تحل اليوم ذكرى الحكم على الرئيس العراقي الراحل صدام حسين بالإعدام شنقا والذي تم تنفيذه بعد حوالي شهر من النطق بالحكم في تهم تتعلق بانتهاك حقوق الأنسان. ففي الخامس نوفمبر 2006 اصدرت المحكمة الجنائية العراقية العليا قرارها القاضي بالإعدام شنقا على صدام حسين، كذلك اصدرت نفس حكم الإعدام شنقا على برزان إبراهيم الحسن مدير جهاز المخابرات السابق وعواد حمد البندر السعدون رئيس محكمة الثورة الملغاة. أما طه ياسين رمضان فقد حكم عليه بالسجن مدى الحياة. وبالنسبة لباقي المتهمين بالقضية فقد حكم على علي دايح وعبد الله كاظم رويد ومزهر عبد الله بالسجن 15 عاما، كما افرجت عن المتهم محمد عزاوي لعدم كفاية الادلة. "الدجيل" والمحاكمة وتعود محاكمة صدام حسين من قبل المحكمة الجنائية المختصة في العراق لتهم انتهاك حقوق الأنسان الموجه اليه في إطار الإجراءات التي تعرضت لها بلدة الدجيل في عام 1982 بعد تعرض موكب صدام أثناء مروره بهذه البلدة إلى محاولة اغتيال فاشلة نظمت من قبل حزب الدعوة الإسلامية في العراق والذي كان معارضاً لحكومة صدام حسين، وكان من شأن ثبوت التهم أن يحكم على صدام حسين بالإعدام شنقاً حتى الموت وهو ما حدث. قبل المحاكمة وتحديداً في 30 يونيو 2004 تم تسليم الرئيس العراقي الراحل مع 11 مسئولاً بارزاً في حزب البعث "بصورة قانونية" - وليس بصورة عملية - من قبل القوات الأمريكية التي تعتقله في معسكر كروبر - Camp Cropper - بالقرب من مطار بغداد الدولي إلى الحكومة العراقية المؤقتة لغرض محاكمتهم في قضايا "جرائم حرب" و"انتهاك لحقوق الأنسان" و"إبادة جماعية". وكانت المحكمة الجنائية العراقية العليا قد تشكلت في 10 أكتوبر 2003 بقرار من مجلس الحكم في العراق واعتبر القانون المحكمة مختصة "بالجرائم ضد الإنسانية" واعتبرها "مستقلة" و"لا ترتبط بأي جهة كانت" لقراءة الهيكل العام للمحكمة، واختصت المحكمة بالجرائم المذكورة من فترة 1968 إلى 2003. تشكل هذه المحكمة حسب قانون إدارة الدولة للفترة الانتقالية التي اعتبرت كدستور مؤقت للعراق في فترة سلطة الائتلاف الموحدة وحاكمها بول بريمر. واعتبرت هذه المحكمة هجينا بين قوانين العدل الدولية والعراقية. وتمتلك المحكمة حق محاكمة اي شخص عراقي الجنسية تم اتهامه ب"جرائم حرب" و"انتهاك لحقوق الأنسان" و"إبادة جماعية". انتقادات للحكم وبعد الحكم على صدام وجه الكثيرون انتقادات شديدة لمحاكمة الرئيس العراقي الراحل باعتبارها ضرباً من الانتقام يمارسه الأمريكيون المنتصرون واستشهدوا لإثبات حجتهم بالاهتمام الكبير الذي اولته الولاياتالمتحدة لهذه المحاكمة. أما محامو صدام فقد اتهموا الحكومة العراقية بالتدخل في سير المحاكمة. كما هاجم محامو الرئيس العراقي السابق توقيت النطق بالحكم الذي جاء متزامنا مع توجه الأمريكيين إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات النصفية للكونجرس التي فاز فيها الديمقراطيون. ومن الاعتراضات القانونية على المحاكمة، تولي قضاة ينتمون إلى جهات بينها وبين المتهم (صدام حسين) خصومة، وقيامهم بإصدار تعليقات تحمل أحكاما مسبقة مثل استخدام لفظ "ضحايا أبرياء" لوصف المدعين ضد المتهم، وهو أمر لا يجيزه القانون وأصول المحاكمات والمرافعات. منظمة هيومن رايتس ووتش الأمريكية التي تعنى بحقوق الإنسان، والتي طالما اتهمت نظام الرئيس صدام بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وكانت من أشد المناوئين له ولتوجهاته، عادت لتعطي رأيها القانوني في المحاكمة التي وصفتها بأنها قد "أديرت من قبل قضاة غير محايدين وفي محكمة أثبتت الإجراءات فيها بأنها تفتقر إلى معرفة أساسيات المحاكمة العادلة". أما اختيار صبيحة عيد الأضحى - العاشر من ذي الحجة 1427 للهجرة الموافق 30 ديسمبر/كانون الأول 2006 للميلاد- لتنفيذ الحكم رغم عدم استنفاد المدة القانونية للتنفيذ وهي 30 يوما بعد تمييز الحكم، فقد لاقى استياء شعبيا واسعا داخل وخارج العراق، كما أثار انتقادات قانونية لمخالفته القانون العراقي الذي ينص على عدم تنفيذ حكم الإعدام في العطل الرسمية والأعياد الدينية على المحكوم عليه. ترحيب أمريكي وكانت الولاياتالمتحدة قد رحبت بقرار محكمة التمييز العراقية تصديق الحكم بإعدام صدام حسين في قضية الدجيل. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض سكوت ستانزل إن يوم التصديق على قرار الإعدام "يمثل علامة مهمة على طريق جهود الشعب العراقي لاستبدال حكم القانون بحكم طاغية, الشعب العراقي يستحق الاشادة لمواصلته استخدام مؤسسات الديمقراطية في تحقيق العدالة, لقد حصل صدام حسين على الإجراءات الواجبة قانونا وعلى حقوقه القانونية التي حرم الشعب العراقي منها لفترة طويلة لذا فهذا يوم مهم للشعب العراقي. وقال صدام حسين إنه جاهز للموت فداء للعراق، وحث العراقيين على التوحد لمواجهة الأعداء, ففي رسالة كتبها في زنزانته في السجن في نوفمبر قال صدام إن موته سيجعله شهيداً حقيقياً. وأضاف صدام في رسالته: أقدم نفسي قربانا، إن شاء الله، سيجعلني بين الرجال الحقيقيين والشهداء. وقال محاميه خليل الدليمي إن الرسالة كتبها صدام عند إصدار حكم الإعدام بحقه في الشهر الماضي. تثبيت الحكم والتنفيذ في 26 ديسمبر 2006 أصدرت الهيئة التمييزية في المحكمة الجنائية العراقية العليا قرارها القاضي بتثبيت حكم الإعدام على صدام حسين وبرزان إبراهيم وعواد حمد البندر وأوصت بتشديد الحكم على طه ياسين رمضان وهكذا أصبح لزاما على الحكومة العراقية تنفيذ حكم الإعدام شنقا على صدام ورفاقه خلال ثلاثين يوما تبدأ في 26 ديسمبر 2006. وفي الساعة الخامسة وخمسة واربعين دقيقة من فجر يوم السبت الموافق 30 ديسمبر 2006 م الموافق للعاشر من شهر ذي الحجة 1427 ه - في اليوم الأول من عيد الأضحى المبارك - تم تنفيذ حكم الإعدام شنقا على الرئيس العراقي السابق صدام حسين. وبُثت مقاطع مسربة من عملية الإعدام على العديد من القنوات الفضائية.