إلى جميع الأحزاب السياسية فى مصر و جميع أعضاء مجلسى الشعب و الشورى ، أقدم الى حضراتكم رؤية استراتيجية ذات أبعاد واقعية حول دستور جمهورية مصر العربية و ما يفرضه واقعنا فى مصر عند اختيار رئيس الجمهورية من مواصفات و متطلبات للعقلية، لا الشخصية، من ابداع و روح قيادية تمتزج بقدرات علمية و عملية مستقاة من خبرات تراكمية تستطيع اتخاذ القرارات الحاسمة و الدقيقة لعلاج الجزء الحرج من المشاكل المتراكمة التى لا يمكن التعايش معها و لا يمكن قبول منطق ادارة الأزمات أو المسكنات مستقبلا. أولا: حول الدستور و اللجنة التأسيسية غير خافٍ على أحد أن المنطلقات لقوى المعارضة فى ماضى ليس بعيد و للشعب بجميع طوائفه و التى أدت الى الاطاحة بنظام الحكم المصرى و رئيسه جبرا تمثلت فى الاتحاد الكامل لحزمة من الأهداف يمكن صياغتها فى مجموعتين :
الأولى: المطالبة بالعدالة الاجتماعية من منظور سياسى اجتماعى معاصر... الثانية: تحقيق الأمن القومى المصرى ذو الأبعاد الشاملة ... وقد تفككت جراء ذلك منظومات تشريعية و حزبية و اعلامية و أمنية حكمت هذه الدولة طيلة ثلاثة عقود من الزمن و تراكمت الرواسب النفسية و الفكرية داخل جميع طوائف الشعب و تم تجريف العقول لتحدث بعد ذلك حالة غير مسبوقة من الانفجارات النفسية لكى تعبر عن ذاتها و وجودها خارج الفقاعة القمعية و الاستبدادية لنظام حكم علمانى مولدة بذلك حالة من الوعى و الادراك لحقيقة مشاكل مصر داخليا و خارجيا ، و يتقدم المشهد ليس فقط ترهلات النظام السابق سياسيا و خداعيا بل ما هو أبعد من ذلك حيث تعرى النظام بالكامل و تكشفت معه حقائق مخزية سواء ما تخص الفئات التى كانت تحكم أو ما تخص العلاقات السرية بين رموز نظام مبارك و بعض الأحزاب المعارضة و السياسيين و النشطاء و الاعلاميين و الذين لا يزالون يمارسون نفس الأساليب بنفس الفكر و هم لا يعلمون أن ما يفعلوه سلوك لفكر استُهلك فى ماضى لن يعود.
و غير خافٍ على أحد أن ما حدث يبدو أنه سوف يحدث ثانية من تزاوج رأس المال بالسياسة و ما نتج عنه من تلوث للبيئة السياسية و انهيار لشعب بأكمله . و نحذر من أن تجربة تزاوج الدين بالسياسة قد تمتد لدمج الدين برأس المال بالسياسة ، و هذا سوف يُنهى رصيد الأحزاب السياسية ذات المرجعية الدينية نهائيا لدى الشعب المصرى لأن النموذجين سواء تزاوج رأس المال بالسياسة أو تزاوج الدين بالسياسة الخاسر في كليهما هو الشعب المصرى . أما عن التوجهات الشيطانية لمنطلقات الهيمنة السياسية داخل منظومات الصراع فى مصر فانها تشير، و كنتائج مبدئية لتجربة تحتمل النجاح و الفشل، الى أن التيارات الدينية لن تخرج رابحة و هذا هو انتقام النظام السابق و الخطة الصهيوأمريكية المدعومة غربيا للايقاع بما أطلقوا عليه فى الماضى القريب "جماعات محظورة" و "تيارات دينية ارهابية".
لذلك كله نقترح الآتى من موقعنا كخبير استراتيجى فيما يدور من صراع الآن حول الدستور:
1- ان الدستور الجديد و ما يحمله من تشريعات و الذى يمثل الأساس الذى يبنى عليه الحاضر و المستقبل يفرض على الجميع أن يحاسبوا أنفسهم فيما يخططون لأن من يضع اليوم فكرة أو مادة أو رأى قد يموت غدا و لكن الفكرة لن تموت و الأجيال تتعاقب.
2- ان نتعلم من الماضى و أخطاء من قاموا بتفصيل مواد الدستور لدعم مصالحهم لأغراض لا تتفق و تطلعات شعوبهم ، بل كانت كافة التوجهات تصب فى افقار الشعب و قمعه و اذلاله بل و ذهبت العقلية الحاكمة الى توريث الحكم و سلب حرية الشعب و مقدراته.
3- حتى لا تلام المجالس البرلمانية من الشعب أولا و أخيرا يجب أن تسعى هذه المجالس الى ترك ما يخص الدستور و تأسيسيته للشعب بقدر الامكان لأن منطق الهيمنة على كل شئ هو بداية النهاية.
4- ان كل ما يخص دين الدولة و هو الدين الاسلامى كعقيدة سماوية خارج نطاق المناقشة و لن يقبل أحد له سلطة أو لا أن يجادل فى ذلك.
