توقّع سياسي جزائري أن يؤجّل مجلس الأمن الدولي قرار التدخل بالعمليات العسكرية في شمال مالي لفترة أخرى من أجل إفساح المجال للتفاوض وتدريب القوات الأفريقية. وقال إسماعيل حمداني رئيس الحكومة الجزائرية الأسبق، في حوار نشرته صحيفة "الخبر" المحلية اليوم الثلاثاء: "إنه يرجّح أن يؤجّل مجلس الأمن تنفيذ الخطة العسكرية حتى لو لفترة مقبولة، ويترك الفرصة للحلّ السياسي، لأن المخطط العسكري حتى في حال قبوله، يتطلب تدريب 3000 أو 4000 جندي، وتمكينهم من تحقيق التنسيق فيما بينهم". وكانت مجموعة دول غرب أفريقيا "إكواس" قررت نشر قوة أفريقية قوامها 3300 جندي شمال مالي عقب قمة بأبوجا النيجيرية الأحد الماضي، وتمت إحالة المشروع لمجلس الأمن الذي منح المجموعة مهلة 45 يومًا لتقديم مخططها حول التدخل في شمال مالي تنتهي في ال 26 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري.
وتتنازع حركتا تحرير أزواد وأنصار الدين النفوذ في شمال مالي مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وحركة التوحيد والجهاد المنشقة عنه منذ أبريل/ نيسان الماضي، تاريخ سقوط شمال البلاد تحت سيطرة هذه المجموعات غداة انقلاب عسكري أطاح بالرئيس المالي توماني توري وتبعه انسحاب الجيش النظامي من الشمال.
وأوضح حمداني، وهو سفير سابق للجزائر لدى باريس، "أن هناك شيئًا جديدًا، يتمثل في إظهار أنصار الدين النيّة في الحوار السياسي والابتعاد عن العنف، هناك إذن حل سياسي وآخر عسكري، فأي الحلين سيتغلب؟، أعتقد أن الفرنسيين ليسوا متيقنين بنجاح خطتهم في الأممالمتحدة، ولذلك يرفعون شروطًا إضافية لحركة أنصار الدين، منها التخلي عن تطبيق الشريعة.. وهي مسألة في الحقيقة داخلية للمعنيين، أقصد أبناء مالي".
وحول مدى نجاح الخطة العسكرية التي وضعت، أوضح السياسي الجزائري أن "شمال مالي المحتل حاليا من طرف جماعات متمردة إرهابية ومتاجرة في المخدرات والرهائن، منطقة شاسعة ومساحتها حوالي 800 ألف كيلومتر مربع".
وتابع: "من جهة ثانية، هذه الجماعات تسبح وسط المدنيين الساكنين في المنطقة، أي حوالي نصف مليون نسمة، الأمر الذي يجعل المبادرة العسكرية صعبة جدًا، وتتطلب على الأقل وقتًا طويلاً، علما بأن القوات الأفريقية التي تحضّر لهذا الغرض تضاف إليها القوات المالية، الكل لا يتجاوز 4000 جندي".
وبشأن الضغوط الدولية على الجزائر حول موقفها من أزمة مالي، قال حمداني: "لا أدري إن كانت هذه ضغوطًا ولا سابقة لها، أم هي مشاورات مع الدولة الجزائرية باعتبارها أكبر دولة في المنطقة، وتتمتع بوسائل معتبرة، إضافة لكونها مجاورة لمالي. أعتقد أنها مشاورات مع العديد من الدول الفاعلة، بما فيها فرنسا والولايات المتحدة ودول أوروبية أخرى وغيرها".
وتابع: "قرار الأممالمتحدة رقم 2071 نصَّ صراحة على ضرورة الحوار السياسي"، وأكد المبعوث الخاص للأمين العام الأممي رومانو برودي، هذا المسعى.
من جهتها، شرعت الجزائر في اتصالات مع طوارق الأزواد "حركة تحرير الأزواد"، وهم مواطنون ماليون، وكذلك مع "توارف" أنصار الدين، وهم كذلك تكوين قبلي مالي، لحثهم على الابتعاد عن استعمال العنف، أو المطالبة بالانفصال واعتماد الحوار السياسي مع الحكومة المالية، واحترام سلامة التراب المالي وحتى الآن، وبالتنسيق مع بوركينافاسو، شرع التنظيمان في التشاور السياسي، تحضيرًا لفتح الحوار مع الحكومة المالية.
وكانت الجزائر أكدت، الإثنين، في رد فعلها على قرار نشر قوات أفريقية شمال مالي أن "التدخل العسكري سيكون خطأ كارثيًّا"، وحذّرت من "العواقب غير المحسوبة لهذه الخطوة على مالي والمنطقة برمتها".
وأوضح الناطق باسم الخارجية الجزائرية أن "الجزائر اختارت طريق الحوار بين الحكومة المالية والمتمردين في الشمال لحل هذه الأزمة".
وتتحفظ الجزائر، وهي أكبر قوة اقتصادية وعسكرية مجاورة لمالي، على التدخل وتدعو لفسح المجال للتفاوض بين حكومة باماكو وحركات متمردة في الشمال تتبنى مبدأ نبذ التطرف والإرهاب. مواد متعلقة: 1. صحيفة بريطانية: نشر قوات خاصة أوروبية بمالي 2. حركة "أنصار الدين" تحذر من التدخل العسكري في شمال مالي 3. فابيوس: فرنسا لا تنوي التدخل في مالي