* سمعة مجلس الشورى ضحية ممارسات النظام السابق * نواب الإخوان كانوا أفضل وهم "أقلية " * إذاعة جلسات البرلمان على الهواء ضرورة للرقابة حاورته - سميرة سليمان أكد دكتور ياسر كاسب رئيس المركز الاقليمي للأبحاث والاستشارات البرلمانية في حواره مع "محيط" أن بيوت الخبرة عليها إمداد نواب البرلمان بأدوات عملهم للتشريع والرقابة على الحكومة، نظرا لقلة خبرتهم الواضحة في هذا المجال . وقال أن المادة 60 من الإعلان الدستوري حملت تدليسا؛ إذ كان يفترض ألا يتحكم نواب البرلمان في أعضاء "تأسيسية الدستور" على خلاف العرف العالمي، لأن الدستور أبوالقوانين ولابد أن يرتضيه الشارع بأكمله وليس البرلمان وحده .. إلى نص الحوار
محيط: كيف تنظر لأداء البرلمان الحالي ؟ - أغلب نواب البرلمان ليس لديهم خبرة كافية بأدوات العمل البرلماني وتقاليده، ظهر ذلك جلياً منذ الجلسة الأولى للبرلمان في 23 يناير الماضي، وظهر الخلاف حول موضوعات أقرها بالدستور، مثل القسم وطريقة الحوار وطريقة سيطرة رئيس المجلس على القاعة.
كذلك لم يستطع البرلمان الحالي تغيير الصورة لدى المواطنين عن المؤسسة التشريعية، باعتبار أنها مؤسسة سياسية ذات طبيعة شعبية، الأمر الذي يفرض على النواب والأحزاب داخل البرلمان استعادة ثقة الشارع . ولاحظنا في الأداء حالة تخبط ، عززه حالة الجزر المنعزلة في علاقة الحكومة بالمجلس العسكري بالبرلمان، رغم أن المادة 33 من الإعلان الدستوري تعطي للبرلمان كافة الصلاحيات التشريعية والرقابية بمجرد انتخابه. محيط: وكيف تنظر للقضايا التي يهتم بها البرلمان؟ تنشغل الأغلبية البرلمانية بالبحث عن وضعها داخل الخريطة السياسية في مصر، وتثبيت أقدامهم داخل السلطة التنفيذية، والانشغال بالملف الرئاسي، فلديهم هاجس من استبعادهم، يصاحبه عدم رضا الشارع عن الأداء وهو ما يخسرهم كثيراً. كذلك تنشغل تلك الأغلبية، بقواعد اللعبة القديمة، فهي تسعى للانفراد بالسلطات، وكذلك تساوم على حساب الوطن والشعب، وتتناسى أهداف الثورة، فهم يتفاوضون مع المجلس العسكري لوضع دستور توافقي، واختيار رئيس توافقي وكأن الشعب غير موجود.
يجري ذلك في وقت تبتعد فيه حسابات المجلس العسكري عن الشارع منذ توليه إدارة المرحلة الانتقالية، لتصبح البلد في حالة جمود، مع الشكوك في صدقه بشأن نقل السلطة للمدنيين.
محيط: ما الذي تتوقعه من البرلمان بعد الحكم ببطلان "تأسيسية الدستور" وهل سيعي الدرس؟
- بالتأكيد، فالمصريون لن يقبلوا أن يضحك عليهم ثانية، والأغلبية تريد استعادة ثقة الشارع مرة أخرى، وقد كلف البرلمان اللجنة التشريعية والدستورية داخله بوضع معايير لاختيار الجمعية التأسيسية للدستور، التي إذا لم يرض عنها الشارع لن تفرض بالإجبار، لأن الدستور هو أبو القوانين ويجب أن يحظى بتأييد الشارع بأكمله، وليس نواب الشعب فقط، كما أن معايير الأخلاق الديمقراطية تحتم على جماعة الإخوان المسلمين، السماع للشارع أكثر من الجماعة أو المرشد.
