الغرب يسخر منا عندما نقول أن الحضارة المصرية القديمة عمرها 7000 سنة لأنهم يعدون أنها انتهت منذ ذلك التاريخ. وقد أكد الروائي التونسي كمال العيادي أن الحضارة الفرعونية بدأت منذ ما يقرب من 25 ألف سنة، ضمن ندوة مناقشة روايته الجديدة "نادي العباقرة الأخيار"، التي نظمها المقهى الثقافي بحضور كل من الناقد ربيع مفتاح والدكتور مدحت الجيار، وأدارها الكاتب محمد موسى. وقال العيادي: إن الرواية تعد انعكاسًا واقعيًّا لأحداث عاشها ما بين ألمانياوالقيروانبتونس ومصر، مشيرًا إلى تخوف العالم الغربي وأوروبا من الشرق ومن نهوضه مرة أخرى قائلًا: "لقد عشت في ألمانيا، ونادي العباقرة هو نادي موجود بالفعل ويضم عباقرة على مستوى العالم، وهؤلاء يكادوا يقدسون الحضارة المصرية القديمة لما كانت عليه من علم". وأوضح أنهم يصنفون العلوم إلى علم أبيض وآخر أسود، وأن المصريين القدماء منذ بدء حضارتهم استخدموا العلم الأسود، ووصلوا فيه لمرحلة لم يصل إليها العالم حتى الآن، وأنهم عندما قرروا عدم استخدام العلم الأسود واستخدام العلم الأبيض فقط، وكان ذلك قرار من الملك سنفرو والد الملك خوفو منذ 7000 سنة، ومنذ ذلك التاريخ اعتبر الغرب أنه تاريخ نهاية الحضارة الفرعونية القديمة، وأنهم يراقبون الشرق عن كثب لخوفهم من نهوض الشرق واكتشافه لمعرفة العلم الأسود والذي ب5% فقط من الجهد سيحققون طفرة. ودلّل العيادي على كلامه قائلًا: "إن الأقصر كانت المركز الروحي للعالم القديم، وإن من ينتمي لعقائد المصريين كان يتجه إلى الأقصر للعبادة، وهذا يفسر سبب وجود آثار في اليونان ومدن البحر المتوسط تشير إلى وجود المصريين القدماء". وأوضح العيادي أنه كتب الرواية من منطلق أسطورة توارثتها مدينة القيروان بأنه يظهر فيها عبقريًّا كل 100 عام، وأنه عالج الفكرة روائيًّا لتعكس المواجهة الجوهرية والأساسية بين الشرق المنهك بخموله والغرب اللاهث الموجوع بأمراض ابتعاده عن الروح". وعلّق الناقد ربيع مفتاح على الرواية قائلًا: "هذه الرواية تعد إطلالة على عديد من القضايا التي نعاصرها، وأن الرواية لا ترد على تساؤل ولا تقدم حلولًا، بل كانت دائمة الطرح للأسئلة والقضايا الكبيرة لتمهد الطريق لمناقشات لمن يأتي من بعده". وأشار مفتاح إلى أن القضية الأولى والأخيرة التي ظلت على مدار السرد الروائي هي قضية التعليم في الشرق، التي عبّر عنها الكاتب من خلال أبطال الرواية الثلاثة، وأضاف مفتاح: أشرف الحباشي وهو الراوي، لخص نهاية رحلته قائلًا لمعلمه عبد المنصف الوعيدي الشاعر الألمعيّ: "أنت فشلت" ويقصد به أنت فشلت في التعليم، ليعكس أن فشله كان فشل المنظومة العربية بأسرها. وقال الدكتور مدحت الجيار: "الرواية تضعنا أمام كاتب باحث وشاعر يكشف من خلال روايته سبل التعليم وطرقه وينتقده من خلال بطل الرواية، وتعكس الرواية من خلال الحوار بين أبطالها الثلاثة الخلاف الدائر بينهم، لكنها تكشف في الوقت ذاته عن شخصية السارد، والمختلف بصدق وأمانة، وأنه لخّص مشكلتنا العربية في التعليم عندما كتب في الرسالة الأخيرة أنه على من يريد أن يساهم في بناء هذا الوطن عليه أن يخرج من بلاده ويتجه إلى الغرب ويتعلم منه ثم عليه العودة ليساهم في بناء وطنه". من جانبها علقت الروائية سلوى بكر بأن الرواية تعكس الخلافات بين المثقفين وتفضح مجتمعهم في المقام الأول، وتعكس العوار الذي أصاب هذا المجتمع قائلة: "الرواية مهمة لسببين الأول لأنها تدور في القيروان ذات الخصوصية الشديدة، والتي ترتبط بمصر ارتباطًا روحيًّا، من خلال رحلة القبائل الهلالية التي ذهبت من مصر إلى تونس وعادت إليها مرة أخرى ورويت عنهم قصص السيرة الهلالية، أما السبب الثاني والأهم فلأن القيروان في تونس تعد مدينة الفقراء والمجانيين، وهي أيضًا مدينة الشعراء والمبدعين، أما عن تقنية الكتابة فهذه الرواية تفيض بشاعرية لغوية وتعد من أفضل ما كتب في السرد العربي".