باحثة ل"محيط": عبدالناصر أفضل رؤساء مصر في الكاريكاتير العبري في الكاريكاتير..السادات "ممثل قزم".. والسيسي "زعيم الأمة" الصهاينة اخترعوا شخصة "تشاروليك" الكاريكاتيرية لتصبح رمز إسرائيل استضافت الجمعية المصرية للكاريكاتير مساء أمس الأحد ندوة عن "صورة الزعيم جمال عبد الناصر في الكاريكاتير بالصحف الإسرائيلية"، تحدث بها د.نجوى المصري الأستاذة بكلية التربية الفنية بجامعة حلوان، ود.جمال رفاعي رئيس قسم اللغات السامية بكلية الألسن بجامعة عين شمس، وقبل بدء الندوة تم افتتاح معرض الفنان إبراهيم حنيطر عن الإرهاب. في كلمتها أوضحت د.نجوى أن زوجها د. جمال أستاذ الأدب العبري كان يبحث في صحف إسرائيل عن فترة عبدالناصر وكيف تناولتها إسرائيل وترجم عديد من الكاريكاتير، وفي مؤتمر عقدته كلية الألسن، قررنا المشاركة بهذا البحث. ولفتت الباحثة إلى أن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر من أكثر الرؤساء الذين تناولهم الكاريكاتير في إسرائيل بشكل يومي، مسيرة إلى أن الصحف الإسرائيلية كانت أحيانا تقتبس كاريكاتير من الصحف الألمانية والأمريكية، لإعادة نشره في صحفهم. وكان أكثر الكاريكاتير الإسرائيلي- تواصل الباحثة - يتناول علاقة عبدالناصر بالرؤساء العرب، والعلاقة بين الاتحاد السوفيتي ومصر، مشيرة إلى أن البحث يشمل فترة 1967 حتى وفاة عبدالناصر. عرضا الباحثان عدد من الكاريكاتير الإسرائيلي الذي يتناول عبدالناصر، وأشارا إلى أن فنان الكاريكاتير الإسرائيلي حريص على إعاذة إنتاج التراث اليهودي بما يتماشى مع الواقع، ولفتا إلى أن تجربة خروج اليهود من مصر يتحكم في كثير من الكاريكاتير الذي يتناول عبدالناصر. ففي أحد الكاركاتيرات - كما يشير د.جمال - تم تصوير عبد الناصر بأنه فرعون مصر الذي أخرج اليهود وطردهم، وكاريكاتير آخر يتحدث فيه فرعون مصر إلى عبدالناصر قائلاً: اسمع يا جمال دع اليهود يخرجون، وكأنه استدعاء لمصير فرعون الذي غرق حين لم يسمح لليهود بالخروج. كاريكاتير آخر يستدعى التراث اليهودي، ويتحدث عن إحدى الضربات العشر في التوراة، وهي ضربة الظلام، حيث يظهر الكاريكاتير عبد الناصر يعيش في إظلام تام، بعد نجاح عملية نجع حمادي التي نفذتها إسرائيل لضرب محولات الكهرباء، وكأن ما تفعله إسرائيل هو ما فعله الإله حين عاقبهم بالظلام، وفي الكاريكاتير يظهر عبدالناصر وعلى أذنه قفل، وكأنه يغلقها ولا يستمع لأحد. وأشارت د.نجوى إلى أن الكاريكاتير الإسرائيلي جاء مواكباً للأحداث السياسية بشكل يومي، فحين حاولت مصر فتح الملاحة في قناة السويس بعد نكسة 67، كانت السخرية هي العامل المشترك في الكاريكاتير الإسرائيلي، فيصور أحد الكاريكاتيرات عبدالناصر يعوم في "البانيو" الخاص به، ويحرك مراكب ورق، وكأنه يقود الملاحة. كاريكاتير آخر يصور الرئيس الراحل وكأنه يعيش في سجن كبير حيث تسجنه أوهامه وطموحاته. وتعليقاً على إعادة افتتاح الملاحة أيضاً، يظهر كاريكاتير أن عبدالناصر يحاول أن يصطاد في القناة، بينما أحد الإسرائيليين يمسك بمقص طويل ولا يسمح لناصر بالصيد، وجاء التعليق على الكاريكاتير: إنك لست بحاجة الى موافقتي لعبور السفن في قناة السويس فأنا لن اتركك حتى تصطاد!. ويشير كثير من الكاريكاتير كما أوضح الباحثان، أن إسرائيل دولة