وصف عدد من المثقفين والفنانين التشكيليين المتواجدين بميدان التحرير أن يوم السبت الماضي الذي صدرت فيه الأحكام القضائية بالمؤبد على مبارك ووزير داخليته وبراءة نجليه علاء وجمال ومعاوني العادلي الستة، باليوم التاسع عشر من الثورة المصرية المجيدة؛ حيث احتشد آلاف المواطنين في ميدان التحرير رافعين نفس مطالب ثورة 25 يناير، بالإضافة إلى تشكيل مجلس رئاسي مدني، وتطبيق قانون العزل السياسي، وعقد محاكمات ثورية فورية لمبارك ورموز نظامه. أكد الناشط السياسي أحمد دومة في تصريح خاص ل"محيط" أن يوم النطق بالحكم على مبارك والعادلي هو اليوم الأول في الموجة الثانية من الثورة المصرية. واعتقد دومة أن ما يحدث في ميدان التحرير الآن ومنذ ثلاثة أيام ليست رد فعل على المحاكمة فقط، بل هو شرارة لثورة جديدة تجدد نفس المطالب التي رفعت بعد 25 يناير على رأسها تشكيل مجلس رئاسي مدني، وتطبيق قانون العزل السياسي، وعقد محاكمات ثورية فورية. وأشار دومة إلى أن الموجودين في الميدان الآن ينتمون لكل أطياف وشرائح المجتمع المصري والتيارات السياسية المصرية، يجمعهم هدف واحد وهو الانتصار لهذه الثورة، وإن كانوا يخشون الوقوع في نفس الفخ الذي وقعنا فيه سابقا، وهو قبول قوى في الميدان تتصارع من أجل مصالحها، يقصد جماعة الإخوان المسلمين؛ حيث رأى أن برلمانهم لم يقدم شيء للثورة المصرية على الرغم من أن بإمكانهم تفعيل قانون العزل السياسي او الضغط كي تسير المحاكمات في طريقها الصحيح. وأوضح دومة أن هناك دعاية مجانية لمرشح الإخوان د. محمد مرسي داخل الميدان، على الرغم أن الثورة ترفع عدة شعارات أولها عدم الاعتراف بالانتخابات. لافتاً إلى أن الثوار يحاولون توحيد جهود القوى الثورية في نافذه إعلامية واحدة تكون منصة أو إذاعة تنشر للجميع ما تتفق عليه اللجنة التنسيقية في الميدان، لكنه لم يتم تفعيل هذا حتى الآن، واستعاضوا عنه بخطاب موحد يعلن في الميدان. وعن المشكلة التي يعاني منها الثوار قال دومة أنها تتمثل في الباعة الجائلين. موضحا أن 80% منهم إما يقوموا بعمل تحريات، أو إنهم بلطجية. لكن الثوار يحاولون التغلب على ذلك بوجود لجان أمنية داخل الميدان تضحد الخطابات المضادة للثورة.
من جانبه رفض أحمد عبد العزيز أحد المصابين في اشتباكات شارع محمد محمود ما أسفرت عنه محاكمة الرئيس المخلوع ونجليه ووزير داخليته ومساعديه السبت الماضي، مؤكدا أن الحكم كان متوقعاً لعدم الاستجابة لمطالب الثوار والتي تتمثل في ضرورة الفصل بين الثلاث سلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية.
ووصف أحمد الحكم بالكارثة لأنه سيعيد معاوني العادلي الستة إلى مناصبهم. كما سيعود مبارك إلى المركز الطبي العالمي معتبراً أنه لم يسجن، أما العادلي فنشاهد تحية الجنود له أمام أعيننا، محملاً النائب العام مسئولية ما يحدث.
يواصل: "لن نرض بالحكم مهما حدث، حتى لو أريقت دمائنا مرة أخرى، طالما لم ينصفنا القانون". معتبراً أن النظام البائد يعود من جديد، ولفت أحمد إلى أن ميدان التحرير كان على قلب رجل واحد بعد النطق بالحكم على مبارك، لكن التشتت عاد إليه بعد الحديث عن ضرورة تشكيل مجلس رئاسي مدني، حيث انسحب الإخوان، وتبقى القليل منهم بداخل الميدان حيث يروجون لمرشحهم دكتور محمد مرسي.
وتوقع أن المجلس العسكري يراهن حاليا على الاحتقان الموجود بين الإخوان والشباب لاجهاض الثورة. وناشد أحمد عقلاء الإخوان المحافظة على الأمل الأخير فيما بين الإخوان والثوار على أن يكونوا يد واحدة بدلا من مقاطعتهم سياسيا. ومن جانب آخر رأى الفنان التشكيلي محمود منيسي أن السبت الماضي هو اليوم التاسع عشر من الثورة المصرية، مؤكداً عدم وجود أي منصات في الميدان تدعو لمرشح بعينه، وقال أنه لم يميز بين اتجاهات أي من الموجودين في الميدان، فالجميع يرفع مطالب واحدة، أولها تشكيل مجلس رئاسي مدني وإعادة محاكمة مبارك ونظامه، ولم يتم الاتفاق حتى الآن على مرشحين بعينهم للمجلس الرئاسي.
وأشار إلى أن الحال حاليا كما كان في الثمانية عشر يوما لثورة 25 يناير، فالسيدات تتواجد في الميدان حتى ساعات متأخرة دون أن يتعرضوا لأي أذى أو تحرش كما كان يحدث خلال العام ونصف الماضي من الطرف الثالث. ووصف الشاعر والناقد شعبان يوسف محاكمة مبارك والعادلي ومعاونيه بأنها جائرة وظالمة. ورأى أن رد الفعل الشعبي والسياسي إيجابي في النزول إلى الميادين، لكن المرشحان مرسي وشفيق استغلا الظرف لدعاياتهما الفجة والرديئة. مؤكدا أن الثورة حتى الآن ليس لها منصة، ومطالبها عادلة وهي إعادة المحاكمة، لكن فكرة تكوين مجلس رئاسي رآها نوع من الخلاص وحل مؤقت لكنه ليس حل ثوري في الفترة الحالية.
ولفت إلى أن الثورة تبدأ طريقها مرة أخرى، فمن الممكن أن تتعسر أو تقوم؛ ولذلك تمنى ألا يعود الثوار إلى منازلهمم حتى يحصلوا على بعض المكاسب، وتوقع يوسف نزول بلطجية إلى الميدان، وإقامة منصات ومحاولات لشق النفوس. موضحا أن الضغط الحقيقي يكون من ميدان التحرير. واصفا النخب السياسية بأنها تعيق مسار الثورة للبحث على ملاذ للسطة. ورأى أن جسد الثورة الحي الذي يقوى يوم بعد يوم سيلغي وجود أشكال الثورة المضادة من بلطجية ومنصات وغيره.