ورغم أن المادة 60 من الإعلان الدستوري بها تدليس، لأنها لا توضح أين تجتمع اللجنة التأسيسية للدستور وكيف يتم اختيارها، إلا أن العرف البرلماني والدستوري يقضي بأن البرلمان لا يضع الدستور، بل يراعى في اللجنة طبيعة البلد الاجتماعية والاقتصادية، وتمثيل الطوائف الموجودة والأقليات، لأن الدستور يخرج في صيغته النهائية يقول "ارتضينا نحن المصريين أن تحكمنا هذه القواعد"، ورداً على أن هناك دول كثيرة في العالم كتب دستورها البرلمان، فهذا أمر غير حقيقي لأن البرلمان حينها يكون منتخباً لوضع الدستور، ثم بمجرد وضعه يتم حل البرلمان، وهو ما حدث في الهند وتونس، لكن البرلمان في مصر لم ينتخب من أجل كتابة الدستور.
محيط: هل تتوقع أن يتم تأجيل الانتخابات الرئاسية حتى الانتهاء من وضع الدستور؟
- لا، لأن الشارع ملتهب ولن يسمح للمجلس العسكري أن يغير في خريطة تسلم السلطة، أو يؤجلها إلى ما بعد 30 يونيو، ما يمكن تأجيله بالفعل هو الدستور نفسه، لأن الشارع ينتظر رئيس في 30 يونيو.
كما أن اعتزام تأجيل الانتخابات الرئاسية سيترجمه الشارع إلى أنه نوع من المماطلة لعدم تسليم السلطة، والحديث عن وضع الدستور أولاً، قد يؤجل الانتخابات الرئاسية إلى موعد غير محدد، تحت دعوى أن الشارع لا يقبل هذا الشكل من المواد أو صلاحيات رئيس الجمهورية، ومن ثم يعاد الدستور إلى الجمعية التأسيسية، ومن أجل الخروج من هذا المأزق يجب أن تجرى الانتخابات في موعدها، ثم يوضع الدستور في ظل وجود رئيس للبلاد.
محيط: هل تحمس البرلمان لقانون العزل السياسي جاء لحماية مصالحه؟
- لا اعتقد، لكن البرلمان تأخر في إقرار القانون بالفعل، وحين كان يثار الحديث عن اهمية وجود هذا القانون أثناء الانتخابات البرلمانية، لم يحظ بتأييد تيارات الإسلام السياسي، ووافقوا على خوض الانتخابات البرلمانية دون إقرار هذا القانون، لكنهم اليوم متخوفون من عدم وجود هذا القانون، وهو ما يفتح باباً للتساؤل هل هذا يعني أنهم حظوا بوعود بعدم التدخل في الانتخابات البرلمانية، لكن تلك الوعود زالت فيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية، وهل يشعر حزب الحرية والعدالة بأن المجلس العسكري يتربص به ؟ .
محيط: لماذا تعارض إلغاء مجلس الشورى؟ - العمل البرلماني به جزء سياسي وقانوني وفني، ليس من الواجب أن يلم النائب بها كلها، ومن المفترض وجود أمانة فنية داخل البرلمان تساعد أعضائه على الإلمام بالجوانب الفنية، ورغم وجود أمانة فنية بالبرلمان، إلا أنها تحولت إلى جزء إداري، لذلك نحتاج إلى بيوت خبرة برلمانية خارج المجلس، ومن الممكن أن يقوم مجلس الشورى بهذا . في دولة مثل مصر بها 85 مليون نسمة على الأقل وتركيبتها الاجتماعية معقدة، نحتاج إلى مجلسين من الممكن أن يكون مجلس الشورى كله بالتعيين، وتعطى الصلاحيات للمجلس المنتخب وهو مجلس الشعب، ومن تعللوا بارتفاع ميزانية مجلس الشورى حتى انها تصل إلى 400 مليون جنيه، فالرد أن هذه الميزانية ليست مخصصة بالكامل لمجلس الشورى، بل يدخل بها ميزانية المجلس الأعلى للصحافة، ولجنة شئون الأحزاب، والمجلس القومي لحقوق الإنسان، كما أن ممارسة مجلس الشورى في عهد النظام السابق هي التي جعلته مجلس سئ السمعة. محيط: ما أزهى عصور البرلمانات في مصر؟
- دورة برلمان 2005 – 2010 حيث ضم البرلمان 88 إخوانيا، وارتفعت نسبة المعارضة به، ويعد في العصر الحديث من أفضل البرلمانات أداءً، ومن المفارقات أن أداء الإخوان كمعارضة وأقلية في برلمان 2005 أفضل من أدائهم كأغلبية في برلمان 2012. محيط: هل تتوقع أن يختلف أداء البرلمان بعد انتخاب رئيس للدولة؟
- نعم، فيسكون أداؤه جماهيرياً، لأن الملف الذي يشغل الجماعة الآن وهو الملف الرئاسي سيتم حسمه، إذا جاء الحسم لصالحهم سيتغير الأداء لتثبيت أقدامهم في الشارع، وإذا حسم لصالح تيار آخر سيكون هذا أفضل لمصر، لأن البرلمان حينها سيتبنى مجموعة إصلاحات ويتعرض للملفات الحقيقية كالفقر والتعليم والصحة.
