بلا شك فأن معركة الدستور هى ام المعارك التى ستحتم مصير ثورة يناير . فإما ثورة تكتمل وتحقق المبادئ التى عبرت عن المصريين وبشكل تلقائى وتلخصت فى عيش . حرية . عدالة اجتماعية . أو التسليم بواقع اختطاف الثورة قبل ان تكتمل وقد تم واجهادها لصالح فصيل سياسى واحد يريد السيطرة والاستحواذ وكأن من قاموا في25 يناير أرادوا أستبدال حزب بحزب أو فصيل سياسى بفصيل آخر . مع أن أمر اختطاف السلطة أهون بكثير من تفصيل دستور على مقاس ذلك الفصيل حيث أن الدستور هو ذلك العقد ممتد المفعول لزمن قادم . وبالدستور يريدون مزيد من السيطرة والاستحواذ تحت مسمى دينى بهدف أخماد العقل وتجميد الفكر .
وكأن هؤلاء هم المسلمون وغيرهم لا . مع العلم أن الشخصية الحضارية المصرية التى تميز المصريون كافة مسلمين وغير مسلمين هى التى جعلت الحضارة الأسلامية هى الحضارة الاكثر ظهوراً والاهم تأثيراً حيث لتها الخضارة المعاشة منذ أربعة عشر قرناً من الزمان.
ومعها الحضارة الفرعونية واليونانية والرومانية ثم القبطية . وهؤلاء جميعهم هم الروافد الأساسية التى ساهمت فى تكوين وتشكيل الشخصية الحضارية المصرية. وهذا يعنى أنه بالرغم من تأثير الحضارة الأسلامية - بتاريخها وثقافتها وتراثها وعادتها وتقاليدها على المصريين فهناك حضارات أخرى لها تأثير آخر حتى لو لم يكن بنفس الدرجة . وكأن تعود المنابع الحضارية قد أوجد حالة من حالات الثراء الثقافى والفكرى .
فبالرغم من الوحدة الثقافية المصرية فان هذه الوحدة هى تجميع لعدة ثقافات خاصة تثرى الثقافة العامة وتزيدها توهجاً. فهناك الثقافة القبطية والنوبية والبدوية وهذه ثقافات خاصة لا يمكن ولا ينبغى الاستغناء عنها وفى نفس الوقت هناك الثقافة المصرية الواحدة التى تجمع كل المصريين وفى نفس الوقت تحتوى كل الثقافات الخاصة لهم .
وهنا فما هو موضع هذه القضية فى مسودة الدستور المطروحة ؟ و المادة 11 تلزم الدولة بحماية الوحدة الثقافية والحضارية واللغوية للمجتمع وللعمل علي تعريب العلوم والمعارف .
وهنا لا نعرف ما هو المقصود بالوحدة الثقافية والحضارية للمجتمع ؟ وهل المقصود هنا هو الثقافة والحضارة الاسلامية باعتبارها اخر العقود الحضارية المصرية ؟ ام هو اسقاط لتلك الحقبات الحضارية فرعونية ويونانية ورومانية وقبطية سابقة على الحقبة الاسلامية وهل الحديث عن الوحدة الثقافية والحضارية الاسلامية (ذات التأثير الاقوى الان) يعنى اسقاط باقى الثقافات الاخرى التى تدخل فى النسيج الحضارى المصرى؟ وما هو موقع الثقافات الخاصة التى تحدثنا عنها والتى لا تعوق الاندماج الثقافى العام الا احياناً .
فهل هناك اعتراف بها فى اطار العمل على ادماجها واثرائها للثقافة العامة ؟ ام لا يوجد اعتراف لهذه الثقافات من الاساس والا كان يمكن التأشير لها فى هذه المادة ؟ وهل هذه الوحدة الثقافية التى تتحدث عنها المادةتعترف بالروافد الاساسية للثقافة المصرية المعاشة الان مثل الاثارالفرعونية والتراث ام ان هذه اوثان لابد من هدمها ؟ وهل يدخل فى اطار هذه الثقافة العامة تراث العظماء امثال طه حسين والحكيم ونجيب محفوظ وغيرهم ام ان هذه ثقافة الدعارة والمخدرات ؟ وهل الفن بكل اساليبه يدخل فى اطار هذه الثقافة الخاصة ام ماذا ؟ مع العلم ان الفن والادب هما القوى الناعمة لاى حضارة ولاى دولة تريد التقدم . اما الوحدة اللغوية للمجتمع فنحن معها بلا شك فالحفاظ على الوحدة اللغوية العربية هى اهم مقومات التواصل والتوحد لكل المصريين مهما اختلفت ثقافاتهم الخاصة .
نعم هناك لغة قبطية كنسية تقام بها الصلوات ولكنها لابد ان تظل لغة خاصة فى اطار ثقافة خاصة كذلك اللغة النوبية . ولكن الوحدة اللغوية لا تمنع من الاعتراف بالخصوصية واحترامها باعتبار انها تمثل ثراءً للثقافة المصرية العامة .
اما تعريب العلوم فهذا ثراء علمى ومعرفى وفكرى يساعد على الانفتاح على العالم وذلك لمسايرة التقدم فى كل مجالات الحياة . وهذا بالطبع بعيد عن سخافات من يطالب بعدم تدريس اللغة الانجليزية .
فالدستور هو دستور كل المصريين فلابد ان يعبر عن كل المصريين وستظل مصر لكل المصريين .