5- نحن نرى ان يكون هناك ابداع فى اضافة أو تعديل مواد دستورية تحفظ لمصر و شعبها كرامتهم و انسانيتهم فى الداخل و الخارج.
6- يجب اعادة النظر فى كل ما يخص علاقتنا بدولة اسرائيل و على وجه الخصوص اتفاقية الكويز ، تصدير الغاز ، تعمير و تنمية سيناء ، تواجد الجيش المصرى داخل كافة قطاعات شبه جزيرة سيناء، انهاء وجود المحافل الماسونية فى مصر لما لها من خطر حقيقى على الأمن القومى 7- التفكير بطريقة ايجابية و بنظرة مستقبلية فى دور الشباب و عدم تهميشهم لما لذلك من خطر اجتماعى.
8- وضع الضوابط التنظيمية لمنظومة الاعلام فى مصر و سلبيات الحرب الاعلامية على تكوين الآراء السلبية و تخريب العقول لأن ذلك كله يصب فى مصلحة أعداء الأمة.
9- علاج الفراغ التشريعى فى مصر بوجه عام مع التدقيق فيما يخص وضع تشريع مرتبط بقرار المنع من السفر و الذى يفتقده قانون الاجراءات الجنائية المصري ، بالاضافة الى معالجة عدم دستورية قانون الكسب غير المشروع.
10- ان يوضع من الضوابط ما ينظم العلاقات فيما بين السلطات الثلاث الرئيسية فى مصر (تنفيذية – تشريعية – قضائية) بما يسهل انسياب العلاقات بين هذه السلطات و تعاونها دون تداخلات أو تعقيد لأن ذلك يُحدث حالة من الروتين البيروقراطى مما يُفقد الدولة قوتها و ثقة الشعب فى سلطاته.
ثانيا: مؤهلات رئيس مصر القادم - بعد الاطلاع على ما يحدث من قبل الناخبين و المرشحين سواء كانوا مستقلين أو حزبيين و سواء كانوا مدعومين برلمانيا أو شعبيا و ما يحاك من صفقات خلف الأبواب المغلقة و الكل يسعى وراء مصالح لا تصب فى احتياجات الشعب المصرى ، لذلك قمنا بوضع تصور لمؤهلات عقلية الرئيس (صحيا – علميا – عمليا – ايمانيا) لكى يستطيع العبور بمصر الى بر التنمية و الرخاء :
1- مؤهلات علمية تدعم عقلية ابداعية أعطاه اياها الله تدور هذه المؤهلات داخل مدار يتضمن
أ- العلوم الاجتماعية و التى تشمل علم السياسة الدولية – علم النزاعات الدولية – علم الادارة الاستراتيجية – نظريات الحروب الاعلامية و تأثيرها على فكر الشعوب و صناعة المشاكل – الفقه المقارن للشرائع المرتبطة بالديانات السماوية ب- علم الجغرافيا السياسية:- و بالتالى التفهم الدقيق للمخاطر المرتبطة بالصراعات اقليميا و دوليا من جميع الاتجاهات الحدودية لجمهورية مصر العربية ج- علم الاقتصاد:- و هنا لا نعنى التخصص و لكن فهم لمقدمة هذا العلم لكى يسهل استيعاب حجم المشاكل الاقتصادية التى تواجهها مصر داخليا كما يسهل تفهم العلاقات المصرية مع العالم الخارجى و المرتبطة بالمنظمات الدولية المالية و الاقتصادية و الشركات متعددة الجنسيات و ما تمثله من خطورة على اقتصاديات دول العالم الثالث، هذا بالاضافة الى أن هذه القاعدة الاقتصادية تساعد على فهم نقاط القوة و نقاط الضعف المرتبطة بالموازنة العامة للدولة لكى تتضح رؤية ماذا يجب فعله و الاجابة على ماذا لو؟ و ماذا بعد؟
2- حصول المرشح الرئاسى على شهادة صحية موثقة تفيد أنه خالى من الأمراض العقلية و النفسية و البدنية (ذات العلاقة بالقدرات العقلية) و الاجتماعية لأن المبدأ يقول العقل السليم فى الجسم السليم ، و حتى يضمن الشعب قدرة رئيسه على صناعة و اتخاذ القرارات التى تؤثر على ما يزيد عن 80 مليون نسمة و مستقبل دولة فى علاقتها بالصراعات الداخلية من جانب و العلاقات الخارجية من جانب آخر
3- مؤهلات ايمانية:- أن يؤمن بالله و ملائكته و رسله و كتبه و اليوم الآخر و القدر خيره و شره، و بالتالى فهو مستعد لتحمل مسئولية الشعب المصرى و يعى أنه سوف يُحاسَب أمام الله أولا و أخيرا عن تصرفاته و أفعاله تجاه هذا الشعب .
