شارك الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية، اليوم الخميس في الندوة التثقيفية التي نظمتها القوات المسلحة بمناسبة الذكرى الثالثة والأربعين لانتصارات أكتوبر المجيدة. وألقى الرئيس السيسي كلمة بهذه المناسبة استهلها بتوجيه التحية والتقدير والاحترام لكل شهداء مصر الذين ضحوا بحياتهم فداءً للوطن، وكذا لأسرهم الذين قدموا أبنائهم في سبيل مصر، مشيداً بما غرسته أمهات الشهداء في أبنائهن من قيم واخلاق، وقيامهن بتقديم أغلي ما يملكونه من أجل الوطن. وأفاد المتحدث باسم رئاسة الجمهورية السفير علاء يوسف بأن الرئيس السيسي استعرض -في كلمته- ثوابت السياسة الخارجية المصرية، مجددا تأكيد ما سبق أن أعلنه بوضوح في خطاب التنصيب، وأكد انتهاج مصر سياسة خارجية تتسم بالاعتدال والتوازن والانفتاح والتسامح واستقلالية القرار، منوهاً بأن تبني هذا النهج في سياسة مصر الخارجية يأتي عقب صياغتها مع فريق عمل متكامل وبعد الاستفادة من تجارب مصر السابقة في مختلف العصور، فضلاً عن دراسة تجارب الدول الأخرى، والتي أدت الممارسات الخاطئة لبعضها إلى تدميرها. كما أكد الرئيس في هذا الإطار حرص مصر على عدم التدخل في شئون الدول الأخرى وعدم التآمر عليها، مشدداً على أن سياستها تدعو دائماً إلى الاستقرار والسلام. وأوضح الرئيس أنه حرص على توضيح هذا الأمر في ظل ما تناوله البعض على مدار الأسبوعين الماضيين، فيما يتعلق بعلاقة مصر بإثيوبيا، وأشار إلى حرصه على التأكيد للمسئولين الإثيوبيين على أن مصر تتمني الخير للجميع وتسعي إلى تحقيق المصالح المشتركة للشعبين، ولا تقف أمام المصالح الإثيوبية، مع الحفاظ على المصالح المصرية وحقها التاريخي في مياه النيل باعتباره مسألة حيوية لمصر. وقال رئيس الجمهورية إنه أكد على تلك الرسالة منذ أول لقاء مع رئيس الوزراء الإثيوبي، وكذا خلال خطابه أمام البرلمان الإثيوبي. وأشار إلى أهمية التحسب لما تتناقله وسائل الإعلام، لاسيما فيما يتعلق بالشائعات التي تروج لقيام مصر بدعم المعارضة في اثيوبيا، مشدداً على أن مصر لم ولن تتخذ أي إجراء للتآمر على اثيوبيا أو إثارة القلاقل فيها. وأعرب الرئيس السيسي عن أمله في أن تصل هذه الرسالة بوضوح إلى الأشقاء في اثيوبيا لتبديد أي شكوك تكون قد تولدت لديهم نتيجة تلك الشائعات المغرضة، وأشار إلى أن مصر ستواصل تعاونها مع الأشقاء الإثيوبيين بما يحفظ مصالح مصر المائية. وعلى صعيد التجاذبات والتصريحات الإعلامية التي شهدتها الأيام الماضية بشأن علاقات مصر بأشقائها بدول الخليج، أكد الرئيس السيسي مجدداً على عدم قدرة أحد على المساس بما يربط مصر بأشقائها في الخليج من علاقات تاريخية وثيقة، مشدداً على أن مصر تتبني سياسة مستقلة تهدف إلى تحقيق الأمن القومي العربي من خلال تبني رؤية وطنية. وأعاد السيسي تأكيد على موقف مصر الثابت إزاء الأزمة السورية، والذي يشمل العمل على إيجاد حل سياسي للأزمة الراهنة، والحفاظ على وحدة الأراضي السورية، واحترام إرادة الشعب