ضمن الفعاليات الثقافية المصاحبة لمعرض الشارقة الدولي للكتاب، أقيمت مساء أمس الأول ندوة فكرية تحت عنوان "كتب الفقراء" شارك فيها محمد رشاد (مصر) وعبيدو باشا (لبنان) ود . عمر عبدالعزيز (اليمن). في البداية ميز محمد رشاد بين أربعة مصطلحات للكتاب تتداخل في ما بينها عندما يتعامل الإنسان مع هذه النوعية من الكتب وهي "الكتب الفقيرة" التي يقصد بها الكتب المتواضعة في محتوياتها مع سطحية غاياتها، إلى جانب تواضع خاماتها المصنوعة منها، وأيضاً "كتب الفقراء" وهي كتب عادية في موضوعاتها، إلا أنها تطبع على ورق أقل جودة ووزناً وبخامات أرخص و"الكتب المدعومة" وهي الكتب التي تدعم نشرها جهة حكومية أو أهلية، بقصد جعلها في متناول الفقراء، و"الكتب الشعبية" وهي التي لها ذيوع بين طبقات الشعب، ويقبل عليها السواد الأعظم من القراء ومنها السير والتراجم والإبداعات الشعبية . ووفقا لصحيفة "الخليج" الإماراتية رصد أهم السلاسل الموجهة للفقراء في العالم، ومنها: "مكتبة مليم" و"شعراء بريطانيون" و"المعارف العامة" وغيرها من السلاسل التي كانت تظهر في الأسواق البريطانية، ثم استشهد بالتجربة المصرية في الحقبة الناصرية في الخمسينات والستينات من القرن الفائت حيث ظهرت الكتب والدراسات والسلاسل، التي كانت تضخ إلى الأسواق وتحت شعار رفعته الدولة "كتاب كل ست ساعات" وأيضاً مشروع "مكتبة الأسرة" الذي تتبناه السيدة سوزان مبارك لتوفير الكتاب بأسعار زهيدة ورمزية. من جهته أكد عبيدو باشا أن موضوع الكتاب بتنوعه وأشكاله لا يمكن أن يناقش أو يعالج من دون وجود فكرة لدينا عن صناعته وتداوله وتسويقه، مما يجعل النشر الشعبي كما سماه، يقتصر على نطاق ضيق، لعدم اهتمام العامة، مما يجعلنا محلك سر من دون تطوير أو تجديد أو تجريب، لعدم وجود تلك الأفكار التي من خلالها نعيد علاقة الكتاب بالقارئ . وتحدث عبيدو عن حالة العجز التي تعانيها الأقطار العربية التي تقف على مفترق الطريق، ولم تحسن خيارها حتى الآن ما بين أن تتجه نحو الصناعة أو تظل في تصنيف البلدان الزراعية، وهو ما يجعلنا نحتفي بالكتاب في المناسبات الثقافية، بعيداً عن التوجه إلى صناعته وتسويقه، بعد أن نصحح الأفكار المغلوطة . واستشهد عبيدو بالدولة اللبنانية كنموذج حيث تدل الاحصائيات على ارتفاع نسبة الأمية فيه رغم العدد الكبير من الجامعات الرسمية والأهلية والمدارس ورغم نزعته الثقافية الواضحة، إلا أن الكتاب وطباعته وصناعته ونشره يواجه صعوبات كبيرة، فكيف بالبلدان العربية الأخرى، موضحاً أن أسلوب التعليم ومنهجه في المدارس العربية يضران بالكتب وعلاقة الإنسان بالقراءة، لأنها تكون فرضية وليست تربوية . وأكد عبيدو أن سوق الكتاب افتراضية والقارئ العربي افتراضي أيضاً لغياب الاستراتيجية ولا بد من العمل على إيجاد تيارات ثقافية تشتغل على توفير البنى التحتية لصناعة الكتاب، وأن يفهم واقع الكتاب كما هو وليس كما نرغب. بينما تحدث د. عمر عبدالعزيز عن القيمة الجمالية لصناعة الكتاب، حيث أصبح الآن فناً وصناعة ويعتمد على بعدين، هما الشكل والمضمون، وهما متكاملان لا ينفصلان، ولا بد أن يصبح منهج التأليف مجاوراً لفن إخراج الكتاب، وخصوصاً أننا نعيش في عالم التقنيات الرقمية الهائلة.