قال اللواء زيد الصالح رئيس اللجنة الأمنية في حلب إن عملية الجيش السوري وحلفاءه لاستعادة شرق حلب الخاضع لسيطرة المعارضة في مراحلها الأخيرة بعد انهيار دفاعات مقاتلي المعارضة أمس الاثنين الأمر الذي تركهم في جيب صغير يتعرض لقصف مكثف. وذكرت وكالة "رويترز" إن قصف مناطق المعارضة لم يتوقف لحظة أثناء الليل ووصفته بأنه الأعنف منذ أيام كما وصف مدني محاصر هناك الوضع بيوم القيامة. وقال اللواء في تصريحات لمجموعة من الصحفيين في حي الشيخ سعيد بعد انتزاع السيطرة عليه "المعركة في شرق حلب لازم تخلص سريعا. يعني الوقت محدود جدا جدا لهم. إما الاستسلام أو الموت." وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن مقاتلي المعارضة انسحبوا من كل الأحياء على الجانب الشرقي من نهر حلب بعد أن خسروا حي الشيخ سعيد في جنوب المنطقة التي يسيطرون عليها في معارك خلال الليل. وأظهر التلفزيون الحكومي جنودا في مناطق تسيطر عليها الحكومة وقد شرعوا في إطلاق النار في الهواء تعبيرا عن الاحتفال بينما أطلق قادة السيارات أبواق سياراتهم احتفالا بما اعتقدوا أنه نصر وشيك في حلب. وتراجعت مساحة منطقة مقاتلي المعارضة بشكل سريع وتقلصت بواقع النصف خلال بضع ساعات. وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن إن المعركة على حلب وصلت إلي نهايتها. وقال زكريا ملاحفجي رئيس المكتب السياسي لحركة فاستقم التي تحارب في حلب إن الوضع صعب للغاية. وقال مسؤول من الجبهة الشامية وهي جماعة مسلحة موجودة في حلب إن المقاتلين ربما يعيدون التمركز على امتداد الضفة الغربية للنهر. وأضاف المسؤول المقيم في تركيا "من المتوقع أن تكون هناك جبهة قتال جديدة." وأطلقت منظمة الخوذ البيضاء للدفاع المدني وثلاث جماعات إغاثة أخرى محاصرة مناشدة يائسة للمجتمع الدولي من أجل ترتيب ممر آمن لنحو 100 ألف مدني عبر منطقة تمتد أربعة كيلومترات تسيطر عليها الحكومة. وقالت في بيان "إذا بقينا فإننا نخشى على أرواحنا. ربما تؤخذ النساء إلى معسكرات واختفى الرجال ويواجه أي شخص معروف بأنه يدعم المدنيين الاعتقال أو الإعدام." وقال ناشطون واثنان من السكان داخل المنطقة المتبقية لمقاتلي المعارضة إن 79 مدنيا على الأقل أعدموا في منطقتي الفردوس والصالحين على أيدي مسلحين موالين للحكومة. وقال مدير الدفاع المدني عمار السلمو إن هناك ما يربو على 100 جثة وإن هناك آخرين ربما ما زالوا على قيد الحياة تحت الأنقاض ولا يتسنى لأحد الوصول إليهم. وقال متحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون يوم الاثنين إن الأمين العام يشعر بالقلق من تقارير غير مؤكدة عن ارتكاب فظائع ضد عدد كبير من المدنيين بينهم نساء وأطفال في حلب. وأضاف المتحدث ستيفان دوجاريك في بيان "الأمين العام ينقل قلقه البالغ للأطراف المعنية وقد كلف مبعوثه الخاص إلى سوريا بالمتابعة العاجلة مع الأطراف المعنية." وقال مستشار الأممالمتحدة للشؤون الإنسانية الخاص بسوريا يان إيجلاند على تويتر امس الاثنين إنه يجب تحميل الحكومتين السورية والروسية مسؤولية الفظائع التي ترتكبها الفصائل المسلحة الموالية للحكومة في حلب. وأضاف في تغريدة قائلا: "حكومتا