"18 يوم.. الأيام الأخيرة لنظام مبارك" كتاب عبد اللطيف المناوي، رئيس قطاع الأخبار سابقاً ، صدرت طبعته العربية بالتزامن مع الطبعة الإنجليزية في يوم 25 يناير عن الدار المصرية اللبنانية ، في 460 صفحة من القطع المتوسط . الكتاب - بحسب كلمة الناشر - يكشف كثير من الأسرار والكواليس التي أحاطت بعملية صنع القرار أيام ثورة يناير المجيدة، و دور كل الأطراف الفاعلة في الحدث على المستوى الرسمي، في التليفزيون المصري، والفضائيات، وقصر الرئاسة، و بعض الصحف الخاصة، في محاولة للسيطرة على الأزمة، حتى أن خطاب مبارك ليلة موقعة الجمل أعد نقاطه الرئيسية صحفي و مذيع في قناة خاصة، وهناك أدوار كبرى لبعض رجال الأعمال، وبعض الكتاب، و كنا نظنهم من المعارضين الأشداء لحسني مبارك و نظامه، لكنهم كانوا بمعارضتهم له، يبحثون له عن مخرج، و كل اسم مشارك من هؤلاء ، سيجد القارئ تفاصيل مشاركته و دوره . يقول المناوي : هذا الكتاب يحتوى على عديد من الأسرار التي يمكن القول عنها إنها تنشر لأول مرة ، بل يمكن القول إن مستوى الدقة في هذه المعلومات عالي المستوى ، مما يمكن الاعتماد عليه، أو الرجوع إليه في أية مرحلة لتأريخ ما حدث في مصر في هذه الفترة .
و تتواصل فصول الكتاب لتبدأ مع يوم 25 يناير، و ما حدث قبل 25 يناير، من اجتماعات على أعلى مستوى، و كيف هوّن الذين يديرون الأزمة من طبيعة المظاهرات وطبيعة المتظاهرين و يستمر الكتاب في سرد التفاصيل، و ما إذا كان ثمة قوى أجنبية تعمل في التحرير أم لا ؟ و ما مخططات اقتحام مبنى التليفزيون ، وكيف تم التعامل معها ، و ما الحلول البديلة في حال سقوط البث الرسمي .
و لماذا تم قطع الانترنت و الاتصالات؟ و ما قصة اختيار عمر سليمان نائباً للرئيس، و قصة أول حوار معه ؟ و كيف تم التعامل مع موقعة الجمل، و كذلك دور عبد اللطيف المناوي في الضغط على النظام لإقناع مبارك بالتنحي ؟ و لماذا تأخر في قراره ؟ و كيف سقط النظام ؟
يروى الكتاب القصة الحقيقية لتأخر إذاعة بيان التنحي – يوم الجمعة 11 فبراير 2011 - وكان اللواء اسماعيل عتمان ، رئيس الشئون المعنوية بالقوات المسلحة منتظراً إشارة البث في مكتب المناوي، فبعد أن صعدت سوزان مبارك الطائرة في طريقها لشرم الشيخ، نزلت مسرعة : " و كما تبين بعد ذلك فإن سوزان مبارك رفضت مغادرة الفيللا لأكثر من ثلاث ساعات، فقد انهارت من أثر الحزن الشديد على فقدانها للحياة التى اعتادت عليها حيث انهار العالم من حولها و هو ما فاق قدرتها على التحمل، إذ تم العثور عليها منهارة على الأرض تبكى و تعجز عن السيطرة على نفسها أو الوقوف على قدميها و لكن الجنود اخترقوا البروتوكول، و عثروا عليها في الفيللا ، و هى على الأرض محاطة بكل حُلَّيها و ذكرياتها.
و يواصل المناوي سرد الوقائع الحقيقية في آخر لحظات لسوزان في الفيللا .. حيث هَمَّ الحراس لمساعدتها على الوقوف اتكأت على كتف ضابط شاب، حيث حملوها داخل المنزل، و قد بللت دموعها أكتافهم وهى تلتقط مقتنياتها القريبة إلى قلبها، و في حزنها الشديد ظلت تردد مراراً و تكراراً دون توقف : " كان لديهم سبب " .
و الحكاية كاملة موجودة بنصها في الفصل الأخير من الكتاب الذي يرصد أدق اللحظات في رحلة هذه العائلة مع الحكم و السياسة في مصر .
فى هذه اللحظات العصيبة التى سبقت إذاعة بيان التنحي جرى حواران مهمان، الطرف الأول فيهما الرئيس المتنحي حسني مبارك، مع عمر سليمان و محمد حسين طنطاوي : فى الحوار الأول و مبارك يركب الطائرة إلى شرم الشيخ :
سأل عمر سليمان الرئيس : " هل أنت بحاجة إلى أى ضمانات " لا " .. أجاب مبارك سأل عمر سليمان : " هل أنت بحاجة للذهاب إلى الخارج .. إلى أى مكان " فأجاب الرئيس بنفس الكلمة : ": لا" .
و أضاف قائلاً : " لم أرتكب أى خطأ .. أنا أريد أن أعيش في هذا البلد ، و سوف أعيش في هذا البلد حتى نهاية حياتي .. لقد تركت كل شئ : السياسة و السلطة .. كل شئ .. أريد فقط أن أعيش هنا " . فقال سليمان : " لديك بعض الوقت للتفكير فى الأمر إذا كنت تريد أن نفعل أى شئ آخر – بعض الوقت – أيام " .
و الحوار الثاني مع القائد الأعلى لقوات المسلحة محمد حسين طنطاوي ، فور وصول مبارك إلى مقر إقامته فى شرم الشيخ في الواحدة و النصف ظهر يوم التنحي اتصل بوزير الدفاع و كانت مكالمة قصيرة قال خلالها : " حسين قررت أن أفوض المسئولية كاملة لك و للجيش .. أنت صاحب السلطة الآن " .
أجاب طنطاوي : "لا يا سيادة الرئيس ، سنجد وسيلة أخرى .. لم يكن هذا ما نريده" " لا " أجابه مبارك . و أضاف مبارك : " هذا قراري . تحدّث مع عمر سليمان و رتبوا كيفية إعلان هذا النبأ .. خلَّي بالك من نفسك يا حسين " .