قال العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إن "تهديد التطرف تهديد عالمي وأثره لا ينحصر في سورياوالعراق فقط"، مضيفا، "إننا نواجه حربا ضد أيديولوجية توسعية تتغذى على الكراهية، وترتكب القتل باسم الله تعالى والدين لتبرير شرور لا يقبل بها أي دين". وأضاف العاهل الأردني في كلمة له أمام البرلمان الأوروبي بمدينة ستراسبورج الفرنسية اليوم الثلاثاء والتي نقلها بيان للديوان الملكي الأردني "علينا أن نتذكر أن التعايش القائم على الاحترام المتبادل يُصنع بأيدي البشر، ويجب ترسيخه من جديد مع كل جيل، ولا وسيلة لحماية المجتمعات، إلا باليقظة والعمل الجاد، وهذا يتطلب ما هو أكثر من مجرد تدابير أمنية، إذ أنه على الإنسانية أن تسلّح نفسها بالأفكار والمبادئ، وبالعدل، وإشراك الجميع اقتصاديا واجتماعيا". ومضى قائلا " إن ما ارتكبته عصابة داعش الإرهابية من قتل وحشيّ لطيارنا البطل ( النقيب معاذ الكساسبة الذي قضى حرقا على يد تنظيم داعش أوائل الشهر الماضي) قد أغضب جميع الأردنيين والأردنيات، وروَّع العالم". وفي شهر فبراير/شباط الماضي، أعلن "داعش" عن إعدام الطيار الأردني معاذ الكساسبة حرقاً وهو على قيد الحياة، وذلك بعد أسره عقب إسقاط طائرته الحربية التابعة للتحالف بالقرب من محافظة الرقة السورية في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي. وقال العاهل الأردني " كان ردّ الأردن على هذه الجريمة سريعا وجادا وحازما، وسوف تستمر معركتنا، لأننا، ومعنا دول عربية وإسلامية، لا ندافع فقط عن شعوبنا، بل عن ديننا الحنيف، فهذه معركة على الدول الإسلامية تصدرها أولا، فهي قبل كل شيء حرب الإسلام " . ومنذ أغسطس/ آب الماضي، يشن الأردن بالتعاون مع دول التحالف العربي- الدولي الذي تقوده الولاياتالمتحدة غارات جوية مكثفة ضد "داعش" في كل من العراقوسوريا، وكثف الجيش الأردني من غاراته الجوية على معاقل "داعش" بعد إقدام التنظيم "داعش" على إعدام الكساسبة. وقال الملك الأردني "علينا أن نرى تهديد التطرف على حقيقته، فهو تهديد عالمي، وأثره لا ينحصر في سورياوالعراق فقط، إذ طال عدوانه ليبيا واليمن وسيناء ومالي ونيجيريا والقرن الإفريقي وآسيا والأمريكيتين وأستراليا، وقد تعرضت أوروبا أيضاً لهجمات جبانة واجهتها بشجاعة لا تلين"ز وأضاف "نقول لكم اليوم: إن أصدقاءكم معكم، ففي كانون الثاني، كنت أنا ورانيا ( عقيلته - ويشير هنا إلى مشاركته في المسيرة المليونية التي جرت في فرنسا تزامنا مع أحداث شارلي ايبدو ) مع ملايين الناس في فرنسا في وقفة تضامن وتنديد بالعنف والإرهاب ". وفي شهر يناير/كانون الثاني الماضي، قتل 12 شخصًا، بينهم رجلا شرطة، و8 صحفيين، وأصيب 11 آخرون، ، في هجوم استهدف مقر مجلة "شارلي إيبدو" الفرنسية، أعقبته هجمات أخرى أودت بحياة 5 أشخاص خلال الأيام الماضية، فضلًا عن مصرع 3 مشتبه بهم في تنفيذ تلك الهجمات. العاهل الأردني قال "إننا اليوم نخوض حربا مماثلة، حربا ضد أيديولوجية توسعية تتغذى على الكراهية، وترتكب القتل باسم الله تعالى والدين لتبرير شرور لا يقبل بها أي دين إنها بلا شك حرب ضد إرهابيين ينتهكون قيم الإسلام والإنسانية". وأضاف أن "اليوم، بات انتصارنا يعتمد على وحدتنا، فدور أوروبا حيوي في حسم هذا الصراع، ولا سبيل إلا التعاون فيما بيننا لسد منافذ الدعم للإرهابيين وإحباط وهزيمة مخططاتهم الشريرة". ومضى قائلا إنه "من الضروري بمكان أيضا أن نعمل على تعزيز مصادر القوة التي تجمعنا، ألا وهو الاحترام المتبادل الذي يربط بيننا ويديم علاقتنا، ويجب أن نزرع في شبابنا خصوصا القيم التي ترفض العنف وتصنع السلام وتبني المجتمع الذي يحتضن الجميع بلا تفرقة ". واعتبر العاهل الأردني أن "السلم والوئام العالميين يشكلان منظومة دولية تكفل الحقوق والاحترام لجميع الشعوب، إلا أنني أتعرض للسؤال التالي، مرارا وتكرارا، ومفاده: لماذا لا يدافع العالم عن حقوق الشعب الفلسطيني؟ فمرة تلو الأخرى، تنتكس عملية السلام لتتوقف وتتجمد، واسمحوا لي أن أصف لكم الوضع القائم على حقيقته: فهناك تزايد في بناء المستوطنات الإسرائيلية، وتراجع في احترام حقوق الشعب الفلسطيني الذي يرزح تحت الاحتلال ". وقال إن "الأردن يأخذ التزاماته الأخلاقية تجاه الآخرين بمنتهى المسؤولية، فعلى الرغم من الموارد الشحيحة، فتح الشعب الأردني ذراعيه لاستقبال اللاجئين الفارين من العنف في المنطقة، وقد استقبل الأردن آلاف المسيحيين العراقيين السنة الماضية، فضلاً عن توفير المأوى ل 1.4 مليون لاجئ سوري خلال السنوات القليلة الماضية، والذين يشكلون 20% من السكان". وأضاف "هذا الواقع يماثل قيام فرنسا باستضافة كل سكان بلجيكا، فبلدي الصغير، الأردن، قد أضحى الآن ثالث أكبر مضيف للاجئين في العالم، ونقدّر عاليا جهد كل أولئك الذين يعينوننا في أداء هذه المسؤولية الدولية". ويعتبر الأردن، الذي يزيد طول حدوده مع سوريا عن 375 كم، من أكثر الدول استقبالا للاجئين السوريين الهاربين من الحرب، والأكثر تأثرا من أزمة اللجوء هذه. ويوجد في هذا البلد العربي ما يزيد على مليون و300 ألف سوري لاجئ وغير لاجئ، منهم 750 ألف دخلوا أراضيه قبل اندلاع الأزمة السورية بحكم النسب والمصاهرة والمتاجرة.