رأت دراسة صادرة عن معهد أبحاث الأمن القوميّ الإسرائيليّ، التباع لجامعة تل أبيب، أنّ فوز حركة الإخوان المسلمين في الرئاسة بمصر، لا يعني بأيّ حالٍ من الأحوال، أنْ تشهد العلاقات بين القاهرةوطهران تحسنًا، معتبرةً أنّه من غير الممكن أنْ تعيش طهرانوالقاهرة في شهر عسل في العلاقات بينهما. ولفتت الدراسة إلى أنّه حتى خلع مبارك كان النظام المصريّ يعتبر عنصرًا مركزيًا في الحلف المعادي لإيران، كما أنّ العلاقات بينهما كانت سيئة للغاية طوال 30 عامًا من حكم مبارك، وبعد خلع مبارك. وأضافت الدراسة، تعالت أصوات في مصر مطالبة بتحسين العلاقات مع طهران، متهمةً مبارك بأنّه ضحى بالمصلحة الوطنيّة المصريّة من أجل المحافظة على مصالح تل أبيب وواشنطن، ولكنّ محاولات طهران لتسخين العلاقات مع مصر باءت بالفشل، وليس من باب الصدفة، بحسب الدراسة. وأوضحت الدراسة أنّه مع انطلاق "الربيع العربيّ" رأت طهران أنّه فرصة لتغيير موازين القوى في الشرق الأوسط وزيادة تأثيرها بالمنطقة، ذلك أنّ سقوط ألد أعدائها مبارك، كانت من وجهة نظرها فرصة لا تُعوّض، وبالتالي فإنّها كانت من الدول الأولى التي باركت لمرسي بمناسبة انتخابه رئيسًا لمصر، حيث صرح وزير الخارجيّة الإيرانيّ إنّ نجاح مرسي هو الحلقة الأخيرة في نجاح الثورة الإسلاميّة، كما أنّ وكالة الأنباء "فارس" زعمت أنّ مرسي صرح في مقابلة معها أنّه بصدد تحسين العلاقات، وهو الأمر الذي نفاه الناطق بلسان مرسي. وطرحت الدراسة السؤال المفصليّ: "هل التوجه لانتهاج سياسة مغايرة لسياسة مبارك والقرب الأيديولوجي بين الإخوان والمسلمين في إيران، سيدفعان مصر إلى تغيير موقفها من الصراع الدائر بين القطبين: إيران من ناحية، والدول العربيّة السنيّة من الجهة الأخرى"، هذه الدول التي ترى في إيران تهديدًا، وفي مقدمتها دول الخليج، لافتةً إلى أنّ قطر فشلت في المراوغة بين القطبين وانضمت رسميًا إلى المعسكر المناوئ لإيران. وقالت الدراسة أيضًا: "إنّه من الناحية العقائدية فإنّ فوز الإخوان المسلمين بمقاليد الحكم في مصر لا تعني بأيّ حال من الأحوال أنْ تعيش القاهرةوطهران شعر العسل السياسيّ، وتحديدًا لوجود خلافات بين أركان "الإخوان" في ما يتعلق بالموقف من طهران، حيث أنّ العديد من قادة الإخوان يرون في طهران قائدة محور المقاومة، ولكن من الجهة الأخرى، كون الإخوان حركة سنيّة، لا يُشجّع القادة على توثيق العلاقات مع إيران، الشيعيّة، بسبب الخلافات الجوهريّة بين الطرفين، مشيرةً إلى أنّ العلامّة الدكتور يوسف القرضاوي، عبّر في أكثر من مناسبة عن خشيته من المد الشيعيّ، كما عبّر عن قلقه من تشيّع السنة، وبالتالي، قالت الدراسة:"إنّ علاقات القاهرةوطهران في حقبة مرسي ستكون محكومة بعدد من العوامل: وجهة نظر النظام الجديد للمصلحة الوطنيّة المصريّة، بما في ذلك تأثيرها الإقليميّ، التوازن بين الرئاسة والمجلس العسكريّ الأعلى، والحاجة إلى الحفاظ على علاقات مع لاعبين إقليميين ودوليين. ولفتت الدراسة إلى أنّ أحد العوامل المركزيّة بالنسبة لسياسة مصر، تعتمد على أنّ قادتها يرون فيها دولة مركزيّة وقائدة العالم العربيّ برمته، كما أوضح مرسي في مقال نشره باللغة الإنجليزيّة قبيل فوزه بالانتخابات، والذي أكد فيه على أنّ اختفاء دور مصر من الإقليم أحدث فراغًا خطيرًا، وشكّل خطرًا على الاستقرار في المنطقة، لافتًا إلى أنّ تطلعات مصر هو أنْ يكون دورها رياديًا، وهذا