قوية وطموحة، ودولة سلام تقبل المفاوضات، بينما عبد الناصر يرفض مفاوضات الأممالمتحدة، أيضاً تناول الكاريكاتير الإسرائيلي القمة العربية التي عقدت في السودان، وتم إظهار مفتي القدس على عمامته علامة النازي، في اتهام صريح للإسلام بالنازية، كذلك الملك حسين يضع علامة الجنيه الاسترليني على الغترة التي يرتديها في إشارة إلى أن والدته إنجليزية. في 8 ديسمبر 1967 يستعرض أحد الكاريكاتيرات إلقاء إسحاق رابين لأحد الدبابات المصرية في سلة المهملات وهو يتحدث مع أحد الجنود الإسرائيليين، في إشارة لتفوق إسرائيل على مصر في حرب 67. ولفتت د.نجوى إلى أن إسرائيل كانت تتعمد أن تصور في الكاريكاتير عبدالناصر بشكل يدل على غروره، فدائماً يتم رسمه بجسم ضئيل ورأس كبيرة، في إشارة إلى أن قدراته محدودة لكنه يرى أنه عبقري. مشيرة إلى أن تدمير "إيلات" احتل كثيراً من الكاريكاتير الإسرائيلي، فبعد تدميرها نشروا كاريكاتير لعبد الناصر يمسك بقنبلة روسية بإحدى يديه، ويده الأخرى تدمر "إيلات"، ورسم آخر استدعى شخصية "ايفان الرهيب" وهو شخصية روسية اضطهدت اليهود، صوره الرسم يعطي السلاح لعبد الناصر لتدمير "إيلات". وعن "إيلات " أيضاً، يشير د.جمال إلى أحد ارسوم يصور عبدالناصر وكأنه قرصان يجلس على برميل وقود لتدمير ايلات، كاريكاتير آخر عن الضباط الاسرائيليين الناجين من تدمير "إيلات"، يحكي "ليلة الرعب" التي عايشوها، ليؤكد الباحث أن هذه العملية أعادت هيبة مصر من جديد لدى إسرائيل. ورسوم أخرى - كما يشير د.جمال - تبرز العلاقة بين عبدالناصر والاتحاد السوفيتي الذي ظل يؤيد عبدالناصر رغم هزيمته، حيث يبرز أحد الرسوم عبدالناصر مهزوماً في حلبة مصارعة من أحد الإسرائيليين، وعلى الرغم من انهيار ناصر المهزوم إلا أن الحكم الروسي يعلنه فائزاً، وجاء في التعليق على الكاريكاتير: قواعد اللعبة الجديدة!. وتوضح الباحثة أنه على الرغم من السخرية من عبدالناصر في الكاريكاتير الإسرائيلي، إلا أنه كان ذو هيبة في نفوسهم ويعتبرونه شخص قوي، وهذا يبرر كما تقول الظهور المتكرر له بشكل يومي في صحف إسرائيل. وعرض الباحثان لكاريكاتير آخر يبرز عدم اتفاق العرب على شئ، حيث يصورهم الرسم يستقلون سيارة وكل منهم يشير في اتجاه يجب أن تسلكه السيارة. كذلك أوصح الباحثان أن الفكر الصهبوني قائم على اختراع الكراهية، لذلك صور أحد الرسوم عبد الناصر يسير في طريق كراهية إسرائيل والملك فيصل يسير على خطاه. أما في 16 يونيو 1967 فأحد الكاريكاتيرات يصور عبدالناصر عارياً عند حائط المبكى وآثار المعركة تبدو عليه، وهو أحد الرسوم المقتبسة من صحيفة "الديلي اكسبريس"، وأعادت الصحف الإسرائيية نشرها، وفي عام 1969 يمنح عبدالناصر - في أحد رسوم إسرائيل - يمنح المصريين شهادة التخرج من كلية القتل. ولفتا الباحثان إلى أن إسرائيل أعدت بحثاً مقارناً عن صورتها في الكاريكاتير المصري، وأظهرت كيف أن الجندي الإسرائيلي يداس بالبيادة المصرية. روى د.