قال قياديان بجماعة الإخوان المسلمين في مصر، إن رسالة «مبادرة» يوسف ندا، التي نشرتها الأناضول، تحتاج «مزيداً من التوضيحات»، في الوقت الذي قال فيه مصدر مقرّب من الجماعة، إن موقف الجماعة التنظيمي يصر على إنهاء مشهد الانقلاب كاملاً وإسقاط الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي. وأوضح قيادي سابق بالجماعة الإسلامية، وسياسي مؤيد للسلطات الحالية إلى أن الرسالة، لن تلقى استجابة لدى نظام السيسي، بما في ذلك الجيش. وأبدى ندا، المفوّض السابق للعلاقات الدولية في الجماعة، والذي لعب دوراً هاماً لأكثر من نصف قرن في وساطات دولية، استعداده لاستقبال من يريد الخير لمصر وشعبها، دون أن يذكر أنها بغرض الوساطة أو المصالحة لإزالة حالة الاحتقان بين الجماعة في مصر والسلطة القائمة. ومن جانبه، أعرب محمد سودان، أمين لجنة العلاقات الخارجية بحزب الحرية والعدالة «الذراع السياسية لجماعة الإخوان»، للأناضول عن اعتقاده أن الرسالة جاءت للتأكيد على مسألتين، وهي عدم التنازل عن الشرعية وهو الأمر الذي لا اختلاف عليه، وأن الإخوان ملتزمون بحل الأزمة السياسية بطريقة سلمية، لكن هذا يواجه مشكلة أن الرسالة لم تذكر ما نتفق عليه داخل التنظيم وهو أن السيسي لا يمكن أن يكون جزءاً من الحل. وأضاف القيادي الإخواني، المقيم في لندن، عبر الهاتف أنه كان يجب توضيح طبيعة الدور الذي يمكن أن يقوم به «ندا»، ومن هي الأطراف التي يخاطبها، نقدر كثيراً أن يوسف ندا وراشد الغنوشي يريدان إيقاف الاحتقان، لكن يجب أن نضع في اعتبارنا أن العسكر ليس لديه أي استعداد للحوار، ودليل ذلك المبادرات التي طرحت منذ فض اعتصام رابعة العدوية في 14 أغسطس 2013. ومن ناحيته، قال سمير الوسيمي؛ عضو أمانة الإعلام بحزب الحرية والعدالة، والمقيم بقطر، للأناضول «لا يمكن المزايدة على وطنية يوسف ندا، لكن رسالته تحتاج إلى مزيد من التوضيحات، خاصة أننا لم نطلع عليها، ولم تصدر عنا، ولا نعرف من هم المعنيون بإشارات الاستعداد لمقابلته، هل يقصد الجميع بما في ذلك نظام السيسي، أم يقصد غير المتورطين في الدماء؟». وتابع الوسيمي «لا نعرف ما إذا كان ندا تلقى اتصالات من أطراف في الداخل تطالبه بالتوسط، وهل لديه تواصل حالي مع تلك الأطراف، وهل هذه الأطراف محسوبة على الفصائل الثورية أم من جهة العسكر؟». وأستطرد أن «الرسالة لم تقدم جديدا بالنسبة لنا، فهذا ما نقوله منذ عامين، وينقصها الكثير من التوضيحات، وكنا نأمل أن تصدر بتشاور مسبق مع جميع فصائل الثورة، بما فيها جماعة الإخوان، فلا أحد يتجاوز الثوار على الأرض». من جانبه، قال مصدر مقرب من دوائر صنع القرار بجماعة الإخوان إنه لم تُعرض على جماعة الإخوان مصالحة حقيقية واحدة حتى الآن، منذ الانقلاب "يقصد الإطاحة بمحمد مرسي، أول رئيس مصري منتخب في 3 يوليو 2013" ولكنها أحاديث متداولة بين رافض ومؤيد، وسيبقي موقف الجماعة التنظيمي في هذا الشأن واضحًا، لا مصالحات ولا تفاهمات إلا بإنهاء مشهد الانقلاب كاملا وإسقاط السيسي». وأوضح المصدر الذي فضّل عدم ذكر اسمه، للأناضول أن «قيادات الجماعة لم تطّلع علي رسالة ندا، ولم تناقشها، وهي لم تطلب منه طرح موقفه هذا، ولكن لا تمانع أن تتخذ شخصيات وطنية مثله ندا موقفًا في صالح الوطن، بما لا يخالف ثوابت ثورة يناير 2011 ومطالبها، ومطالب المتظاهرين في الشوارع المتمثّلة بإسقاط الانقلاب نهائيا». وتشهد جماعة الإخوان في مصر، منذ قرابة شهرين، أزمة داخلية، ظهرت للعلن، وتمخضت عن وجود قيادتين للجماعة "مكتب الإرشاد القديم ومكتب الإرشاد الجديد"، أرجعته مصادر لوكالة الأناضول إلى الخلاف حول مسار مواجهة السلطات الحالية، وحديث البعض عن التصعيد والقصاص، مقابل إصرار آخرين على السلمية كوسيلة للتغيير. على الجهة المقابلة، قال القيادي السابق بالجماعة والمؤيّد للسلطات الحالية، ناجح إبراهيم، للأناضول «أكثر شخص يستطيع اتخاذ قرار التفاوض داخل جماعة الإخوان هو يوسف ندا، حيث أن له تأثيرًا على قيادات الداخل والخارج معًا، ويمكن أن يساعد في تقريب وجهات النظر بين النظام والإخوان، لكن للأسف هذه الرسالة كتب لها الفشل لأنها اتبعت خطاب الخصام وليس الصلح». وأضاف ابراهيم، في تصريح عبر الهاتف، أنه «كان يجب على الخطاب أن يخلو من لغة الاتهام والتخوين، لأنه ليس منطقياً أن يقول في النهاية أنه على استعداد لاستقبال من يريد الخير بينما هو يقوم بتخوين خصمه واتهامه»، متوقعاً «عدم استجابة مؤسسات الدولة بما فيها الجيش لرسالة ندا وعدم حدوث تجاوب سياسي معها». وكان ندا، خاطب في رسالته، من أسماهم «المخلصين من أبناء الجيش المصري»، قائلًا: «إن تمسكنا بالشرعية هي لحمايتكم وحمايه ذريتكم وأبناء مصر جميعاً من المصير الذي تجرفنا هذه الفئة إليه». واستدرك ندا، البالغ من العمر 84 عامًا ويعيش خارج مصر منذ سنوات «أنا لا أدّعي أن الجيش المصري فاقد الوطنية وفاسد، ولكن أقول بوضوح أن بعض قياداته المتحكمة فيه هي كذلك». وتابع: «إن كان منكم من يريد إعادة ترتيب الأوراق، والتجاوب مع حقوق هذا الشعب ومصالحه، فليس هناك شرعية أخرى تقف أمام ذلك أو تعارضه، ولا بد أن تكون هناك وسائل كثيرة لتثبيت الشرعية في فترات تختلف عن الوسائل في فترات أخرى»، دون أن يعطي مزيدًا من التوضيح.