نشر معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي المهتم بالشئون السياسية والأمنية والإستراتيجية ذات الصلة بالأمن القومي الإسرائيلي دراسة رصدت مستقبل العلاقات بين مصر وإيران وذلك في ضوء الأحداث التي أعقبت الثورة المصرية وصعود التيار الإسلامي لسدة الحكم، ومحاولات التقرب الإيراني بعد سقوط نظام مبارك. عرضت الدراسة في بدايتها خلفية العلاقات المصرية الإيرانية بعد عام1979، ونظرة مبارك للثورة الإيرانية باعتبارها تهديدا لنظامه، مما جعل "مصر إبان عهد مبارك حلقة وصل مركزية في محور الدول العربية المناهضة لإيران"، ودللت الدراسة على ذلك بإمداد مبارك لصدام حسين بالأسلحة إبان حربه ضد إيران. ووصفت الدراسة أن "أكثر من 30عام بعد ثورة الخميني أتسمت العلاقة بين مصر وإيران بالعداء، وعدم وجود علاقات دبلوماسية بينهما وذلك لأسباب ظاهرها استضافة السادات للشاه بعد خلعه، وتكريم اسم قاتل السادات بإطلاقه على أحد شوارع طهران. إلا أنه بعد سقوط مبارك ظهرت بوادر تحسن المناخ السياسي بين البلدين فتصريحات المسئولين الإيرانيين بشأن لا معقولية تجمد العلاقات بين القاهرةوطهران وكذا تساهل المصريين في مسألة عبور سفن حربية إيرانية للمرة الأولى من قناة السويس"، وهو ما اعتبرته الدراسة تجاوباً مصرياً لتطبيع علاقتها مع إيران إلا أن جهود إيران لم تنجح إلا في كسر الجليد واكتفى الجانب المصري بهذا القدر بشكل بدا أنه مقصود. واعتبرت الدراسة أن "إيران أصبح لديها فرصة كبيرة لتغيير توازنات المنطقة لصالحها عندما بدأ الربيع العربي،وبسقوط مبارك"أحد اكبر أعدائها" وسعت للتقارب مع التيار الإسلامي الصاعد، فسارعت بتهنئة محمد مرسي بفوزه بمنصب الرئيس، ودعوته لزيارة طهران، معتبرة فوزه"المرحلة الأخيرة من الصحوة الإسلامية" وأشارت الدراسة كذلك إلى نشر وكالة فارس تصريحات على لسان مرسي بشأن اهتمامه بإعادة العلاقات مع إيران، والتي لبث أن نفاها المتحدث بأسم مرسي، مما أرجعته الدراسة إلى "التقارب الإيديولوجي بين الإخوان المسلمون والنظام الإيراني غير كاف لانتهاج سياسة مخالفة لسياسة نظام مبارك تجاه إيران". وانطلاقاً من النقطة السابقة ناقشت الدراسة فرضية أتساق العلاقات المصرية الإيرانية لأسباب التقارب الإيديولوجي، واعتبرت أن هذا الدافع غير كافي لتقارب العلاقات بين مصر وإيران، وذلك لأسباب تتعلق بارتباط مصر بمحيطها"العربي السني ودول الخليج الذين يروا إيران تهديد لمصالحهم، حتى بعد محاولة بعض هذه الدول كقطر انتهاج سياسات محايدة بين المعسكرين(إيران وحلفاؤها من جانب والسعودية وحلفاؤها) إلا أنها حسمت موقفها مؤخراً ضد إيران ، فأن الاتساق الأيديولوجي بين جماعة الإخوان المسلمون وإيران لا يعني بالضرورة وجود شهر عسل في العلاقات بين مصر وإيران، وذلك لعدم وجود إجماع في الجماعة بشأن الموقف من إيران، فمن جهة يرى بعضهم أنها تترأس المقاومة، فيما يرى آخرون أن إيران تسعى لنشر وتصدير ثورتها من باب التشيع، ومنهم يوسف القرضاوي الذي يتخذ موقفاً سلبيا من إيران في الآونة الأخيرة والذي تحث عن أخطار تصدير التشيع إلى السكان السنة في المنطقة