محيط: هل تؤيد إذاعة جلسات البرلمان على الهواء ؟
- أؤيد إذاعتها بالفعل، لأن التعلل بأن أداء النواب يفتقد إلى الخبرة ومن ثم يصبح صورة سيئة لمصر في العالم، وبالتالي يجب منع الجلسات، أمر لا يصوغ لنا أن نغلق البرلمان على نفسه، لأن حب الكاميرا والظهور مشكلة البرلمانات على مستوى العالم، ولا تخصنا وحدنا، فالبرلمان اللبناني مثلاً يشكو من طول الفترة التي يتحدث بها النواب حين تكون الجلسات مذاعة، كما أن النواب يسوقون لأنفسهم وينوهوا عن موضوعاتهم المقبلة، ومع ذلك فالبرلمان الجيد هو المنفتح على الجماهير، وبمرور الوقت ستحل تلك المشكلات، ونلاحظ أن الكوارث كانت في الجلسات الأولى، وبدأ الأمر يقل تدريجياً، فلا يمكن منع الجلسات لأن البرلمان مؤسسة شعبية كيف يمكن للمواطن أن ينتخب النواب دون متابعته لمناقشاتهم في المجلس، وأغلب الدول تذيع جلسات مجلس الشعب، فمثلاً الهند لديها إذاعتين وفضائيتين لإذاعة الجلسات، وهكذا المكسيك.
محيط: كيف يمكن للإعلام المساهمة في تثقيف المواطنين برلمانياً؟
- الشعب في حاجة إلى معرفة الأدوات البرلمانية التي يستخدمها النواب، والفروق بينها، أن يسلط الإعلام الضوء على معاني كثيرة مستخدمة لا يفهمها الشارع، كالذي يعنيه مثلاً اقتراح مشروع قانون، ولماذا لم يخرج الأعضاء تشريعات إلى الآن، بينما يقومون بدور رقابي، الفرق بين طلبات الإحاطة والاستجوبات، وأن طلب الإحاطة هو مجرد إحاطة الحكومة بما يفترض النائب أنها تجهله، لكن الجهد البرلماني الحقيقي يظهر في الخروج بمشروع قانون، أو استجواب للحكومة الذي يحتاج إلى مستندات، وحين يعرف المواطن الفرق بين هذه الأدوات، لن نجد نائباً يتباهى بانه قدم طلبات إحاطة كثيرة للحكومة، لأن هذا ليس جهداً برلمانياً.
محيط: كيف تقيم تعامل البرلمان مع أزمة النائب البلكيمي؟
- من أخطاء البرلمان انشغاله بقضايا فرعية، مثل تحويل النائب زياد العليمي إلى لجنة القيم، وانشغال البرلمان بكيفية تطبيق الشرع الإسلامي، وهل تعد الدراسة باللغة الإنجليزية حلالاً أم حراماً، وجاء موضوع البلكيمي أيضاً من ضمن هذه القضايا الفرعية، لأنه شأن داخلي لحزب النور، ولا يوجد في القواعد البرلمانية ما يفيد أن الكذب يسقط عضوية البرلمان عن النائب لكني أؤيد أن يتخذ البرلمان ضده إجراءً لإزعاج السلطات، لكن إقصاءه لأنه كذب أمور ترجع لشخصية النائب نفسه، والموضوع أقل من أن يناقش في البرلمان.