أقسمت على نفسها أن لا تذوق ملذات الحياة بدونه, أبت طيلة ثلاثين عاماً إلا أن تقاسي عذاب الوحدة , وتتجرع آلام الغياب بكت حبيب عمرها حتى ذبلت عيناها ولم تنتبه لشبابها وهو ينفرط في انتظار لحظة ضن بها الزمان طويلا . حتى وقعت الثورة ليس لتعيد لمصر رونقها وبهاءها فقط وإنما لتمنح قلب شيماء ما انتظرته طويلا دون يأس. مستقبل شاب ضاع
ففي أحداث الثورة الأولى عاد حبيبها فارا من السجن بعد أن قضى 28 عاما بين القضبان لم تتوانى يوما عن مواعيد زيارته ولم يغير موقفه الرافض للعقد عليها في محبسه ليمنحها حريتها في أن تختار حياتها دون ان يظلمها بحبه .. قد تبدو لك القصة سينمائيه من فرط نبل معانيها لكنها دخلت نفقا مظلما بعدما رفضت الداخلية ممثله فى إدارة السجون العفو عن خالد يوسف 48عاما واضعة قصة حبه أمام مأزق الزواج العرفى يهدد مستقبل طفله القادم فطيلة عام ونصف لم تفلح مساعي محاميه شادي طلعت فى انتزاع عفو عنه برغم تلفيق القضية له بسبب نشاطه المفرط في اتحاد الطلبة بكلية الصيدلة جامعة القاهرة حكما سياسيا في باطنه وفى ظاهره حكما جنائيا بتهمة سرقة 600جنيه بالإكراه لفقت القضية لتأديب الشاب المعارض وردعه عن السياسة ووسط زخم الأحداث نسى القائمون على القضية أنهم أضاعوا مستقبل واعد لشاب كل ذنبه انه كان يهتف ضد ممارسات الحكومة في أواخر عهد السادات.
ليست تلك هى القصة المؤلمة لكن الأكثر ألما هي ما انتهت إليه أنها قصه شيماء محمود وخالد يوسف زميلا الدراسة ورفيقا درب الحب الذي أرادت له الداخلية أن ينتهي بورقه عرفي !! بعد أن رفضت العفو عن خالد الذي وجد باب زنزانته فجأة مفتوحا في أحداث الانفلات الأمني في ثورة 25يناير 2011
فقد حكم على خالد يوسف منذ 28عاما بمؤبدين في قضيتي سرقه إحداهما 400جنيه والأخرى 200 جنيه حدث ذلك في فتره زمنيه لم تتجاوز الثلاثة أشهر منذ تاريخ القبض وحتى اللقاء في السجن !!
ويا لها من مفارقه فخالد الذي كان في السنة النهائية بكلية الصيدلة وضاع مستقبله لم يكن لصا كما تقول التهم المنسوبة إليه فالقصة الحقيقية مجرد مشاجرة بين خالد ومعه صديقين حسام وهشام من جهة وبين رأفت على متولي الذي كان اخو والدته اللواء النبوي إسماعيل وزير الداخلية الأسبق وزوجته فايدة كامل عضو مجلس الشعب ل40 دوره برلمانيه متتالية !!وكنوع من التوجيب بلغة ضباط الشرطة لفقت له 14 تهمة سرقه بالإكراه! وبرغم طعن النيابة العامة في الحكم للخطأ في تطبيق القانون إلا أن أحداً لم يعر الأمر اهتماما فقد ألقى شابا فى ريعان شبابه سنه 1983وانتهى الأمر..بكل تلك البساطة المفجعة.
القصة كما يحكيها خالد تبدأ في أحد أيام شهر مارس 1983عندما وقعت مشاجرة بين خالد الذي كان آنذاك في ثالثه كلية صيدلة ومعه اثنين من زملاءه احدهما طالب بكلية الحقوق والأخر فى كلية التجارة ضد ابن احد الجيران يمت بصلة قرابة للواء النبوي إسماعيل وزير الداخلية الأسبق فقد كان خاله بعدها تم اختطافهم واحتجازهم معصوبي الأعين في قبو احد أقسام الشرطة بالشرقية تعرضوا لتعذيب وحرق وكى بالكهرباء اضطروا معه إلى التوقيع على أوراق بيضاء بحسب حكاية خالد فوجئوا بعدها بأنهم وقعوا على اعترافات بارتكابهم جرائم سرقه وتعدى وبعدها عرضوا على النيابة متهمين في 14قضيه.
