انتقال المعارك بين القوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد والمقاتلين المعارضين إلي دمشق بعد أن ظلت العاصمة بمنأى المواجهات المسلحة طيلة 16 شهرا ينم عن دخول الصراع إلي مرحلة مفصلية تري فيها المعارضة "بداية نهاية" 43 عاما من حكم عائلة الأسد لسوريا. وعلى الرغم من موافقة أغلبية الأراء على أن "من يمتلك دمشق يمتلك سوريا"، إلا أن بعض المحللين السياسيين العرب والأجانب يرون أن المسألة قد لا تحسم في التو بل قد تستمر "معركة دمشق" لمدة طويلة مستندين في ذلك إلى طبيعة الأحياء التي تدور فيها الاشتباكات وإلى تفوق سلاح الجيش النظامي.
الكاتب والإعلامي السوري خليل هملو قال في تصريحات" لسكاي نيوز عربية" إن ما تشهده العاصمة من اشتباكات منذ يومين "شيء مختلف تماما عما تعودنا عليه منذ أكثر من عام ونصف".
"نشهد منذ أول أمس انفجارات وأصوات رشاشات ودبابات تتركز عند الأحياء التي تركزت بها المعارضة والوضع في هذه المناطق غاية في الصعوبة، منطقة القطاع الجنوبي تعداد سكانها يفوق المليون وتشهد مواجهات عنيفة وإطلاق رصاص عن كثب، هذا عادة كان يحدث في الريف وفي أطراف العاصمة ولم يحدث من قبل في دمشق"، كما يذكر الكاتب.
"لكن الكلام عن نهاية النظام مبكر جدا وعما إذا كانت هذه هي معركة الحسم أم لا فهذا أيضا قد يستغرق وقتا، فالسلطة لا تزال ممسكة بزمام الأمور ولديها سيطرة علي الجيش والعاصمة ولديها قوة لا يستهان بها"، حسب هملو.
ويري أن "الغلبة هنا لمن يملك قوة أكثر، قوة الردع هي التسليح وأعتقد أنه لا يزال أمامنا طريق طويل".
ولا يوافق هملو علي كلام وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون عن أن سقوط بشار الأسد "مسألة أيام" قائلا "هذا كلام تعودنا عليه وتعودنا علي أن تكون مواقف الخارج كذلك، لكن الحسم سيكون من داخل سوريا ولن يكون من الخارج".
جورج صبرة المتحدث الرسمي باسم المجلس الوطني السوري المعارض يرى "أنها معارك مصيرية وعسي أن تكون الحاسمة والأخيرة".
ويضيف "أما الكلام عن كم من الوقت ستطول هذه المعركة، فلا أحد يستطيع التكهن بهذا".
"العاصمة الأن يقصفها الجيش الموكل بحمايتها والنظام الذي يدعي أنه الوحيد القادر على حماية الشعب السوري يقوم باحتلال العاصمة وبقتل الشعب"، حسب صبرة.
"إنها بداية النهاية للنظام، النهاية بدأت ونتمنى ألا تطول"، كما يقول المعارض الذي ينذر بأنه "ستجري مذبحة حقيقية حيث سيفعل النظام أي شيء للبقاء في الحكم. هذا النظام لم ولن يتوانى عن قصف الناس الآمنين في دمشق كما فعل في سائر البلاد".
وأوكل للكتيبة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد شقيق الرئيس مسؤولية خاصة هي حماية دمشق التي تعتبر قلعة الحكم وهو ما يري فيه محللون سياسيون غربيون دليلا علي أن المعركة مصيرية.
"الثورة تمتد وتطبق الحصار حول النظام في مناطق كان يعتقد أنه في مأمن فيها من غضب الشعب"، كما يقول دبلوماسي مقيم في دمشق رفض أن ينشر اسمه.
"هذا التحول في الموقف أو هذا التدهور في دمشق كان متوقعا بعد تدمير القوات الحكومية لعدة معاقل للتمرد في بعض الضواحي مثل دوما، قتل الكثير من المقاتلين ولكن أعدادا كبيرة منهم فرت إلي داخل العاصمة فخلقوا نقاط تمركز للمقاومة فيها".
"لا أعتقد أن لدي المقاتلين المعارضين القوة الكافية لأخذ العاصمة قريبا، فالنظام لازال يحتفظ بالتفوق العسكري"، حسب الدبلوماسي.
يقر المتحدث باسم تنسيقيات الثورة السورية سمير الشامي أن "أعداد الجيش السوري الحر في دمشق ليست كبيرة"، لكنه يؤكد "أن هناك الكثيرين من أهالي الحي يدافعون عن أنفسهم ضد هجوم القوات الحكومية، مدنيون يفعلون ما بوسعهم ليردوا العدوان عن أهلهم وعن بيوتهم".
ويقول إنه برغم "سيطرة النظام على مداخل مناطق الاشتباكات إلا أن الجيش الحكومي لا يستطيع أن يمر بسهولة إلي الداخل فهناك عشوائيات وأزقة تعرقل دخوله". وفي هذا الصدد يري الدبلوماسي أن "المسألة كلها تكمن في إذا ما كان المقاتلون سيتمكنون من الصمود في وجه قوات الكتيبة الرابعة، وهي الأكثر تسليحا واستعدادا والأكثر إصرارا على تحطيمهم بهدف درء أي خطر مباشر يهدد حكم بشار الأسد".
وعن النقاط التي يمكن أن تلعب لمصلحة مقاتلي المعارضة، يقول الدبلوماسي "في مقابل التفوق التسليحي للجيش، نجد أن المقاتلين أكثر قدرة علي الحركة ويمكنهم الاعتماد علي مساندة جزء كبير من سكان الأحياء التي يتمركزون فيها وهي غالبا مناطق فقيرة غير متصلة بالشخصيات الحاكمة".
وفي المقابل يري الشامي أن الجيش النظامي ليس "بالقوة الجبارة كما يصورها البعض حيث يواجه النظام وجيشه أزمة داخلية في صفوفه وهو ما برهنت عنه الانشقاقات المتتالية".
"من يملك دمشق يملك سوريا، هذه حقيقة أدركها حافظ الأسد والد الرئيس الحالي الذي حكم البلاد من عام 1970 حتي وفاته عام 2000. لذلك فمنذ قدومه إلي الحكم بادر بتأسيس معسكرات عسكرية حول كل محيط العاصمة، ثم إلي إنشاء محاور طرق كبيرة بغرض السيطرة علي أية مظاهرات من شأنها أن تقوم في البلاد حيث إنه في حالة نشوب هذه الاحتجاجات يمكن تطويق المتظاهرين ويكونون في مرمي نيران القوات الحكومية"، حسب الدبلوماسي.