الأمر، قالت الدراسة، يحدث صدامًا بين المصالح الإيرانيّة والمصريّة، ذلك أنّ طهران تسعى إلى توسيع تأثريها في الشرق الأوسط، وهذا الأمر هو الذي لا يُفرح قادة مصر من الدور التركيّ في المنطقة، على الرغم من التقارب الدينيّ بين الدولتين، لأنّ أنقرة تسعى إلى تعزيز تأثريها على الدول العربيّة في الشرق الأوسط. وأشارت الدراسة أيضًا إلى أنّه لا يمكن توقع مستقبل الخلاف بين الرئيس مرسي وبين المجلس العسكريّ الأعلى حول الصلاحيات، لافتةً إلى أنّه بُعيد إغلاق صناديق الاقتراع أعلن المجلس العسكريّ أنّه يحتفظ لنفسه باتخاذ القرارات في الشؤون الخارجيّة والأمنيّة، مثل الإعلان عن الحرب، كما أنّ المجلس أكد على أنّه سيتدخل في صياغة الدستور الجديد، وبحسبها فإنّ القيادة العليا للجيش المصريّ لم تقم بتغيير سياسة مصر الأمنيّة والسياسيّة، وما زالت هذه القيادة ترى في طهران وأذرعها في المنطقة معادين للمصالح الوطنيّة المصريّة، وبالتالي فإنّه عمليًا، تُواصل الدراسة، مصر ما زالت من ناحية السياسة الخارجيّة والأمنيّة تنتهج نفس سياسة النظام البائد، بما في ذلك المحاولات المصريّة لمنع تهريب الأسلحة من إيران إلى قطاع غزة، عبر سيناء، ورجّحت الدراسة أنْ تقوم الحكومة المصريّة الجديدة بتغيير سياسته بالنسبة لحركة حماس، ولكنّ هذا الأمر لا ينسحب على حماس، على حد تعبير الدراسة. وقالت الدراسة أيضًا إنّ مرسي يفهم الخشية السعوديّة من إمكانية التقارب بين القاهرةوطهران، ولن يجرؤ على المس بالعلاقات مع أغنى دولة عربيّة، خصوصًا وأنّ الاقتصاد المصريّ يمر في أزمة عميقة، وللتدليل على ذلك، فإنّ الزيارة الأولى التي قام بها مرسي إلي خارج البلاد كانت الدراسة للرياض، وهذه الزيارة كانت بمثابة رسالة مفادها، بحسب وبتقدير الدراسة أنّ الحاجيّات اليوميّة للشعب المصريّ ستتغلب على الأيديولوجيّة، مع أنّه بسبب التقارب الدينيّ بين الدولتين، مصر والسعوديّة، أيّ بين الوهابيّة والإخوان، فإنّ الأمر يُثير بينهما الخلافات، وهذا الأمر الذي دفع السعوديّة إلى تهنئة مرسي بشكل بارد، كما أنّ الرياض رفضت السماح لحركة (الإخوان) بفتح مكتب لها في السعودية. مضافًا إلى ما ذُكر أعلاه، قالت الدراسة، فإنّه من غير المعقول أنْ تكون مصر على استعداد لدفع ثمن تسخين علاقاتها مع إيران، ليس فقط بسبب دول الخليج، إنّما بسبب العلاقات مع الغرب، وتحديدًا مع أمريكا، ولكن من الممكن أنْ يطرأ نوعًا من التحسن على العلاقات مع طهران بسبب رغبة النظام الجديد بالتميّز عن النظام البائد، ولكن مع ذلك، من الصعب الافتراض أنْ توثق مصر علاقاتها مع إيران، لأنّ خطوة من هذا القبيل ستؤدي إلى عزل مصر دوليًا وإقليميًا، وتدفع دول الخليج إلى وقف المساعدات الماليّة الضروريّة جدًا للقاهرة، وبالتالي فإنّه من المحتمل أنْ تفهم مصر، كما فعلت تركيّا من قبلها، أنْ تكون في القطب المعادي لإيران. وخلصت الدراسة إلى القول: "إنّ المصلحة الإسرائيليّة مزدوجة: فمن الناحية التكتيكيّة معنية تل أبيب بأنّ تعمل مصر أكثر على منع تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة عبر سيناء، أمّا من الناحية الإستراتيجيّة فإنّه بطبيعة الحال". ونوهت الدراسة، إلى أنّ الدولة العبريّة معنية جدًا بانضمام مصر إلى القطب المعادي لإيران، وأنّ منظومة العلاقات الإسرائيليّة المصريّة الجديدة سيكون لها التأثير على الموقف المصريّ من إيران، على حد قول الدراسة.