انتقد دكتور يوسف زيدان مدير مركز المخطوطات بمكتبة الإسكندرية، كبر سن القائمين على المجمع العلمي المصري، قائلاً أنه لا يعرف ما السبب في تمسك الراحل محمود حافظ رئيس المجمعين العلمي واللغوي، بمنصبه رغم بلوغه 99 عاما. وقال أنه كان من المفترض منذ أن اشتدت أحداث مجلس الوزراء أن يبلغ القائمون عليه الجهات المسئولة ويحملوهم المسئولية كاملة ولكن هذا لم يحدث لأن الحريق حدث ورئيس المجمع مريض وفي غيبوبة. مضيفاً: العلم يحتاج إلى قوة وجهد، مشيراً إلى أنه دعى من قبل وبالتحديد عام 2002 لإلقاء ندوة هناك، وفوجئ أن الحاضرين أعمارهم فوق 70 عاما، مشيراً إلى أن المكان هناك يصلح أن يكون كادرات مميزة لتصوير أفلام رعب على حد وصفه. مؤكداً أن الكتب كان يتراكم عليها الفطريات وغير مرتبة على حد وصفه قبل الاحتراق، ومن ثم المكان غير صالح للقراءة. يواصل: نفس سياسة الاختيارات المدهشة، هي التي أتت بوزير الصحة منذ 34 عاما وهو الدكتور إبراهيم بدران ليصبح رئيساً جديدا للمجمع العلمي. جاء ذلك في الصالون الشهري الذي يعقده دكتور زيدان، والذي استضافته ساقية الصاوي أمس الأربعاء تحت عنوان "مستقبل الثقافة في مصر"، وتحدث من خلاله عن كتاب دكتور طه حسين الذي يحمل نفس العنوان، قائلاً أن عميد الأدب العربي كتبه في ظروف تشابه ظروفنا الحالية المعاصرة. واستعرض زيدان أسباب كتابة طه حسين لهذا الكتاب الذي صدر عام 1938، لخصها حسين نفسه في سببين الأول هو أن مصر أصبحت في تحد كبير بعد توقيعها معاهدة الاستقلال عام 1936، مشيراً إلى ان اوروبا تنظر إلى مصر وتتطلع إليها، ويبحث حسين في كيفية النهوض. والسبب الثاني هو أن تلامذة طه حسين سألوه عن مستقبل الثقافة في مصر بعد معاهدة الاستقلال، وعزم أن يجيب في كتاب. ويشير صاحب الصالون إلى أن عميد الأدب العربي طه حسين طالب بأن تساير مصر التطور الأوروبي، وأولى في كتابه أهمية خاصة إلى التعليم الذي وصفه بأنه محور الثقافة، وكذلك تحدث عن اللغة العربية وانتقد في كتابه ما وصلت إليه من انحدار، مشيراً إلى أننا في مصر مسلمين ومسيحيين نتحدث لغة واحدة ودستورنا لا يفرق بيننا، مطالباًُ بان يطور الأزهر لغته، وهكذا القساوسة الذين طالبهم بتطوير لغة الصلوات . وانتقد زيدان عدم تعريف "حسين" في كتابه لماهية المستقبل والثقافة ومصر المنشودين . وعن ثورة مصر، أكد زيدان أنها يجب أن تتوقف عند حد معين، بحيث لا يتحول الجميع لثوار يتركون أعمالهم للإعتصام في الميادين، مشيرا إلى أن الاعتصامات شكل لإعلان الثورة وليست هي الثورة ذاتها . وانتقد كذلك صاحب جائزة "بوكر" العربية في صالونه تركيز الإعلام على الجماعات الإسلامية السلفية منهم والإخوان، قائلاً أن هذا الضغط السلفي والحديث عنه أدى إلى ظواهر أخرى لم يركز عليها الإعلام مضادة في الاتجاه، فمع تأسيس حزب النور السلفي، شاهدنا نجاح فيلم "شارع الهرم"، وظهور قنوات الرقص الشرقي، وتعري علياء المهدي. مؤكداً أنه كلما ازدادت وطأة الضغط السلفي، يحدث الضغط المضاد ليس من الليبراليين بل من المجموع العام، مشيراً إلى أن العقل المصري ليس بهذا التسطح الذي يسمح بقبول كل الفزاعات، لافتاً إلى أن التعليم السيئ خلال 60 عام جعل الشوارد تلفت أنظارنا ونهتم بها، وهذا ما جعل توفيق عكاشة يلفت الأنظار. وفي صالونه أكد زيدان ان الثورة المصرية حققت الكثير وانها ستستمر، وقد تخبو شمعتها لكنها لن تنطفئ، مشيراً إلى أن ما يتعين على المثقفين فعله الآن هو استشراف المستقبل، والتنبؤ به، حتى لو تجاهله البعض تلك النبوءات، مثلما فعلت زرقاء اليمامة مع قومها. وأشار زيدان إلى أن عام 2011 كان عام "تكسير عظام المثقفين" سواء بقصد أو بدون قصد، فحالة الانفتاح الهجومي التي تسبب الإعلام فيها إلى حد كبير، أدت إلى التجريح الشديد في كثير من الأشخاص، وهناك من توفاهم الله، وهناك أصوات اكتأبت وأخرى تم إسكاتها، وهناك من ابتعد عن الأدب وانخرط في معترك السياسية، حتى بات هناك قلة فى عدد منتجي الثقافة والإبداع. وطالب زيدان بإيقاف الجامعة لمدة عامين من أجل إصلاح العملية التعليمية، فالجامعات الآن بلا مكتبات، وأساتذتها يحتاجون إلى مراجعة وتأهيل. من جانبه أكد صاحب الساقية والنائب البرلماني محمد الصاوي على ضرورة الاهتمام بالثقافة في الفترة القادمة، حتى لا يخرج لنا مبارك جديد، وطالب أن تعاد إلى الثقافة كرامتها وأن يدرك الجميع أنها وسيلة للارتقاء بالمجتمع.