أنا في غاية الاندهاش جراء تبدل المواقف بسبب إغراءات السلطة ،وأنا مندهش من تفريط البعض في الثوابت الوطنية والقومية وتوظيفها من وقت لآخر لأجل خدمة أجندات ذاتية،توظيفها وفق طبيعة التوقيت وتداعياته وظروفه ،وانأ مندهش ومصدوم في شخصيات كنت أحسب أن مواقفها لن تتغير أو تتبدل من قضايا إستراتيجية .مندهش للآتي : علي سبيل المثال ،يقول الدكتور محمد سيف الدولة احد مستشاري الرئيس مرسي تعليقاً على رفض الإرهابي" أفيجدور ليبرمان"وزير خارجية العدو الصهيوني ... تعديل اتفاقية "كامب ديفيد"، يقول سيف الدولة "لا تريدون الاقتراب من "كامب ديفيد" وكأنها فوق الدستور والقرآن والإنجيل، وهذا الكلام لا يمكن أن تقبله كرامة وطنية، ونحن نُصِر على تعديلها، وهناك بنود في المعاهدة تتيح لنا هذا الحق".
وتجيء تلك الكلمات للدكتور محمد سيف الجولة - مستشار الرئيس مرسي - بعد ساعات من منح الرئيس مرسي اعلي الأوسمة لأنور السادات بطل كامب ديفيد ومؤسس نظامها ،ونحن نري أن هذا التكريم رسالة لا تغفلها العين للكيان الصهيوني أن الرئيس مرسي يؤيد منهاج كامب ديفيد الخياني،ومن يري خلاف ذلك هو أثم قلبه ومتستر علي الحقيقة ومضلل للآخرين .
ولأن الدكتور محمد سيف الدولة يحظي باحترام كبير لدينا فضلنا الرد عليه لنقول له ،ياسيدي أنت خير من يعلم كيف تقدم مصريون شرفاء مسلمون ومسيحيون بتضحيات ودفعوا ثمناً باهظاً من حرياتهم جراء معارضتهم لنهج كامب ديفيد ،وتصديهم لنظام كامب ديفيد ،وما تتحدثون عنه ويتعلق بتعديل تلك الاتفاقية معناه إضفاء المزيد من الشرعية علي تلك الاتفاقية المرفوضة شعبياً ،وأنت تعلم أن هذا الإضفاء في هذه المرة مختلف تماما ً عن أية مرات سابقة،ذلك لكون أن هذه المرة تضفي الشرعية علي كامب ديفيد تعبيراً عن إرادة شعبية حقيقية، لكن في المرات الماضية ،كان الطغاة من يفرضون علينا تلك الاتفاقية.
وفي الحقيقة أنا مندهش وآنا استمع للدكتور محمد سيف الدولة تحديداً وهو يتحدث عن تعديل تلك الاتفاقية ،وهو الذي كان يطالب دوماً بالتخلص منها ،والتخلص من الشراكة الإستراتيجية مع واشنطن ،كما يعز علي نفسي أن يكون الرئيس مرسي وما يمثل قد نقضوا ما عاهدونا عليه ،وبات الكل في سبيل السلطة يتخذ من منهاج مبارك والسادات طريقا ورؤية ،يتخذ من تلك المناهج الخيانية للرئيسين الراحلين هُدي وطريقاً .
وبلاشك تفكير الرئيس ومستشاره محزن للغاية ،ونحن لأسباب كثيرة نرفض هذا التفكير ،نرفضه ونحن نري سيناء لاتزال منزوعة السيادة ،ونرفضه ونحن نري عدونا وأجهزته الأمنية تعربد علي حدودنا ،وتنتهك استقلالنا من يوم لآخر ،ونرفض آن نستمع من الدكتور محمد سيف الدولة تحديداً القول بأن الوغد رئيس وزراء المسماة "إسرائيل" هددنا ثلاثة مرات باحتلال سيناء،وأن أقصي من نطالب به هو تعديل كامب ديفيد،لكون أن الهدف الأولي لثورتنا التخلص منها ومن كل عنصر من النظام الذي أوجدها .
ويخطئ كثيراً جداً من يتصور ان سيناء باتت حرة منذ انسحاب الغزاة الصهاينة منها ،فلقد أنسحب غزاة صهاينة، وحل محلهم غزاة أمريكيين،وذلك تحت ستار القوات متعددة الجنسيات ،ومظلة من الأقمار الصناعية الأمريكية، تراقب كل شبر في سيناء ،وأرض تسلمناها منزوعة السلاح ،وممنوع علينا تنميتها إلا بمشاركة الغزاة الصهاينة لفلسطين .
أن ثورة 25يناير تفجرت من أجل إلغاء نظام كامب ديفيد تماماً ،واجتثاثه من جذوره ،لكن الشواهد تشير إلي أن من تولوا زمام الأمور حاليا في بلادنا يضربون عرض الحائط بمطالب الثورة ،بل ويتخلون عن جوهر عقيدتنا في مواجهة من يهددون أمننا القومي,بل ويسوقون ويرددون نفس الحجج ونفس التبريرات الخيانية التي كان يحلو لرجال مبارك ان يرددوها دوما علي مسامعنا لتبرير استسلامهم لعدونا وخيانتهم لتضحيات شعبنا .