سورياوروسيا مسؤولتان عن أي انتهاكات وكل الانتهاكات التي ترتكبها حاليا الميليشيات المنتصرة في حلب." وذكر مصدر عسكري سوري أن الانسحاب المفاجئ لمقاتلي المعارضة يمثل "انهيارا كبيرا في الروح المعنوية للإرهابيين". واقترب الرئيس السوري بشار الأسد الآن من استعادة السيطرة الكاملة على حلب التي كانت أكبر مدينة سورية من حيث عدد السكان قبل الحرب وستكون أكبر مكسب له حتى الآن في الصراع المستمر منذ قرابة ستة أعوام. وقال المصدر العسكري لرويترز إنهم في اللحظات الأخيرة قبل إعلان انتصار الجيش السوري في معركة شرق حلب وإنهم على وشك إعلان ذلك في أي لحظة. وقالت وزارة الدفاع الروسية إنه منذ بدء معركة حلب استسلم أكثر من 2200 من مقاتلي المعارضة وغادر مئة ألف مدني مناطق شرق حلب التي كانت من قبل واقعة تحت سيطرة مقاتلي المعارضة. وقال أبو عامر عقاب وهو موظف حكومي سابق في حي السكري في قلب المنطقة التي تسيطر عليها المعارضة "الناس بتروح من قصف لقصف وبتعدي من تحت الموت بس المهم تنفد بروحها،وضع مأساوي يوم القيامة يعني بتحسن تقول عنه يوم القيامة نعم يوم القيامة في حلب." وأظهرت لقطات بثها التلفزيون الرسمي من الصالحين وهو أحد الأحياء التي سيطر عليها الجيش أكواما من الحطام والمباني شبه المنهارة وجثثا ملقاة على الأرض بالإضافة لبعض المدنيين الذين انتابتهم الحيرة وهم يحملون أطفالا أو حقائب. في الوقت الذي سيوجه فيه سقوط حلب ضربة قاصمة للفصائل المعارضة المسلحة التي تسعى إلى الإطاحة بالأسد فإن هذه الخطوة لن تقرب الرئيس السوري كثيرا من السيطرة من جديد على كامل الأراضي السورية. وما زالت مساحات كبيرة من الأراضي في سوريا تحت سيطرة الفصائل المعارضة كما أن تنظيم الدولة الإسلامية استعاد مدينة تدمر يوم الأحد. ووفقا للمرصد السوري لحقوق الإنسان فلا يزال عشرات الآلاف من المدنيين في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة محاصرين بسبب تغير جبهات القتال بشكل متواصل واستمرار الضربات الجوية والقصف ودون احتياجات أساسية. وفي حي الشيخ سعيد امس الاثنين وقف زوجان كبيران في السن يندبان حظهما. وقالت المرأة وقد رفعت يديها بالدعاء بينما حاول ضابط في الجيش تهدئتها: "اللهم ارجع كل ولد لحضن أمه. أنا ذقت اللوعة ولكن غيري لا يذوق اللوعة. أنا فقدت أولادي الثلاثة اثنان استشهدا والثالث مخطوف." وتلقت فصائل المعارضة المسلحة في حلب اقتراحا أمريكيا روسيا يوم الأحد الماضي يشمل خروج المقاتلين والمدنيين الراغبين من مناطق المعارضة لكن موسكو قالت إنه لم يتم التوصل بعد إلى اتفاق في محادثات جنيف التي تهدف إلى حل الأزمة سلميا. وألقى مسؤول المعارضة اللوم على روسيا في عدم تحقيق تقدم في المحادثات قائلا: "إنه ليس لديها دافع للتنازل في الوقت الذي يحقق فيه حليفها الأسد مكاسب. وقال "الروس يراوغون. عم يشوفوا (إنهم يرون) الوضع العسكري إذا هلق (وهم الآن) تقدموا." وقال مجلس الأمن القومي الأمريكي في رسالة أرسلت إلى السفارة الأمريكية في جنيف إن موسكو رفضت وقف إطلاق النار. وقال المجلس في بيان "اقترحنا وقفا فوريا للأعمال القتالية للسماح بخروج آمن والروس يرفضون حتى الآن".