يبدو أن هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" التي يسميها البريطانيون "العمة" ، تواجه أزمة مهنية كبيرة ، فبعد استقالة مديرها العام جورج إنتويسل متحملا المسؤولية عن إذاعة مزاعم زائفة تتناول سياسيا سابقا وتتعلق باعتداء جنسي على طفل ، أعلن اليوم الاثنين أن مديرة الأخبار في الهيئة هيلين بودين ونائبها تنحيا عن دوريهما. ومن المتوقع أن تصدر "بي بي سي" بيانا في غضون ساعات للكشف عن تفاصيل هذا الإعلان.
انتقادات
وجاءت الخطوة التي اتخذتها بودين ونائبها ستيف ميتشيل في الوقت الذي تتعرض "بي بي سي" لسلسلة جديدة من الانتقادات من أعضاء البرلمان البريطاني عقب اعلانها حصول المدير العام المستقيل جورج انتويسل على مبلغ مالي يعادل مرتب عام وقدره 450 ألف جنيه استرليني كجزء من الاتفاق على الاستقالة من منصبه.
وقال رئيس اللجنة الثقافية في حزب المحافظين جون ويتنجدال إنه من الصعب تبرير هذا التصرف بينما وصفت نائب رئيس حزب العمال هاريت هارمان الخطوة بإنها تشبه "المكافأة على الفشل" على حد تعبيرها.
وذكرت إدارة "بي بي سي" أنه من الضروري دفع المكافأة نظرا لأن انتويسل سيواصل عمله في التحقيقات الجارية بشأن تهم ضد المذيع السابق بالشبكة الراحل جيمي سافيل بارتكاب انتهاكات جنسية بحق عدد كبير من الأطفال ، والقضية منفصلة تماما عن سبب استقالة انتويسل.
وكان مدير عام "بي بي سي" انتويسل أعلن استقالته بعد تفجر ازمة اثارها بث تقرير في برنامج "نيوز نايت" تضمن اتهامات لسياسي بريطاني سابق بارتكاب اعتداءات جنسية على اطفال.
وقال انتويسل في بيان ألقاه امام مبنى "بي بي سي" وسط العاصمة البريطانية لندن "لقد قررت أن الشيء المشرف الذي علي أن افعله هو الاستقالة".
وكان انتويسل قال إن التقرير الذي بث في برنامج "نيوز نايت" الذي اشار بشكل خاطئ الى تورط اللورد المحافظ السابق ماك ألباين كان يجب ان لا يبث.
وكان جورج انتويسل تولى منصب المدير العام لبي بي سي في 17 سبتمبر/ايلول.
وقال انتويسل في بيان موضحا سبب الاستقالة "نظرا لإنني أشغل منصب المدير العام لبي بي سي ورئيس تحريرها أيضا فإن ذلك يعني مسؤوليتي عن أي محتوى يرد بها، وفي ضوء مخالفة برنامج نيوزنايت للمعايير المهنية للصحافة في الحلقة التي أذيعت الجمعه 2 نوفمبر/تشرين الثاني".
اصلاح شامل
وبدوره ، قال رئيس مجلس أمناء الهيئة كريس باتن قال ان "الهيئة تحتاج الى اصلاح جذري وشامل".
ورأى باتن أنه يتعين استعادة الثقة إذا أرادت الهيئة -التي تموّل من المال العام- مواجهة ضغوط المنافسين وخصوصا إمبراطورية روبرت مردوخ الإعلامية التي ستحاول انتهاز الأزمة لصالحها.
وقال باتن الذي كان يوما شخصية رفيعة في حزب المحافظين بزعامة ديفد كاميرون وآخر حاكم بريطاني لهونج كونج، إن الأساس الذي يستند إليه وضع "بي بي سي" في البلاد هو الثقة التي أولاها لها الناس "وإذا فقدت ذلك انتهى كل شيء".
وأضاف ان"المشاورات حول اختيار مدير عام جديد ستبدأ الاحد، وفي الوقت الحالي سيقوم تيم ديفي بمهام المدير العام للهيئة بشكل مؤقت ... وسنقدم له كل الدعم المطلوب"، مضيفاً "اختيار مدير عام جديد لبي بي سي سيتم خلال الاسابيع المقبلة.
فضيحة
ولم تكن تلك الأزمة الأولى التي تتعرض لها هيئة الاذاعة البريطانية خلال اليومين الماضيين ، حيث اتهمت "بي بي سي" أيضا بأنها علمت أن نجمها الراحل جيمي سافيل اعتدى جنسيا على أطفال ونساء ولم تفعل شيئا.
وقد وُجهت بالفعل تهم لسافيل بأنه اعتدى جنسيا على أكثر من 300 طفل وفتاة قاصر على مدار أربعة عقود خلال عمله في بي بي سي. وتوفي سافيل العام الماضي عن عمر بلغ 84 عاما.
وكان إنتويسل قد تعرض لانتقادات بسبب الجدل بشأن سافيل، وخاصة بسبب قرار "بي بي سي" عدم إذاعة فيلم وثائقي تلفزيوني عن سلوكيات سافيل العام الماضي, حيث كان إنتويسل رئيسا لتلفزيون "بي بي سي" آنذاك.
يذكر أن كثيرا من البريطانيين يعتزون بهيئة الإذاعة البريطانية التي تحتفل بعيدها التسعين, كما تحظى بالاحترام في كثير من دول العالم. ومع وجود 22 ألف شخص يعملون بها في ثماني قنوات تلفزيونية عامة و50 محطة إذاعية إضافة إلى نشاط مكثف على الإنترنت، يقول منتقدون إنها تواجه معوقات بسبب تعقيد وترهل هيكلها الإداري.
يأتي ذلك في وقت تنقل "رويترز" عن مصادر في مكتب رئيس الوزراء ديفد كاميرون أنه أبدى ثقته في الهيئة وعبّر عن اعتقاده بأنها "إحدى أعظم المؤسسات في هذا البلد", ويمكنها إصلاح نفسها ومعالجة إخفاقاتها.
وهناك أيضا تحديات فورية تواجه "بي بي سي" من بينها تهديدات باللجوء إلى القضاء, حيث قال ماك ألبين ، وهو حليف مقرب من رئيسة الوزراء السابقة مارجربت تاتشر، إنه قد يلجأ لمقاضاة الهيئة لطلب تعويض.
مواد متعلقة: 1. "الجارديان": مدير عام (بي بي سي) يعلن التنحي عن منصبه