ما حدث صباح السبت 24مارس 2012م،وأوردته وكالات الأنباء حول إصابة ضابط وثلاثة من رجال الشرطة بمديرية أمن القاهرة فى تبادل لإطلاق النار خلال حملة أمنية لضبط عناصر إجرامية فى منطقة الصاغة، وبالأمس كان إطلاق النار من قبل مجهولين على قوة أمنية من مباحث القليوبية أثناء قيامها بتفقد الحالة الأمنية على الطريق الزراعي السريع مما أسفر عن مقتل ضابط ومندوب شرطة يجعلنا نطالب بالمزيد من التدعيم الحكومي لجهاز الشرطة فى مواجهة عناصر الانفلات والإجرام. وعلى مدار سنوات وربما عقود ماضية لم تكن الشرطة في خدمة الشعب ولا حتي سيادة القانون وإنما كانت فقط أداة لخدمة النظام الفاسد وكانت تكثف جهدها وطاقة ضباطها ورجالها لتأمين مواكب التشريفات على حساب تامين المواطن وربما كانت السبب الأساسي في اندلاع ثورة 25 يناير بممارستها القمعية السابقة على الثورة ضد المواطنين .
ولكن اختلف الأمر بعد قيام الثورة وأصبح الوطن مرتعا للخارجين على القانون يعيثون في الأرض فسادا وأصبح لزاما إعادة إحياء دور الشرطة الفعال في حماية امن الشارع على الشكل الذي يحفظ للمواطن حقوقه ويضمن أمنه في نفس الوقت .
وخلال فبراير 2011 تم حصر خسائر جهاز الشرطة عقب قيام الثورة وكانت الإحصاءات تشير إلى:
خسائر البشرية متمثلة في أعداد من الشهداء والمصابين من أفراد الشرطة خلال تلك الفترة، وهم 6 ضباط و11 فرد شرطة و15 مجندا ، وإصابة 342 ضابطا و167 فرد شرطة، و570 مجندا.وبالنسبة للخسائر المادية، احتراق 99 قسم شرطة على مستوى الجمهورية ، و6 سجون مختلفة، وانهيار أسوار بعضها بالإضافة إلى احتراق عدد كبير من وحدات الحماية المدنية على مستوى الجمهورية، وكذلك سيارات الترحيلات وسيارات النجدة.
والحاجة إلى إصلاح جهاز الشرطة وإعادة تدعيمه فنيا ومعنويا سواء بالأسلحة والمعدات اللازمة لمواجهة الانفلات الأمني او بتدعيم الثقة بينه وبين المواطن تتطلب أن نضع أولا أيدينا علي مواطن الخلل وتحديد أوجه القصور حتي نعيد الشرطة إلي مهمتها الأساسية لتكون جهازا في خدمة الشعب وليس في خدمة الحاكم.
وربما كانت مشكلة جهاز الأمن في مصر لا تكمن في قلة الموارد المادية أو البشرية بل في توزيع وكفاءة استخدام تلك الموارد حيث تشير تقديرات الخبراء إلي أن الشرطة تكلف مصر ما يقرب من 58 مليار جنيه سنويا منها 71 مليار جنيه نفقات مباشرة مدرجة في الموازنة العامة وما يقرب من 23 مليار جنيه تكاليف غير مباشرة منها عوائد ومزايا شبه رسمية تحصل عليها الشرطة كمؤسسات وأفراد ، وهذا يدفعنا الى القول بضرورة استغلال تلك الموارد الكبيرة فى تحسين أداء جهاز الشرطة على الوجه الأمثل .
ومما لا شك فيه ان انهيار جهاز الشرطة وتقصيره لا يصب فى صالح الوطن سواء فيما يتعلق بخطط الانتشار الأمني السريع او ما يتعلق بإعادة الهيكلة الشاملة والجذرية لجهاز الأمن. وبالنظر الى ما قامت به جمعية مستثمري العاشر من رمضان والتي دبرت فى مارس 2011 نحو 300 ألف جنيه لدعم تواجد الشرطة مرة أخرى لحماية المنطقة الصناعية والوحدات السكنية ، نجد الحاجة الماسة الى التكاتف الشعبي والرسمي لدعم هذا الجهاز الهام والحيوي فى حياة المواطن .
واننا فى شبكة الإعلام العربية "محيط" نطالب الحكومة أن تقدم الدعم القوى لجهاز الشرطة من أجل تدعيم هياكله واستكمال الأسلحة التي تنقصه،وان يستطيع ان يؤدى مهامه على أكمل وجه فى حماية ربوع الوطن،كما ندعو أيضا إلى التعامل مع الشرطة من منظور جديد يكون قائما على أساس احترام القانون والدستور، ونؤكد ان تدعيم جهاز الشرطة هو بلا شك يسهم فى تدعيم كافة القطاعات الأخرى الاقتصادية وغيرها التى تسهم فى طريق استكمال أهداف الثورة.