كانوا يرفضونه في السابق بالتلويح بأداءة المساءلة السياسية والتدخل في تشكيل الحكومة، عبر وضع فيتو على عودة بعض الوزراء، غير ان عدم استجابه الحكومة للضغوط الكثيرة التي مورست عليها لاقصاء بعض الوزراء وفرض اسماء معينة، والحرص الشديد على اختيار حكومة هي ابعد ما تكون عن المحاصصة القبلية أو الطائفية أو السياسية ، والاعتماد في ترشيح من تم اختيارهم لها على معايير الكفاءة والخبرة وحدها ، بعيداً عن أي اعتبارات اخرى ربما كان لها الأولوية في السابق ، يشير الى انها ستتبع سياسة جديدة في التعاطي مع المجلس الحالي مستندة الى المادة 50 من الدستور بأن "يقوم نظام الحكم على اساس فصل السلطات مع تعاونها وفقا لاحكام الدستور، ولا يجوز لأي سلطة منها النزول عن كل او بعض اختصاصها المنصوص عليه في هذا الدستور".
أول الاستجوابات ولعل اول استحقاق ستواجهه السلطتان بعد انتهاء الجلسة الافتتاحية لدور الانعقاد الاول وبدء مباشرة المجلس لاعماله، هو كيفية التعاطي مع الاستجواب الصريح الذي اعلن النائب سعدون حماد تقديمه الى وزير النفط هاني حسين بشأن صفقة "مصفاة فيتنام" في حال عودته الى الحكومة ، وبما ان حسين عاد الى منصبه السابق وزيرا للنفط فإن حماد امام خيارين: اما تقديم الاستجواب او البحث عن مخرج مناسب لتجاوز الحرج الذي وضع نفسه فيه.
ويعتبر استجواب حماد بمنزلة سيناريو متكرر لعمل المجلس المبطل الذي شهد اول وأسرع استجواب اذ قدم بعد اسبوع من افتتاحه، من قبل النائب صالح عاشور الى رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ جابر المبارك في 6 مارس الماضي.
ولم تخل تصريحات النواب الجدد في المجلس الحالي، حتى قبل اعلان الوزارة الجديدة ، من التلميح والتصريح باستخدام المساءلة السياسية لرئيس الوزراء او للوزراء .
وارتفعت وتيرة هذه التهديدات بعد اعلان تشكيل الحكومة لتكشف عن عودة المشهد التأزيمي من الجديد وتنذر بعلاقة متوترة بين السلطتين قد تدفع لحل المجلس والعودة لصناديق الاقتراع مجددا. مواد متعلقة: 1. اقبال مكثف على انتخابات مجلس الامة الكويتي 2. رفع جلسة مجلس الامة الكويتي بعد رفض نواب ازالة الاعلام السوداء من مقاعدهم 3. رفع جلسة مجلس الامة الكويتي لعدم اكتمال النصاب للمرة الثانية