العربية. وأن كان العامل الأهم هو حفاظ الجماعة على توازناتها في المنطقة وفروعها الإقليمية، كذلك الحفاظ على وضعها في مؤسسة الرئاسة والبرلمان المصري، والتوازن الحساس مع المؤسسة العسكرية المصرية، والأهم الحفاظ على العلاقات مع الدول والكيانات العالمية الفاعلة". الدراسة رجحت أن يكون الطموح المصري للتواجد كقوة مؤثرة في الشرق الأوسط، يتعارض مع التقارب بين القاهرةوطهران، حيث سيكون هناك" تنافس وتباعد بين البلدين، فكل منها تطمح إلى التواجد على خارطة الشرق الوسط كقوة محورية، وقد سبقت إيران مصر في هذا المسعى، وحتى تركيا، ولذلك فأنه في المستقبل البعيد سيكون من الصعب أن يكون هناك توافق إيراني مصري". استبعاد الدراسة لتقارب وشيك في العلاقات المصرية الإيرانية هو كان لسبب وصفته الدراسة ب" العامل الأهم وهو العلاقات المصرية السعودية، حيث لا يريد النظام الجديد في مصر إساءة العلاقات مع أغنى دولة عربية لا سيما في الوقت الذي يغرق فيه الاقتصاد المصري في أزمة كبيرة، مما سيعني أن احتياجات مصر الاقتصادية ستتفوق على العامل الأيدلوجي، بجانب التقارب الفكري بين الإخوان المسلمون والمدرسة الوهابية لذلك كان من البديهي أن تكون أول زيارة خارجية للرئيس المصري الجديد إلى السعودية وأن كان الأمر لا يخلوا أيضا من توتر وتنافس بين الجماعة والنظام السعودي الذي يعتبر انتشار الفكر الإخواني باتجاه السعودية والخليج خط أحمر". رجحت الدراسة أن النظام الجديد في مصر" ليس من الواضح أنه مستعد بعد لدفع ثمن ذوبان الجليد بين مصر وإيران، والذي لن يؤثر فقط على علاقة مصر بدول الخليج وسيضعها في مواجهتها، وإنما أيضاً في مواجهة الولاياتالمتحدة والغرب عموماً، وأن رأت الدراسة في نفس الوقت أن هذا لا يعني امتداد نفس نمط نظام مبارك في التعامل مع إيران" فالنظام الجديد سوف يجدد وينعش العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وذلك في إطار سياسة مصر الجديدة بعد الثورة والخارجية منها على الأخص مفادها الحفاظ على علاقات سليمة مع جميع جيرانها. ومع ذلك لا يعني هذا تواصل علاقات حميمة بين مصر وإيران وإنما سيحدها سقف توازن علاقات مصر مع الدول الأخرى(الخليج والدول الغربيةوالولاياتالمتحدة) وأن حدث هذا فمصر تخاطر بعزلة هي أبعد ما تكون عن الحاجة إليها خاصة في ظل أزمتها المالية الحرجة". واختتمت الدراسة باستنتاج خاص بوضع إسرائيل في معادلة التقارب المصر الايراني فأشارت إلى أن" إسرائيل لديها مصلحة ذات شقين: من الناحية العملية، فإن إسرائيل تود من مصر أن تعمل في سيناء لمنع تهريب الأسلحة إلى غزة، ومن الناحية الإستراتيجية تري أن تستمر مصر بدور شريك إسرائيل الرئيس في المحور العربي بدلا أن تحل إيران محل إسرائيل. فإسرائيل لم تعد تؤثر على القرار المصري، ولكن إعادة تشكيل العلاقة بين مصر بعد الثورة وإسرائيل سيكون أحد أهم أركانه قرار مصر بشأن العلاقة مع إيران". الدراسة : إيران أصبح لديها فرصة كبيرة لتغيير توازنات المنطقة لصالحها بعد سقوط مبارك الطموح المصري للتواجد كقوة مؤثرة في الشرق الأوسط يتعارض مع التقارب بين القاهرة وطهران