تهمة أخري
بعدها قامت المحكمة بتحويلهم إلى الطب الشرعي الذي أثبت أنهم تعرضوا لتعذيب وحشي سجله في تقريره الصادر بتاريخ 4/6/1983اعده د/ محمد سامي الحفنى مساعد كبير الأطباء الشرعيين آنذاك وبالتالي تم نسف الاعترافات المزورة وأفرجت عنهم المحكمة في 12 قضية حصلوا في جميعها على براءات لكن ضابط القسم ومعاونه الذي أبى إلا أن يجامل رؤساءه وأقاربهم وأصر على تقديم آخر ورقتين وقع عليها الشباب وهذه المرة كانت التهمه "سرقة ساعة ومبالغ نقدية مملوكه للمجني عليه قدرها400جنيه في الطريق العام بطريقة الإكراه "كما جاءت نصا في أوراق القضية التي قيدت برقم 478لسنة 1984 كلى جنوبالقاهرة وبجلسة 23/3/1985 قضت المحكمة خطأ بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة كما أسندت النيابة العامة له أيضاً تهمة أخرى ولكن هذه المرة سرقة 200جنيه بالإكراه والتهديد بالطريق العام قيدت برقم 477 كلى جنوبالقاهرة لينتهي الحال بخالد يوسف وهشام فتحى سلام وحسام رمضان في السجن وحتى يوم 29 يناير أثناء الثورة ليجد خالد وزملاءه فى سجن المرج الأبواب الموصدة وقد فتحت على مصراعيها فيتنفس نسيم الحرية وفعليا فخالد قضى عقوبة ظالمه بحكم خاطئ ومن عينته كثيرين فلماذا لا تقوم وزارة الداخلية بالإعلان العفو عنهم لينخرطوا فى المجتمع دون خوف على الأقل معاملتهم بالمثل مع مساحيين الإسلام السياسي عبود الزمر وإخوته تطبيقا لنص المادة 36من قانون العقوبات المصري التي تنص على (انه في حال ارتكب شخصا جرائم متعددة قبل الحكم عليه بأجل واحده منها ووجب أن لا تزيد مدة السجن المشدد عن عشريين عاما في الجنايات وان لا تزيد مدة الحبس عن 6سنوات فى تعدد الجنح) .
دموع وضياع
وكما يقول الحاج يوسف عبد العزيز والد خالد "ابني أمضى بالسنة الميلادية 28عاما وبحساب لوائح السجن 36عام سجنا متواصلا كانوا سنوات الصبا والشباب ولم يتبقى له غير خريف العمر ليقضيه إلى جانبى فهو ولدى الوحيد وقد قدمت أكثر من 1200اللتماسا وشكوى لرئيس الجمهورية السابق ولم احد يعيرها اهتماما ويستكمل قائلا خالد الان بلغ من العمر 44عاما وأنا في أمس الحاجة إليه بعدما تدهورت صحتي كثيرا.
وبنبره تخنقها الدموع أضاف والد خالد ابني ليس سيئا وضاع عمره ظلما وبهتانا فقد كان مقيد بالسنة النهائية بكلية الصيدلة ومقيد حتى الآن بالكلية بحكم محكمة القضاء الإداري على أن يكمل سنته النهائية بعد خروجه من السجن ليصبح دكتور صيدلي لكنه حصل أثناء مدة سجنه على بكالوريوس التجارة جامعة القاهرة وليسانس الحقوق والالتحاق بدبلومه الاقتصاد جامعة القاهرة وله ملف مشرف بإدارة التعليم والإرشاد بالمصلحة.
كل ما يقلق خالد الآن شيماء زوجته التي اضطر للزواج بها عرفيا بعدما رفضت إدارة السجون العفو عنه ومنحه فرصه ليحيا حياة طيبه وبحسب تأكيدات اللواء أحمد حلمي عزب مدير المباحث الجنائية في وزارة الداخلية أنه تم القبض على عدد كبير من السجناء الهاربين بعد أحداث ثورة 25 يناير لكن لا تزال نسبة 25% طليقه وتطمح لإطلاق سراحها والعفو عنها وإعادتها لمواقعها في المجتمع .
قصة خالد وشيماء ليست هي القصة الوحيد فبحسب ما يؤكده خالد أنه على تواصل بعدد كبير من زملاء السجن وعدد كبير منهم تزوج عرفيا وهو رقم ليس باليسير فهو يتعدى الثمانيين حاله زواج عرفي ولما تتمكن "لهن " من الحصول على معلومات تنفى أو تؤكد حقيقة الرقم الذي يتحدث عنه خالد.
طلبات للعفو
لكن حالة أخرى من أصدقاء خالد قضى في سجن أبو زعبل 7 أعوام فى قضية سرقة أثار أقحم اسمه قصرا فى أوراق القضية هو " سيد س" 34عاما وهو الآخر مطلوب من وزارة الداخلية تزوج عرفيا من ابنة احد أصدقائه ويقلق سيد بخصوص تسجيل المولود الجديد الذي سيرى النور الشهر المقبل في رمضان إنشاء الله ويضيف اقسم بالله العظيم أنى برئ ولكن أحداً لم يقم لى محامي يدافع عنى وتم تلفيق القضية لي ليقضى عليا القاضي بالسجن 20عاما مع الأشغال كل ما يقلقني الآن زوجتي الحامل ولا أعرف كيف سأثبت نسب المولود القادم يقترح عليا البعض أن انسبه باسم والد زوجتي لكنى قلق بهذ الخصوص ارجوا أن يتم العفو عنى وإعادة النظر فى القضية لكنى أخاف من قيد الحرية وان كان الحل الذي سألجأ إليه بعد تفكير طويل وثقة فى الله هو تسليم نفسي لداخلية لتمكن زوجتي من تسجيل ابني باسمى
وسأنقل زواجي العرفي إلى الرسمي ولكنى أريد فقط أن أطمئن على مصدر دخل آمن لزوجتي والمولود القادم.
يقول شادي طلعت المحامى عن خالد وسيد أنه قدم طلبات العفو للداخلية لكن إدارة السجون رفضت إصدار قرار العفو لكلاهما متمسكة في حالة خالد بنص قانوني يقول أن العفو يمكن في حالة واحده وهى أن الحكم الأعلى يجب الحكم الأخف لكن بالنسبة لخالد فإنه غير ممكن لان عليه حكمين مؤبدين ومؤبد لا يجب مؤبد فهو يعطى انطباعا على مدى خطورة السجين لكن العفو ممكن في حالة سيد بعد قضاء نصف المدة وهو لم يقضى نصف المدة عليه أن يكمل 3 سنوات فقط ليحصل على العفو