نشرت قناة "سي بي اس" الإخبارية الأميركية تقريرا حول كتاب يشرح تفاصيل جديدة بشأن المناهج العملياتية التي يستخدمها جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلي "الموساد" وذلك خلافا لما هو معهود لدى المؤسسات الإستخباراتية. ويتحدث التقرير عن كتاب "جواسيس ضد آرماغيدون: ما وراء الحروب السرية لإسرائيل" لمؤلفيه "دن راويو" مراسل شبكة "سي بي اس" الاميركية والصحافي الإسرائيلي "يوسي ملمان".
وجاء في التقرير: "ادعى العديد من الناس في تقارير مختلفة ان وكالة الاستخبارات الخارجية الاسرائيلية "الموساد" توظف المعارضين الايرانيين للجمهورية الاسلامية من اجل القيام بعمليات تخريبية واغتيالات في داخل الاراضي الايرانية.
غير ان التدقيق في اكثر من خمسين عاما من اغتيالات "الموساد" وكذلك احاديث العناصر السابقة والحالية لهذه المؤسسة في الدول الصديقة لإسرائيل يؤكد ان العناصر التنفيذية لمشاريع الاغتيالات في ايران هم من الجنسية الاسرائيلية.
توجد وحدة في منظمة "الموساد" اسمها "كيدون" – وتعني بالعبرية "الرمح" – خططت خلال الأعوام الماضية لمناهج حصرية من اجل تنفيذ عمليات تسلل إلى البلدان العدوة واغتيال أعداء إسرائيل من دون ان يبقى اي موطئ قدم لها.
ومعروف أن لدى "الموساد" طاقات لغوية لا يمكن مقارنتها بأي مؤسسة أخرى، اذ تعزو "موساد" قسما من هذا التفوق الى المواطنين الإسرائيليين الذين هاجرت عائلاتهم من الدول العربية اللسان او الفارسية اللسان إلى إسرائيل.
وقد تمكنت العناصر الإسرائيلية حتى الان من استخدام جوازات الدول الأخرى لزيارة إيران وهي جوازات أعدها المزورون المحترفون في "موساد" او بواسطة القليل من التغيير في صورة صاحب الجواز الأصلي.
قراءة هذا الكتاب والمصادر الاخرى تظهر ان وحدة "كيدون"، وحدة متخصصة الى حد ان مقرها، خلافا لاقسام "الموساد" الاخرى لا تقع في المبنى الرئيسي ل"موساد". ولم يتردد مقاتلو "كيدون" الذين اختاروا اسم "الفريق" لانفسهم على مبنى "موساد" الرئيسي الا نادراً. ويستخدم العاملون في وحدة "كيدون" الاسم الحركي اذا لزم الامر من اجل الاتصال بوحدات اخرى. كما انهم يستخدمون اسماء ثالثة واحيانا رابعة وخامسة خلال العمليات.
ويشمل تدريب عناصر "الموساد" الخاصة كل الدورات الضرورية للقيام بعمليات استخبارية: المراقبة، والهروب من المراقبة، ومتابعة الموضوع وتخزين كل المعلومات في الحافظة. لهؤلاء مهارة فائقة في حفظ الرموز وايجاد ارتباط آمن دون اثارة اي شبهات.
بما ان منتسبي وحدة "كيدون" هم نور عين "الموساد"، فان رئيس "الموساد" هو الذي يختار عادة رجالها ونساءها من اجل القيام بمهمات خطيرة تشمل ايضا عمليات معقدة لتجميع المعلومات تتطلب خبرات ذات مستوى عال ومهارات مختلفة.
رغم النجاحات التكتيكية ل"الموساد" خلال الاعوام الاخيرة في ايران، يعلم "موساد" جيدا وعلى رأس هرمه رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، ان اغتيال العلماء النوويين والضباط العسكريين الايرانيين لن يوقف برنامج التسلح النووي في البلاد. غير ان اي تأخير في العمل النووي الايراني يعد انجازا لإسرائيل. فالتفكير الاستراتيجي لإسرائيل – والذي نفذته في مصر وسورية والعراق ومناطق اخرى – مبني على مبدأ يقول ان الاخلال الموقت في المشاريع الخطيرة للاعداء تستحق المخاطرة بتطبيق مثل هذه المهمات.
يقول مئير داغان الرئيس السابق ل"الموساد" خلال فترة 2002 – 2012 انه مرتاح جدا ازاء "نظافة" تنفيذ المهمات العملياتية في ايران: لا رأس خيط، ولا موطئ قدم، اذ لم يبق في المكان حتى دراجة نارية. وفي مثل هذه الحالة لم تتمكن السلطات الايرانية في خضم البحث عن القائم او القائمين بهذه الحملات التي تمت في وضح النهار وفي قلب العاصمة الايرانية، الا من الاكتفاء بالتخمين.
وقد كسر داغان، الذي تقاعد منذ فترة، الصمت أخيرا، وتحدث في مارس الماضي مع برنامج "60 دقيقة" لقناة "سي بي اس"، معارضا اي هجوم عسكري اسرائيلي ضد ايران. ويرى الرئيس السابق ل"الموساد" ان العمليات الانتقامية المحتملة من ايران وعواملها في المنطقة يمكن ان تؤدي الى توقف المسار الطبيعي للحياة في اسرائيل.
مئير داغان يعتقد ايضا ان مثل هذه الحملة ستؤدي الى التفاف معظم الايرانيين حول النظام الحالي وتمنح العلماء والمهندسين الايرانيين دليلا اضافيا لتسريع العمليات السرية للعملية النووية في ايران.