أعلن المجلس القومي لحقوق الإنسان، أمس الخميس، في أعقاب زيارة وفد تابع له إلى سجن العقرب، شديد الحراسة، عدم وجود تعذيب داخل السجون المصرية. وفند عدد من أهالي معتقلي سجن العقرب هذه الادعاءات، معتبرين أنها أكاذيب بعد أن تم تهديد السجناء في حالة قول الحقيقة، على حد قولهم. وقالت إيمان محروس زوجة الصحافي أحمد سبيع - أحد المتحدثين السابقين باسم حزب الحرية والعدالة -، إن المحامين التقوا بزوجها وبالنزلاء الآخرين في المحكمة بعد زيارة الوفد، فأكدوا لهم أن إدارة السجن مرت على جميع السجناء السياسيين ب«العقرب»، وهددوهم إن ذكروا أية شكاوى للوفد أن تمنع عنهم الزيارة مجدداً وبتنكيل أكبر مما ذاقوه في الشهور الأربعة السابقة. وأكدت محروس في تصريحات لأحد المواقع التابعة لجماعة الإخوان المسلمين، أن جميع ما جاء في التقرير هو اختلاق، حيث أنهم ممنوعون من جميع الزيارات الاعتيادية ولا يسمح لهم إلا بالزيارة بعد تصريح النيابة، قائلة: «عندما نحصل على تلك التصاريح تسحبها إدارة السجن على البوابة بدعوى أنها مزورة، ولا يسمح بالدخول». وأشارت إلى أن السجناء السياسيين في «العقرب» يتعرضون لقتل بطيء، عن طريق تقليل الطعام ومنع الدواء، لافتة إلى أن العنبر الذي يتواجد به زوجها «H2»، حدثت به 3 وفيات خلال الفترة الماضية، وهو ما يثير شكوكاً حول حقيقة ما حدث في لقاء زوجها مع الوفد إن كان تم من الأساس. ومن ناحيتها، أوضحت منى زوجة أحمد عبد العاطي - مدير مكتب الرئيس المعزول محمد مرسي -، أنها لم تكن تتخيل أن سجن «العقرب» يختلف عن باقي السجون التي مرّ عليها زوجها في فترات سابقة، إلا أنه ومنذ نقله إليه في يناير 2014، بدأت معاناتنا بشكل مختلف طوال هذه الفترة الممتدة لما يقرب من سنة ونصف. وأكدت منى في تصريحات لموقع «هافينغتون بوست»، أن إدارة السجن تبدع في زيادة معاناة المسجونين وأسرهم، منذ يوم انتقالهم إليه، ففي الشتاء سحبوا منهم كل شيء، حتى ملابسهم وما ينامون عليه، وفي الصيف أبقوهم داخل الزنزانة الانفرادية معظم اليوم فيما يعرف ب«مدافن العقرب». وشددت على أن التضييق في الزيارات بدأ، عندما قرروا أن تكون من وراء حائل زجاجي، وعن طريق سماعة هاتف، فمنعوا السلام باليد حتى على الأطفال لمدة قاربت العامين، ثم منعت الزيارة ذاتها، رغم أن القانون يقر زيارة أسبوعية للأهل دون تصريح. وأضافت، «رغم طول المدة بين زيارة وأخرى، إلا أنه تم منع الزيارة 4 أشهر متواصلة، منذ رمضان الماضي، وفي المجمل لم أستطع زيارة زوجي طوال فترة تواجده بالعقرب إلا مرات قليلة، اثنين منهما في بداية حبسه بالسجن، الأولى استغرقت دقيقةً واحدة لاعتراض السجناء على الزيارة من خلف زجاج، والثانية بعد شهرين ثم منعت الزيارة عن زوجي شخصيا مدة 5 شهور، لتعنت نيابة شرق القاهرة التي منعت تصاريح الزيارة تماماً». وأوضحت أن تصريح الزيارة يسمح لثلاثة أشخاص بدخول السجن، ثم صدر قرار بمنع زيارة الأطفال لنزلاء العقرب، لتبدأ معاناة جديدة، حيث كان يتم إضافة الأولاد بالتناوب في تصريح الزيارة. وذكرت زوجة مدير مكتب الرئيس محمد مرسي أن يوم الزيارة يبدأ من الفجر، للتمكن من حجز مكان في الطابور الذي لا يقل طوله عن كيلومتر، ويضم زوار النزلاء الجنائيين والسياسيين، وبعد ساعتين من الانتظار يدخلون من الباب الخارجي للسجن لتسجيل الزيارة، ثم يسمحون