ذكرت مجلة (تايم) الأمريكية أن فشل إطلاق الصاروخ الباليستي الكوري الشمالي الذي أثار مخاوف الغرب منذ إعلان بيونج يانج عن تخطيطها لإطلاقه لا يقلل من شأن التهديد الذي يمثله النظام الشيوعي في كوريا الشمالية وبخاصة على جارتها الجنوبية. وقالت المجلة في تقرير أوردته على موقعها بشبكة الإنترنت اليوم الجمعة "إنه على الرغم من أن واقعة فشل الصاروخ الذي سقط بعد إطلاقه بدقائق في البحر الأصفر على بعد 165 كيلو مترا من العاصمة الكورية الجنوبية سول قد تمنح الولاياتالمتحدة واليابان وكوريا الجنوبية فترة للراحة بعد أسابيع من التوتر بسبب خطة إطلاقه ، إلا أنها لا تنفي حقيقة التهديد الذي تمثله بيونج يانج لكوريا الجنوبية وقدرتها على مهاجمة سول التي تقع على بعد 55 كيلو مترا من منطقة نزع السلاح التي تفصل بين الكوريتين ".
ونقلت المجلة عن روري ميدكالف مدير معهد برنامج الأمن الدولي في سيدني قوله "إن فشل إطلاق الصاروخ الكوري الشمالي لا يجب أن يقابل بارتياح كبير ، فالقدرة العسكرية لبيونج يانج وإن لم تصل إلى مستوى ضرب الولاياتالمتحدة إلا أنها تصل بالفعل لمستوى ضرب كوريا الجنوبية وإلحاق أضرار بالغة باليابان ، وبالتالي فإن خطر انعدام الأمن يبقى قائما رغم التجربة الفاشلة لإطلاق الصاروخ ".
وأوضحت المجلة أن الحرج الذي وقعت فيه بيونج يانج صباح اليوم الجمعة قد يمنحها الحافز لتقديم فاصل من الشجاعة العسكرية في شكل اختبار نووي على الأرجح ، تماما كما قامت بيونج يانج باختبار نووي في عام 2009 بعد فشلها في إطلاق قمر صناعي.
وقالت المجلة "إن بيونج يانج قامت بعد عام من الاختبار النووي الذي أجرته في عام 2009 بإغراق قطعة بحرية تابعة لكوريا الجنوبية مما أودى بحياة 46 بحارا من مواطني الأخيرة ، وبعد أشهر قليلة قامت بقصف جزيرة تابعة لسول مما أدى لمقتل جنديين ومواطنين اثنين .
وذكرت المجلة الأمريكية أن عام 2011 يعد الفترة الزمنية الوحيدة التي خاضت فيها كوريا الشمالية مناقشات جادة أدت في النهاية إلى اتفاق وقعته مع واشنطن في 29 فبراير الماضي يلزم بيونج يانج بوقف أنشطتها النووية واختباراتها الصاروخية في مقابل حصولها على الدعم الغذائي من الولاياتالمتحدة ، وبإطلاق صاروخ اليوم يكون هذا الاتفاق "ميتا" كما وصفته واشنطن.
ونقلت المجلة عن محللين سياسيين قولهم "إن خطة إطلاق قمر صناعي بواسطة صاروخ باليستي قد نتجت عن مخاوف داخلية لدى كوريا الشمالية بشأن تعزيز ودعم وضع الزعيم كيم يونج أون الذي تولى حكم البلاد في ديسمبر الماضي خلفا لأبيه الراحل كيم يونج إيل ".
وأوضح المحللون أن فشل تجربة اليوم أكثر حساسية من فشل تجربتي أعوام 1998 و2009 لعدة أسباب ، يتمثل أولها في الحاجة الواضحة لكيم يونج أون لفرض مصداقيته كزعيم قوي أمام شعبه ، فيما يكمن السبب الثاني في حجم التوقعات الشعبية للاحتفال بالذكرى المئوية لميلاد مؤسس الدولة ، كما أن الضغوط السياسية ضغطت على كيم لإثبات تعاظم شجاعته في مواجهة المجتمع الدولي .
وذكرت المجلة أن واشنطن عادت لعهدها إزاء بيونج يانج ، فمع فشل اتفاق فبراير وبالنظر إلى الانتخابات الرئاسية القادمة لم يعد لدى أمريكا خيارات متعددة بشأن العودة لموقفها الضاغط على كوريا الشمالية ، وقد تضغط من أجل استصدار بيان رئاسي من مجلس الأمن الدولي يدين إطلاق الصاروخ ، لكن عليها ألا تتوقع بأن قرارا جديدا بشأن فرض عقوبات على بيونج يانج سيتم اتخاذه بالنظر إلى الممانعة المتوقعة من الصين .
وأشارت تايم إلى الدور الذي لعبته بكين في عقد الاتفاق الأخير بين واشنطن وبيونج يانج ، لكنها في المقابل تابعت قرار الأخيرة بإطلاق الصاروخ بهدوء ، واكتفت بمطالبة جميع الأطراف بالتهدئة مع تجنب إدانة التحرك الكوري الشمالي .
ولفتت إلى قيام الرئيس الصيني هو جينتاو بتهنئة كيم أول أمس الأربعاء بعد تسميته رئيسا للحزب الكوري الشمالي الحاكم ، مؤكدة أن التحالف التقليدي بين بكين وبيونج يانج قد يكون أهم عوامل إثارة المخاوف لدى واشنطن وطوكيو وسول ، وذلك لأن الصين لم تشجب قيام كوريا الشمالية بإطلاق الصاروخ عام 2009 ، وبالتالي فإنه من غير المتوقع أن تفعل ذلك الآن بعد التجربة الفاشلة التي أجريت اليوم .