السوري، فضلاً عن نزع أسلحة الجماعات المسلحة وإعادة إعمار سوريا. وقال إن تصويت مصر على القرارين اللذين طُرحا مؤخراً في مجلس الأمن جاء على أساس تلك الثوابت، أخذاً في الاعتبار أنهما تضمنا الدعوة إلى تطبيق الهدنة في سوريا وإدخال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المنكوبة، وهو ما يؤكد عدم وجود تناقض في تصويت مصر لصالح هذين القرارين. ونفى الرئيس السيسي أن يكون إيقاف توريدات البترول السعودية إلى مصر قد جاء رداً على موقفها من التصويت في مجلس الأمن، مؤكداً أن الأمر يتعلق بعقد تجاري تم توقيعه خلال زيارة العاهل السعودي لمصر في أبريل الماضي، وأن الحكومة اتخذت بالفعل الإجراءات اللازمة لضمان وجود الاحتياطات الكافية من البترول. وأوضح المتحدث باسم الرئاسة أن الرئيس السيسي تطرق كذلك إلى الأحداث التي صاحبت يومي 30 يونيو و3 يوليو 2013، وأكد الرئيس أن ما تم اتخاذه من قرارات جاء نتيجة الإرادة الحرة للشعب المصري دون التنسيق مع أحد، بما يؤكد استقلالية القرار المصري. وأشار السيسي إلى وجود محاولات لتخريب علاقات مصر بالدول الأخرى من خلال بث الشائعات بهدف عزلها والضغط عليها، مؤكداً أن مصر لن تركع سوى لله وحده، وأن وحدة صف المصريين وتكاتفهم على قلب رجل واحد سيُمكّنهم من التغلب على جميع التحديات. كما أكد السيسي في هذا الإطار سعي الحكومة إلى توفير السلع الغذائية الأساسية للمواطنين، منوها بأن من لديه إرادة حرة عليه أن يواجه التحديات ويتحمل الصعاب، ضارباً المثل بالأم التي ضحت بأبنها الشهيد فداءً للوطن. ودعا الرئيس إلى أهمية توخي وسائل الإعلام المصرية الحذر فيما تتناقله من تقارير، مشيراً في هذه المسألة إلى أن قرار السودان بحظر استيراد المنتجات الزراعية المصرية جاء على أساس تقرير نشرته وسائل الإعلام المصرية بشأن مياه الري المستخدمة في زراعة المحاصيل المصرية، وهو أمر لم يثبت صحته. كما أشار الرئيس إلى حالات أخري تناولتها التقارير الإعلامية وأحدثت ضرراً بالمصالح المصرية، منها مقتل الباحث الإيطالي ريجيني، وسقوط الطائرة الروسية في سيناء. ولفت المتحدث باسم الرئاسة إلى أن الرئيس السيسي أعاد التأكيد في ختام كلمته على اعتزاز مصر بما يربطها بإثيوبيا من علاقات تعاون وأخوة، وكذا بعلاقاتها التاريخية بدول الخليج الشقيقة، وأن مصر تحرص على الحفاظ على الأمن القومي العربي، وتعتبر أمن دول الخليج جزءاً لا يتجزأ من أمنها القومي. كما أشار الرئيس إلى عدم توجيه مصر أي انتقادات للمسئولين الأشقاء عند التقائهم بمسئولي الدول التي تتعمد الإساءة لمصر، مؤكداً على احترام مصر لاستقلالية وسيادة كل دولة وعدم إساءتها حتى لمن يسئ إليها اقتناعاً منها بعدم أخلاقية هذا المسلك. واختتم الرئيس حديثه بتوجيه الشكر للقوات المسلحة، والتأكيد على أن مصر ستظل دوماً تتذكر تضحيات وبطولات شهدائها الأبرار من أبناء الجيش والشرطة الذين قدموا ومازالوا يقدمون حياتهم في سبيل حفظ الأمن ومواجهة الإرهاب والتطرف.