لهم بالدخول بعد 3 ساعات إضافية من الانتظار ولا تتعدى مدة الزيارة بعد ذلك 3 دقائق ونصف. وتابعت: «جميع إجراءات إدارة السجن مخالفة للقوانين واللوائح، وكل شيء ممنوع، ويشمل ذلك الدواء والملابس المطابقة لمواصفات السجن وحتى كميات الطعام الصغيرة جداً لا يتم إدخالها». ونقلت منى عن زوجها ما قاله لها خلال الزيارة «نحن نعيش معاناة لا يمكن أن تقارن بمعاناة أي كان حي، فالطعام غير كافٍ، ولا سكريات على الإطلاق منذ 6 أشهر، والخروج من الزنزانة ممنوع ولا سيما للمحكوم عليهم بالإعدام». وقال عبد العاطي لزوجته «الطعام الذي يقدم لنا، على قلته، ليس صالحاً للاستهلاك الآدمي، وقد أصاب المئات باضطرابات في المعدة، وحين يسمحون لنا بشراء طعام من الكانتين بعد فترة المنع الطويلة، نجد الطعام فاسداً». وشددت على أن زوجها معرض في أي وقت لجلطات في القلب أو المخ، بعد منعه من أخذ دوائه، وقالت «المؤكد أنهم ينفذون القتل البطيء في حق جميع السجناء، وموت 4 قيادات داخل السجن حتى الآن يؤكد ذلك، وقد زاد تدهور الأوضاع خصوصاً في الفترة الأخيرة بعد شهر رمضان». ورفضت منى توجيه شكوى للمجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر، وقالت في رسالة للمؤسسات الحقوقية العالمية، «صدمنا صدمة كبيرة عندما اكتشفنا أن الإسلاميين ليس لهم ثمن في العالم، بل لا يعتبرونهم بشراً من الأساس، وصمتكم إدانة لكم»، مطالبة أن تكون هناك صرخة في العالم للسماح لسجناء «العقرب» أن يحظوا بحقوق الحيوانات في الخارج من أكل وشرب ورؤية ذويهم. واستطردت: «أملي أن يحتضن زوجي أبناءه وهو حي، قبل أن يحتضونه وهو ميت، وتذكروا ما قالته أسر قضية "عرب شركس"، وقولهم إنهم لم يتمكنوا من احتضان ذويهم منذ حبسهم إلا في المشرحة». ومن جانبها، أوضحت سلمى شقيقة الصحافي خالد سحلوب صاحب ال 23 عامآً، - أحد نزلاء «العقرب» -، المتهم في القضية المعروفة إعلاميا ب«خلية الماريوت»، أن شقيقها أضرب عن الطعام 120 يوماً احتجاجاً على ظروف احتجازه، فاستخدمت إدارة السجن كافة أساليب الضغط والتعذيب ضده لفك الإضراب، على حد قولها. وأوضحت شقيقته في تصريحات لأحد المواقع التابعة لجماعة الإخوان، أنه فقد خلال الأشهر الأربعة 30 كيلوغرام من وزنه، وبدأت معاناته مع أمراض المعدة والمريء والقيء المستمر وانخفاض ضغط الدم. وتابعت، «فور قبول النقض على حكم حبسه 7 سنوات، فوجئنا بعدم إخلاء سبيله، مثل باقي المتهمين في القضية ومنهم صحافيو الجزيرة، ولكن تم نقله إلى العقرب مرة ثانية في مارس 2015، ووضع في زنزانة تأديب يطلق عليها اسم H4 بصحبة معتقلين آخرين وتبلغ مساحتها مترين مربعين». أما إبراهيم العريان، نجل الدكتور عصام العريان، فروى على صفحته على «فيسبوك» تفاصيل زيارته الأخيرة لوالده تحت عنوان «نظرة وداع». وقال إنهم كانوا يجهلون مصير والدهم عند ذهابهم للزيارة بعد مدة المنع الطويل، ولكن بعد مشاهدته أدركوا أن هناك حالة انتقام «مرضي» من جميع الخصوم السياسيين للنظام، وأصبح من في السجن «جلداً على عظم بمعنى الكلمة»، على حد وصفه. وذكر أن والده مر عليه شهور لا يتناول أدويته، وقد تم نقله منذ رمضان إلى زنزانة مات فيها قبل أسابيع عضو الجماعة الإسلامية نبيل المغربي وهي موجودة في عنبر مات فيه اثنان آخران في نفس الشهر، وكأن الرسالة أن الدور على والده، على حد تعبيره.