4- لديه ثقافة عامة عن الحضارة المصرية – احتياجات المواطن المصرى البسيط (مأكل، ملبس، مسكن، مصدر رزق آمن) – الضغوطات الدولية الدبلوماسية و الاقتصادية المرتبطة بالصراع الدائر فيما بين العالم الأول و العالم الثالث – الأطماع الجيوسياسية للامبراطورية الأمريكية فى الشرق الأوسط و علاقة ذلك بصراع الحضارات – امكانات مصر السياحية غير المستغلة و ترجمة ذلك الى عائدات تفوق النفط من وجهة نظر منطقة الخليج – الصراعات الطائفية و العرقية داخل مصر – ما تمتلكه مصرمن أوراق ضغط لتحقيق مصالحها فى مواجهة الدول فى المدار الاقليمى و المدار الدولى – حسابات القوى بين مصر و الدول ذات الشراكة الاقتصادية معها .
5- ما الذى يجب فعله و كرؤية مستقبلية ذات نتائج مصيرية فيما يخص الأزمات الدولية و التى تتمثل فى أزمة المياه – أزمة الطاقة – التغييرات المناخية – مشكلة التصحر – الأزمة المالية العالمية – مشكلات و نتائج حرب العملات الدولية – حين ينضب النفط فى مصر ، هذا بالاضافة الى كل ما يتعلق بمصطلح الارهاب الدولى من حيث المنشأ – النتائج – المستفيد منه – علاقته المصطنعة بالدين الاسلامى و المسلمين – آثار زرع هذا الفكر فى مصر – علاقته بالفوضى التخريبية .
6- أهمية الطاقة النووية السلمية لمصر حاليا و مستقبلا كبديل ممكن و مجدى اقتصاديا و اجتماعيا لتحقيق التنمية الشاملة فيما يخص الطاقة البديلة النظيفة و تنقية و تحلية المياه .
7- الرؤية الواقعية للمشروعات القومية فى مصر و كيفية تنفيذها و مصادر تمويلها لما لها من آثار ايجابية فى علاج مشكلة البطالة و التعليم و الصحة و الاسكان ليس بمفهوم الأقوال و الشعارات الترويجية الاستهلاكية بل كأفعال لأنه لا بديل و لا تعايش مع هذه المشاكل مستقبلا.
8- كل ما يرتبط بالأمن القومى المصرى سواء كان ذلك خاص بالأمن الغذائى – الأمن المائى – أمن الطاقة – الأمن الاقتصادى – الأمن الحربى و تنمية القدرات التسليحية للجيش المصرى.
9- أهمية دور تكنولوجيا المعلومات و الاتصالات و أثر ذلك على صناعة و اتخاذ القرارت الاستراتيجية و التكتيكية من وجهة نظر السلطات المصرية الثلاث الرئيسيىة (التشريعية – القضائية – التنفيذية).
10- الفهم الكامل للأهداف من وراء المشروعات الاسرائيلية المنافسة للمجرى الملاحى الدولى (قناة السويس) و ما يجب التخطيط له من الآن .
11- عدم انتماء رئيس الدولة لأى حزب سياسى أو فكر طائفى أو معتقدات خارج مصالح الشعب لأنه يخدم الشعب كله بكافة توجهاته الدينية و الثقافية و السياسية دون تمييز .
و بعد الاطلاع على تعديلات المواد الدستورية و الاعلان الدستورى بموجب استفتاء 19 مارس 2011 بصفة عامة ، وجدنا أن هناك تسهيل فيما يخص مواد الترشح لرئاسة الجمهورية وقد يكون ذلك استجابة لمطالب القوى السياسية المعارضة للمواد الدستورية المستبدة السابقة و التى كانت تتجه نحو دعم ملف التوريث لمبارك الابن و قد تجاهل واضعى المواد الدستورية الخاصة بانتخاب رئيس الجمهورية ما يخص الكشف الطبى المتخصص للمؤهلات العقلية لمرشحى الرئاسة و ما يتوجب ان تكون عليه الصحة النفسية و البدنية للمرشح و سار فى نفس المسار اللجنة العليا المشرفة على انتخابات رئاسة الجمهورية ، لذلك أردنا توضيح خطورة النتائج جراء تجاهل الجوانب الصحية و النفسية ذات الآثار على عقلية رئيس الجمهورية و انعكاسات ذلك على صناعة و اتخاذ القرارات لما يفرضه الواقع الحالى و المستقبل من أهمية هذا البعد و الذى أوقعنا فى الماضى فى مشاكل استراتيجية ارتبطت برؤساء سابقين و انعكست على معاناة شعوب قد تمتد لعقود قادمة اذا لم يدرك واضعى الضوابط و الناخبين ذلك البعد.
و أخيراً، ان التحديات التى تواجهها مصر الآن داخليا و خارجيا تفرض على الجميع الاتحاد و التضامن لمواجهة هذه المرحلة لكى نُعلم أولادنا و يُحكى لأحفادنا ان الجميع شارك بأمانة و اخلاص و وفاء فى كتابة تاريخ مصر الجديدة و لم ينظر الى مصالح شخصية بل ذاب الجميع لاعلاء مصلحة الوطن من أجل تحويل حالة الأمل و الرجاء الى واقع من النهضة و الرخاء.