ربما يحاول التكنوقراط والحمائم في بيونغ يانغ انتهاز الفرصة والقول بأن فشل الصاروخ ينم عن فشل في السياسات. بالنسبة لنظام الحكم في كوريا الشمالية، الذي يعتمد على إدارة كل شيء وقلما يعترف بالفشل، يعد الفشل في إطلاق صاروخ بعيد المدى أمرا كارثيا. كان الهدف أن يتزامن إطلاق الصاروخ مع الذكرى المئوية لميلاد كيم إيل سونغ، مؤسس كوريا الشمالية. لكن، كانت لتجربة إطلاق الصاروخ نتائج عكسية. تشير تقارير أولية من دول مجاورة كانت تتابع إطلاق الصاروخ أن الجهاز المستخدم لإطلاق الصاروخ "Unha-3" انفجر وتحطم إلى 20 قطعة بعد 90 ثانية من إطلاقه. ولا يمكن القطع بأن عمليات إطلاق الصواريخ السابقة التي قامت بها كوريا الشمالية كانت ناجحة، مع أنهم تظاهروا بعكس ذلك. ففي عامي 1998 و 2009، أعلنت بيونغ يانغ أنها تمكنت من وضع أقمار اصطناعية في مدارها – لكن لم يتمكن أحد يوما من رصدها. وفي كلا المرتين، قطع صاروخ "تايبودونغ" مديات بعيدة وصلت إلى 4000 كليومترا، مما أثار قدرا كبيرا من الانزعاج لتداعيات تجربة صواريخ بالستية عابرة للقارات، وبدا ذلك واضحا بشكل خاص في اليابان، التي كانت تمر فوقها الصواريخ. لكن في كلا المرتين لم تكلل المرحلة الأخيرة من إطلاق الصاروخ بالنجاح. وفي 5 يوليو/تموز 2006، أطلقت كوريا الشمالية صاروخ "تايبودونغ-2" في إطار مجموعة من التجارب الصاروخية. ولم يثار أي حديث عن أقمار اصطناعية هذه المرة، وانفجر الصاروخ بعد 20 ثانية من انطلاقه. توقيت سيء ولكن الفشل الذريع هذه المرة ينطوي على قدر كبير من الإحراج بالنسبة للقيادة الكورية الشمالية، حيث جاء الحادث وسط اجتماعات لمسؤولين بارزين في بيونغ يانغ. في 11 أبريل / نيسان، عقد حزب العمال الكوري الحاكم مؤتمرا نادرا تم خلاله التأكيد على تولي كيم جونغ أون منصب الأمين العام، بالإضافة إلى ترقية مجموعة من أصدقائه الى مناصب بارزة في اللجنة السياسية وفي جهات أخرى. أقرت كوريا الشمالية هذه المرة بفشلها في إطلاق الصاروخ، وربما يصب تسلسل الأحداث أخيرا في مصلحة مَن يرغبون في الإصلاح داخل بيونغ يانغ. وكانت كوريا الشمالية أعلنت في 29 فبراير / شباط عن اتفاق مع الولاياتالمتحدة علقت عليه آمالا بالوصول إلى تهدئة، لكن تبددت هذه الآمال بعد أسبوعين مع إعلان بيونغ يانغ نيتها إطلاق الصاروخ. وربما يعكس هذا الوضع المفتقر إلى الاتساق خلافات في السياسة في بيونغ يانغ، حيث أصر الجيش الشعبي الكوري على إطلاق الصاروخ. وتحذر كوريا الجنوبية والولاياتالمتحدة بالفعل من أن أقمارا اصطناعية رصدت أعمالا أرضية بالقرب من موقع تجارب نووية داخل كوريا الشمالية في الشمال الشرقي، مما يعني أنه قد يجري التجهيز لاختبار نووي جديد. يشار أنه في 2006 و2009 تبعت اختبارات الصواريخ تجارب نووية. وهناك مخاوف من أنه بعد شعور كيم جونغ أون، أو الجنرالات المحيطين به، بالحرج فإنهم ربما يحدوهم عزم كبير على القيام بشيء يجذب الانظار ويحقق نجاحا هذه المرة ويذكر العالم من أن كوريا الشمالية لا يمكن الاستهزاء بها. ستمارس الصين ضغوطا، أكثر مما حدث للصاروخ، لتجنب أي تجارب نووية جديدة، لكنها ربما لا تنجح. وربما تعد هذه لحظة خطيرة، حيث قد تزداد الأوضاع سوءا في كوريا الشمالية. وبصورة مغايرة، ربما يحاول التكنوقراط والحمائم في بيونغ يانغ انتهاز الفرصة والقول بأن فشل الصاروخ ينم عن فشل في السياسات. وللوصول الى هذه النتيجة الأخيرة، يجب أن يعمل الغرب على مساعدة الراغبين في الإصلاح في كوريا الشمالية، ويعني ذلك المزيد من التواصل معهم. لكن إذا انتصر الجيش الشعبي وأجرت كوريا الشمالية تجربة نووية ثالثة فإن ذلك يكشف عن منحى هجومي. أما البديل فهو دفع نظام كيم إلى الزاوية بدرجة أكبر. ثمة حاجة إلى كسر هذه الدائرة السلبية، ولا يحتمل أن تأتي هذه المبادرة من بيونغ يانغ. Digg Digg مصدر الخبر: بي بي سي