اعتبر خبراء في القانون الدولي؛ أحكام الإعدام الصادرة بحق عدد من القياديين في حزب الجماعة الإسلامية في بنغلاديش؛ بأنها "قرارات سياسية" تنتهك حقوق الإنسان، وتضرب بعرض الحائط قواعد القانون الدولي. وعاد الجدل الدائر حول محكمة جرائم الحرب الدولية التي تأسست في بنجلاديش - في عام 2010 للتحقيق بجرائم الحرب إبان حرب الاستقلال عام 1971 - إلى الواجهة عقب رفض الأخيرة، في 6 من نيسان/ أبريل الجاري، الطعن الأخير الذي تقدم به مساعد الأمين العام لحزب الجماعة الإسلامية "محمد قمر الزمان". وفي حديث مع مراسل الأناضول، قال "حسني تونا" - عضو اتحاد المحامين الدولي، المكون من حقوقيين من 32 بلدًا ومقره اسطنبول - : "إن المحاكم الدولية هي تلك التي تحظى بالمشروعية لدى المجتمع الدولي، إلا أن المحاكمات في محكمة جرائم الحرب الدولية ببنغلاديش؛ تجري عن طريق قضاة تعينهم الحكومة البنغالية". وأفاد تونا أن المحكمة المذكورة لا تتمتع بالمشروعية من ناحية طريقة عملها وهيكليتها، كما أنها لا تتبع أية قواعد للعقوبة أو المحاكمة، سواء على الصعيد الدولي أو المحلي. ولفت إلى الدور السياسي للمحكمة، قائلًا: "إنها تهدف من خلال قرارات إعدام قياديي الجماعة الإسلامية؛ إلى عزل الجماعة سياسيًّا واجتماعيًّا". وأضاف أن الحزب الحاكم "يعمل من خلال هذه الآلية على تصفية خصومه السياسيين وتحييدهم، وتحقيرهم في عين المجتمع، عبر إظهارهم وكأنهم مجرمي حرب". وأشار إلى أن الدعاوى في المحكمة تسير في إطار القواعد التي تضعها كل من قيادة الحزب الحاكم ووزارة العدل وبعض المدعين العامين، موضحًا أن المحاكمات لا تتوافق وحقوق الإنسان الدولية. من جانبه، قال عضو اتحاد المحامين الدولي "ياسين شاملي"؛ إنهم شكلوا وفدًا للإطلاع على سير المحاكمات بمحكمة جرائم الحرب الدولية في بنغلاديش، والاستماع إلى جميع الأطراف والمعنيين، وتحديد مخالفات القانون الدولي وانتهاكات حقوق الإنسان إن وجدت، مؤكداً أن الوفد أجرى زيارة تفقدية للمحكمة. وأفاد شاملي أن من صلاحية كل بلد التحقيق في جرائم الحرب ومحاكمة مرتكبيها، مضيفًا: "لكن الاستقلال لا يمنح أي دولة حق انتهاك حقوق مواطنيها وظلمهم وإعدامهم دون محاكمة". ولفت إلى أن الحكومة البنغالية أطلقت على تلك المحكمة؛ اسم "محكمة جرائم الحرب الدولية، إلا أنه لا يمكن الحديث عن محاكمة حيادية ومستقلة وعادلة، في ظل تدخل القوى السياسية في عملها، وأكد على ضرورة تحديد مجال عمل المحكمة، وتعيين قضاة مستقلين ومحايدين في هيئتها، مضيفًا: "يجب إجراء المحاكمات أمام مراقبين دوليين". ومضى قائلًا: "لا يمكن إجراء محاكمة وفقًا للمعايير الدولية في محكمة؛ يكون كل من القاضي والمدعي العام ولجنة التحقيق معيّنون فيها من قبل الحكومة، والمتهمون هم أعضاء حزبين سياسيين معارضين للحكومة". يُذكر أن منظمة "هيومان رايتس ووتش" دعت إلى تأجيل حكم الإعدام بمحمد قمر الزمان؛ بدعوى أن المحاكمة لم تكن شفافة، ولم يجرِ الاستماع إلى كافة الأطراف بالشكل الكافي. وحكمت محكمة جرائم الحرب الدولية في بنغلاديش؛ على ستة من قياديي الجماعة الإسلامية بالإعدام وهم: مساعد الأمين العام لحزب الجماعة الإسلامية في بنغلاديش "أزهر الإسلام"، و"أبو الكلام آزاد"، و"محمد قمر الزمان"، و"عبد القادر ملا" - أُعدم في 12 ديسمبر/ كانون الأول 2013 - إضافة إلى "موتيور رحمن نظامي"، و"مير قاسم علي". وتوفي الزعيم السابق للجماعة الإسلامية في بنغلاديش "غلام عزام" (92 عاما) - يوم 23 أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي - في السجن، بعد إدانته بارتكاب جرائم حرب.