جمال أن شغفه بدراسة ما يتعلق بالفن الإسرائيلي، جاء عملاً بمقولة "اعرف عدوك"، قائلاً أن هناك مشهد في طفولتي لا زال حاضرا في ذهني يحكم علاقتي بإسرائيل إلى الآن، ففي عام 1969 في العاشرة من عمري استيقظت على صوت رعب والدي لأن إسرائيل ضربت القاهرة، هذا الطفل الذي كنته هو نفسه الذي حركني لمعرفة ماذا حدث. يواصل: في النكسة والدتي انفجرت في البكاء حين دخل اليهود القاهرة، كنت ارغب في معرفة كيف يروننا، وكيف يرسموننا، وعلى الرغم من الهزيمة إلا أن أخبار مصر وعبد الناصر كانت في الصفحة الأولى، لم يتعاملوا معنا باعتبارنا دولة مهزومة، فقد خسرنا معركة، لكن عبد الناصر كان ملء السمع والبصر. ورداً على سؤال "محيط" حول شكل رؤساء مصر بعد عبدالناصر في الكاريكاتير الإسرائيلي، قال د.جمال أنه شتان بين صورة عبدالناصر والسادات في الكاريكاتير لديهم، فقد كان السادات "قزماً" في رسوماتهم، وكان "ممثلاً"، أما مبارك فقد سخروا منها، والآن الرئيس السيسي يعيد لمصر هيبتها وهذا واضحاً في الكاريكاتير عندهم، حيث يتم تصويره بأنه جنرال قوي يعاملونه وكأنه زعيم الأمة. يواصل الباحث ل"محيط": أن صورة السادات لم تتغير كثيراً بعد نصر أكتوبر في الكاريكاتير الإسرائيلي، فالسادات برأيي قلل من شأن مصر في المنطقة ودخل في تحالفات قللت من قيمة مصر، حيث تحالف مع الجماعات الإسلامية، وأحدث ردة على إنجازات عبد الناصر، وألقى بكل أوراق اللعبة في يد أمريكا، كما أنه لم يترك لنفسه أوراقاً يتفاوض بها، مؤكداً أن مصر سظل مركز اهتمام الإعلام ومراكز البحوث الإسرائيلية التي تتابع بشغف ما يحدث في مصر. من جانبها قالت د. نجوى في تصريحات ل"محيط" أن صورة الرئيس السادات في الكاريكاتير الإسرائيلي لم تتغير كثيراً بعد توقيع معاهدة السلام، فقد كان بعض الصهاينة يرون أن هذا حيلة من السادات لتحرير الأرض المصرية، حتى أنهم صوروه في رسومهاتهم وكأنه "راقصة" ترقص للرئيس الأمريكي كارتر، وجانب آخر كان يرى أن السلام سيعم بالخير على المنطقة. وترى د. نجوى أن توقيع اتفاقية السلام، رغم تحقيق بعض المكاسب السياسة إلا أن مصر أضيرت بسياسة الانفتاح التي أقرها السادات، بعد توقيع الاتفاقية. ولفتت الكاتبة إلى أنها بصدد إعداد هذا البحث عن صورة عبدالناصر في الكاريكاتير الإسرائيلي ليصبح كتاباً يضم أيضاً نظرة على الفن بشكل عام في إسرائيل، ائلة أن فن الصورة يحتل مكانة بارزة لديهم، والدليل على ذلك توصيات المؤتمر الصهيوني الذي عُقد عام 1901 بإنشاء مدرسة للفنون، واعتبر أن ذلك أهم من إنشاء مئة مستوطنة، وبالفعل عملوا مدرسة قائمة على تقاليد شرقية وغربية لتجمع اليهود من الشرق والغرب، لأن الصورة مهمة في الإلحاح على ذهن المتلقي فهم جنسيات مختلفة، كانوا يريدون الهجرة إلى فلسطين واحتلالها، حتى أن الفنان افرايم موشيه ليليان تناول الخروج من بابل ومصر وغيرها وكيف أن أرض الميعاد - حسب زعمهم - تدعوهم إلى الهجرة كل هذا بالصورة، التي يتم ستغلالها جيداً وارتويج لها ككروت سياحية، وطوابع. تواصل: ليس هذا فقط، فقد تم اختراع شخصية "تشاروليك" لتواجه شخصية "حنظلة" العربية التي اخترعها الفنان الفسطيني الراحل ناجي العلي، واعتبروا أن "تشاروليك" هو رمز لدولة إسرائيل مثل الدب الروسي، والعم سام الأمريكي. هذه الشخصية التي تتحمل كثيراً مثل الصبار، ففي أحد الكاريكاتيرات يرسمونه تحاصره السهام من كل الجهات، ويعلق قائلاً: أنا وجيراننا!، في الإشارة إلى الدول العربية. واعتبرت الباحثة أن صورة عبدالناصر كانت الأفضل في الكاريكاتير الإسرائيلي عن باقي رؤساء مصر